موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

11 - ومنها ** | ** 12 - منها

 

 


ايلام المحبوب لانعامه بالنسبة إلى المحب فلا جرم متى تحقق الرضا ترتفع الكراهة وكذلك بلوغ جميع تلك المقامات إلى حد الكمال إنما هو وقت حصول التجلي الذاتي الذي نيط به الفناء الاتم واما حصول نفس تلك المقامات التسعة فهو في التجلي الافعالي والتجلي الصفاتي مثلا اذا شاهد قدرته تعالى الكاملة في نفسه وفي جميع الاشياء يرجع إلى التوبة ويبادر إلى الانابة بلا اختيار ويصير خائفا ووجلا ويجعل الورع شيمته ويلتزم الصبر على النوائب لكونها من مقدراته تعالى ويترك الاضطراب والجزع ومتي عرف ان مولي النعم هو الله تعالى والاعطاء والمنع فعله وصفته عز وجل يكون في مقام الشكر بالضرورة ويترسخ قدمه في مقام التوكل ومتي تجلي له لطفه ورأفته تعالى يكون في مقام الرجاء ومتي شاهد عظمته وكبرياءه تعالى تظهر الدنيا الدنية في نظره حقيرة وعديمة الاعتبار فلا جرم يحصل فيه الرغبة عنها ويختار الفقر ويزهد فيها لكن ينبغي أن يعلم أن حصول هذه المقامات بالتفصيل والترتيب مخصوص بالسالك المجذوب واما المجذوب السالك فطي هذه المقامات اجمالي بالنسبة اليه فان العناية الازلية جعلته مبتلي بمحبة لا يقدر معها أن يشتغل بتفاصيل تلك المقامات وفي ضمن تلك المحبة حصلت له زبدة تلك المقامات وخلاصة هاتيك المنازل على الوجه الاتم على وجه لم تتيسر لصاحب التفصيل والسلام على من اتبع الهدى.

١١ - (ومنها) ينبغي للطالب ان يهتم بنفي الآلهة الباطلة الآفاقية والانفسية وكلما يقع في فهمه ووهمه في جانب اثبات المعبود بالحق يجعله أيضا داخلا تحت النفي ويكتفي بمجرد موجوديته تعالى وان لم يكن للوجود أيضا مجال في ذلك الموطن وكان طلبه تعالى من ما وراء الوجود جديرا ولقد أحسن علماء أهل السنة في قولهم بزيادة جود واجب الوجود على ذاته سبحانه وتعالى والقول بعينية الوجود بالذات وعدم اثبات امر وراء الوجود من قصور النظر قال الشيخ علاء الدولة فوق عالم الوجود عالم الملك الودود ولما وقع الترقي لهذا الدرويش إلى ما فوق عالم الوجود كنت أعد نفسي من أهل الاسلام من جهة العلم لتقليدي فقط حين كنت مغلوب الحال وبالجملة أن كلما يحصل في حوصلة الممكن يكون ممكنا بالطريق الأولى فسبحان من لم يجعل للخلق اليه سبيلا الا بالعجز عن معرفته ولا يظن أحد من هذا الفناء في الله والبقاء بالله ان الممكن يصير واجبا فان ذلك محال ومستلزم لقلب الحقائق واذا لم يصر الممكن واجبا لا يكون نصيب الممكن من ادراك الواجب سوي العجز

شعر

هيهات عنقاء ان يصطاده أحد ... فارم الشراك والادام فيه هوا

وعالي الهمة إنما يطلب مطلبا لا يحصل منه شيء ولا يظهر منه اسم لا رسم وطائفة من الناس يطلبون مطلبا يجدونه عين أنفسهم ويحصلون القرب منه والمعية به

ع لكل من الانسان شأن يخصه *

والسلام.

١٢ - (منها) قال حضرة الخواجه النقشبند قدس سره الاقدس ان مرآة كل واحد من المشايخ لها جهتان وأما مرآتي فلها ست جهات أظن ان أحدا من خلفاء هذه الطائفة العظيمة لم يبين هذه الكلمة القدسية إلى هذا الزمان بل. لم يتكلم فيها أحد بالاشارة والرمز فكيف يمكن لهذا الحقير قليل البضاعة ان يقدم على شرحها وان يحرك لسانه في كشفها ولكن لما كشف الله سبحانه بمحض فضله عن سر هذا المعنى لهذا الحقير وأظهر حقيقته كما ينبغي خطر في الخاطر ان ينظم هذا الدر المكنون ببنان البيان في سلك التحرير وان يورده بلسان الترجمانية في حيز التقرير فشرع في هذا الباب بعد اداء الاستخارة والمسئول من الله سبحانه العصمة والتوفيق.

