موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب المواقف والمخاطبات

للشيخ عبد الجبار النفّري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


مخاطبة

يا عبد من شهدني رأى كبريائي من الآيات فخشع لي وهن غير باديات، وخضع لسلطاني وهن غير مسلطنات، هنالك إذا وقف في يوم الجمع صحبته في الأهوال، كما صحبني من وراء الاستار إليه ثبتًا في الزلزال، فتثبت بي على كل حال.

يا عبد من أجار نعمائي من كفر نفسه، وأجار معارفي من ميلان جهله، وأجار ذكرى إذا ذكرني من غلبات طبعه، هو المتخذ لدي عهدًا بنجاته، وهو المجار لدي غدًا بأكرم مثاباته.

يا عبد إنما يتصل بي ولا وصل بي من ذهب عن جعلي الذي لا أذهبه.

يا عبد لا يرتفع الضد أو يرتفع الأجل ولا يرتفع الأجل أو ترتفع الغيبة.

يا عبد من لم يرني فلا علمه نفع، ولا جهله ارتفع.

يا عبد لا ترد تحتجب بالملائمة أو بالمنافاة فما حجبك شيء ول أوصلك شيء، أنا الحاجب وأنا الموصل، فالوصف والصفة في مجعول ما أظهرت طرقات فمن وصل بها فإليها وصل ومن احتجب بها فعنها ما احتجب.

يا عبد من عرفني بي عرفني معرفة لا تنكر بعدها أبدًا.

يا عبد إن فتحت لك فاتحة من ذكرى أغنتك عن كل شيء وقامت بك في كل شيء فلم تفتقر إلى شيء فقر المستغنى بوجوده، ولم تطمئن به طمأنينة المنتهى إليه.

يا عبد ذكرى لك هو تعرفي إليك، وفاتحة ذكرى لك هي المعرفة.

يا عبد من لم أتعرف إليه لا يعرفني، ومن لم يعرفني لم أسمع منه.

يا عبد إذا رأيتني أصرف عنك السوى ولا أصرفك عنه فسل عني العالم والجاهل وأسلك إلي الأمن والخطر.

يا عبد إذا رأيتني أصرفك عن السوى ولا أصرفه عنك ففر إلي من فتنتي واستعذ بي من مكري.

يا عبد قل للعبيد لو رأيتموه يقبض ويبسط لبرئتم من أنسابكم ولعريتم من أحسابكم.

يا عبد لا وعزة الفردانية وفردانية العزة ما أقبض إلا بما به أبسط ولا أبسط إلا بما به أقبض، ولو بسطت بي ما استعبدت، ولو قبضت بي ما عرفت.

يا عبد قل للعبيد لو عرفتموه وأنكرتموه، ولو أنكرتم سواه عرفتموه.

يا عبد من أثبته في المعرفة بواسطة محوته بها عن حقيقتها فعرف ما انتهى، فكان بي فيم أقر بالسوى فيما تحقق.

يا عبد لا كلطف اللطف أثبت سوى ولا سوى، ولا كعز العز أفنى عن السوى فيما أشهد سوى.

يا عبد إن آتيتك نطقًا فللحكمة، وإن آتيتك صمتًا فللعبرة.

يا عبد لا يقوم لي شيء، ويقوم بي كل شيء.

يا عبد رأيت العلم وأعرضت عنه أعرضت عن سوى وإن كان رضًا.

يا عبد أنا الراحم فلا تسبق رحمتي ذنوب المذنبين، وأنا العظيم فلا تستولي على معرفتي أجرام المجرمين.

يا عبد أنا الرؤوف فلا يحيط برأفتي إعراض المعرضين، وأنا العواد بالجميل فلا يصرفني عنه غفلات الغافلين.

يا عبد أنا المحسن فلا يحجب إحساني إنكار المنكرين، وأنا المنعم فلا يقطع نعمتي لهو اللاهين.

يا عبد أنا المنان ما مني لأجل شكر الشاكرين، وأنا الوهاب فلا يسلب موهبتي جحود الجاحدين.

يا عبد أنا القريب فلا تعرف قربي معارف العارفين، وأنا البعيد فما تدرك بعدي علوم العالمين.

