موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب حقائق عن التصوف

للشيخ عبد القادر عيسى الحسيني الشاذلي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


2 - وأما من السنة

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (المراد: يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدوا وعشيا وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله، ذكر الله تعالى) (١).

وقال مجاهد: (لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضجعا) (٢).

وجميع العبادات يشترط لصحتها شروط إلا ذكر الله تعالى، فإنه يصح بطهارة وغيرها وفي جميع الحالات: في القيام والقعود ... وغيرها.

ولهذا قال النووي: (أجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والدعاء ونحو ذلك) (٣).

فالذكر صقال القلوب، ومفتاح باب النفحات، وسبيل توجه التجليات على القلوب، وبه يحصل التخلق، لا بغيره. لذلك فالمريد لا يصيبه غم أو هم أو حزن إلا بسبب غفلته عن ذكر الله، ولو اشتغل بذكر الله لدام فرحه وقرت عينه، إذ الذكر مفتاح السرور والفرح، كما أن الغفلة مفتاح الحزن والكدر.

٢ - وأما من السنة:

١ - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:

__________

(١) الفتوحات الربانية على الأذكار النووية ج ١/ص ١٠٦ - ١٠٩.

(٢) الفتوحات الربانية على الأذكار النووية ج ١/ص ١٠٦ - ١٠٩.

(٣) الفتوحات الربانية على الأذكار النووية ج ١/ص ١٠٦ - ١٠٩.

مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربّه مثل الحي والميت (١).

٢ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوم يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا. قال: فيسألهم ربهم عز وجل - وهو أعلم بهم -: ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك. قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله م رأوك؛ قال: فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدا، وأكثر لك تسبيحا. قال: يقول: فما يسألونني؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة. قال: يقول: هل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: فيقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا، وأشد لها طلبا، وأعظم فيها رغبة. قال: يقول: فممّ يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها.

قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرار وأشد لها مخافة. قال: فيقول: أشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة. قال: يقول: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم (٢).

ففي هذا الحديث فضل مجالس الذكر والذاكرين وفضل الاجتماع

__________

(١) رواه البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات.

(٢) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الدعوات.

على ذلك، وإن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل عليهم ربهم إكراما لهم؛ وإن لم يشاركهم في أصل الذكر، وبمجالسته لهم صار سعيدا لأن من جالس جانس؛ إن صحّت النية.

٣ - وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر (١).

٤ - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

ليبعثنّ الله أقواما يوم القيامة في وجوههم النوز، على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء، قال: فجثا أعرابي على ركبتيه فقال: يا رسول الله حلهم (٢) لنا نعرفهم! قال: هم المتحابون في الله من قبائل شتى، وبلاد شتى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه (٣).

٥ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له: جمدان فقال: سيروا هذا جمدان سبق المفرّدون. قيل: وما المفرّدون يا رسول الله؟ قال: المستهترون بذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون الله يوم القيامة خفافا (٤).

والمستهترون: هم المولعون بالذكر المداومون عليه، لا يبالون ما قيل فيهم ولا ما فعل بهم.

__________

(١) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات وحسنه.

(٢) حلهم: صفهم لنا وعرفنا نزلهم.

(٣) رواه الطبراني بإسناد حسن كما في الترغيب والترهيب ٢/ ٤٠٦.

(٤) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والترمذي في كتاب الدعوات.

٦ - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق (١)، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى. قال:

ذكر الله تعالى ، فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله) (٢).

٧ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يقول الله تعالى:

أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرّب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرّب إليّ ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة (٣).

٨ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

يقول الله عز وجل يوم القيامة: سيعلم أهل الجمع من أهل الكرم، فقيل: ومن أهل الكرم يا رسول الله؟ قال: أهل مجالس الذكر في المساجد (٤).

__________

(١) الورق: الفضة.

(٢) رواه الترمذي في كتاب الدعاء باب ما جاء في فضل الذكر. ورواه ابن ماجه في الأدب باب فضل الذكر.

(٣) أخرجه مسلم في كتاب الذكر، والبخاري في كتاب التوحيد والترمذي في كتاب الدعوات، والنسائي، وابن ماجه.

(٤) رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والبيهقي وغيرهم. الترغيب والترهيب ج ٢/ص ٤٠٤.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!