ينبغي أن يعلم ان المراد من المرآة قلب العارف الذي هو برزخ بين الروح والنفس واراد بالجهتين جهة الروح وجهة النفس فاذا وصل المشايخ إلى

مقام القلب ينكشف لهم جهتاه ويفاض فيه علوم كل واحد من المقامين المذكورين ومعارفهما المناسبتان للقلب بخلاف الطريق الذي امتاز به حضرة الخواجه واندرجت النهاية فيه في البداية فيكون لمرآة القلب فيه الجهات الست وبيان ذلك انه قد انكشف لاكابر هذه الطريقة العلية ان كلما هو ثابت لأفراد الانسان من اللطائف الست أعني النفس والقلب والروح والسر والخفي والأخفي فهي ثابتة للقلب وحده أيضا فاراد بالجهات الست هذه اللطائف الست فسير سائر المشايخ على ظاهر القلب وسير هؤلاء الاكابر في باطن القلب ويصلون بهذا السير إلى ابطن بطونه وتنكشف علوم هذه اللطائف ومعارفها في مقام القلب أعني العلوم المناسبة لمقام القلب هذا هو بيان الكلمة القدسية المنسوبة لحضرة الخواجه قدس الله سره ولهذا الحقير في هذا المقام ببركة هؤلاء الاكابر في مزيد وتدقيق بعد تحقيق وبحكم كريمة وأما بنعمة ربك فحدث يظهر رمزا من ذاك المزيد واشارة من ذلك التدقيق ومنه سبحانه العصمة والتوفيق.

فاعلم ان قلب القلب أيضا متضمن للطائف الست على قياس القلب لكن لا يظهر في قلب القلب لطيفتان من اللطائف الست المذكورة بطريق الجزئية وذلك اما لضيق الدائرة أو لسر آخر وهما لطيفة النفس ولطيفة الاخفي وكذا الحال في القلب الذي في المرتبة الثالثة إلا انه لا يظهر فيه الخفي أيضا وكذا الحال في القلب الذي في المرتبة الرابعة الا انه لا يظهر فيه السر أيضا مع ظهور القلب والروح فيه وفي المرتبة الخامسة لا يظهر الروح فيه أيضا فما بقي الا قلب محض وبسيط صرف لا اعتبار فيه لشيء أصلا.

ومما ينبغي ان يعلم ههنا من بعض المعارف العالية ليتوسل به إلى ما هو نهاية النهاية وغاية الغاية فأقول بتوفيق الله سبحانه ان جميع ما ظهر في العالم الكبير تفصيلا فهو ظاهر في العالم الصغير اجمالا ونعني بالعالم الصغير الانسان فاذا صقل العالم الصغير ونور ظهر فيه بطريق المرأتية جميع ما في العالم الكبير تفصيلا لانه بالصقالة والتنوير اتسع وعاؤه فزال حكم صغره وكذا الحال في القلب الذي نسبته مع العالم الصغير كنسبة العالم مع العالم الكبير من الاجمال والتفصيل فاذا صقل العالم الاصغر الذي هو عالم القلب ورفعت الظلمة الطارية عليه ظهر فيه بطريق المرآتية أيضا ما في العالم الصغير تفصيلا وهكذا الحال في قلب القلب بالنسبة إلى القلب من الاجمال والتفصيل وظهور التفصيل فيه بعد أن كان مجملا بسبب التصفية والنورانية وعلى هذا القياس القلب الذي في المرتبة الثالثة والقلب الذي في المرتبة الرابعة في الاجمال والتفصيل وظهور التفصيل الذي في المراتب السابقة فيهما بسبب الصقالة والنورانية وكذا القلب الذي في المرتبة الخامسة فانه مع بساطته وعدم اعتبار شيء فيه يظهر فيه بعد التصفية الكاملة ما ظهر في جميع العوالم من العالم الكبير والصغير والاصغر وما بعدهما من العوالم كما مر فهو الضيق الاوسع والبسيط الابسط والاقل الاكثر وما خلق شيء من الاشياء بهذه الصفة وما وجد احد اشد مناسبة بصانعه تعالى وتقدس من هذه اللطيفة البديعة فلا جرم يظهر فيه من عجائب آيات صانعه سبحانه ما لا يظهر في احد من خلقه ولذا قال تعالى في الحديث لا يسعني ارضي ولا سمائي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن والعالم الكبير وان كان اوسع المرايا للظهور الا انه لكثرته وتفصيله لا مناسبة له مع من لا كثرة فيه أصلا ولا تفصيل فيه رأسا والحري للمناسبة هو الضيق الاوسع والبسيط الابسط والاقل الاكثر كمالا يخفي فاذا بلغ العارف الاتم معرفة والاكمل شهودا هذا المقام العزيز وجوده والشريف رتبته يصير ذلك العارف قلبا للعوالم كلها والظهورات جميعها وهو المتحقق بالولاية المحمدية والمشرف بالدعوات المصطفوية



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!