يا عبد أنا الدائم فلا تخبر عني الآباد، وأنا الواحد فلا تشبهني الأعداد.

يا عبد أنا الظاهر فلا تراني العيون، وأنا الباطن فلا تطيف بي الظنون.

يا عبد أنا الودود فلا ينصرف وجهي ما انصرفت، وأنا الغفور فلا ينتظر عفوي ما اعتذرت.

يا عبد أنا الوهاب فلا أسلب ما وهبت، وأنا المنيل فلا أسترد ما أنلت.

يا عبد أنا المديل فلا يدل ما أدللت، وأنا المزيل فلا يستقر ما أزلت.

يا عبد أنا المجيل فلا يثبت ما أجلت، وأنا المهيل فلا يطمئن ما أهلت.

يا عبد أنا المميل فلا يستقيم ما أملت، وأنا المقيل فلا ينصرع ما أقلت.

يا عبد كل شيء يطلبه ما منه، وأنا الفرد المنفرد، لا أنا من شيء فيطلبني، ولا أنا بشيء فيتخصص بي.

مخاطبة وبشارة وإيذان الوقتأوقفني وقال لي قل لليل إلا أصبح لن تعود من بعد بأنني أطلع الشمس من لدن غابت عن الأرض وأحبسها أن تسير وتحرق ما كان يستظل بك وينبت نباتًا لا ماء فيه، وأبدو من كل ناحية فأرعى

البهائم نبتك ويطول النبت ويحسن وتنفتح عيونه ويروني وأحتج فيكتبون حجتي بإيمانهم، ويفرق الجبل الشاهق من قعره بعد أن كانت المياه في أعلاه وهو لا يشرب، وأخفض قعر الماء وأمد الهاجرة ولا أعقبها بالزوال، هنالك

يجتمعون وأكفئ الأواني كلها، وترى الطائر يسرح في وكره وترى المستريح يشتري السهر بالنوم ويفتدي الحرب بالدعة.

وقال لي قل للباسطة الممدودة تأهبي لحكمك وتزيني لمقامك واستري وجهك بما يشف وصاحبي من يسترك بوجهه، فأنت وجهي الطالع من كل وجه فاتخذي إيمانً لعهدك، فإذا خرجت فدخلي إلي حتى أقبل بين عينيك وأسر إليك ما لا ينبغي أن يعلمه سواك وأخرج معك إلى الطريق وترين أصحابك كأنهم قلوب بلا أجسام، وإذا استويت على الطريق فقفي فهو قصدك، كذلك يقول الرب أخرجي يمينك وأنصبي بها علمك ولا تنامي ول تستيقظي حتى آتيك.

يا عبد قف لي فأنت جسري وأنت مدرجة ذكري عليك أعبر إلى أصحابي وقد نصبتك وألقيت عليك الكنف من

الريح وأريد أن أخرج علمي الذي لم يخرج فأجنده جندًا جندً ويعبرون عليك ويقفون فيما يليك من دون الطريق، وأبدو ولا تدري من أين آمن قبلهم على مدرجتهم، فإذا رأيتني سرت وساروا ونصبتك على يدي فمر كل شيء وراءك فمن عبر عليك تلقيته وحملته ومن جاز عنك هلك الهلاك كله.

يا عبد قف في الناموس فقد أوقفتك، وثب إلى ثأر همك كما وثب السبع إلى فريسته على السغب، وقم فأدرك بي ما تطلب واطلبني بقيوميتي فيما تدرك فمن رآني رأى ما لا يظهر ولا يستتر.

يا عبد آن أوانك فاجمع لي عصبي إليك واكنز كنوزي بمفاتحي التي آتيتك واشدد واشتد فقد أشرفت على أشدك واظهر بين يدي بما أظهرك فيه واذكرني بنعمتي الرحيمة من تذكرني عنده.

كذلك يقول الرب إني طالع على الأفنية أتبسم ويجتمعون إلي ويستنصرني الضعيف ويتوكلون كلهم علي وأخرج نوري يمشي بينهم يسلمون عليه ويسلم عليهم فلتنتبهين أيتها النائمة إلى قيامك ولتقومين أيتها القائمة إلى إمامك فارجمي الدور بنجومك واثبتي القطب بأصبعك والبسي رهبانية الحق ولا تنتقبي، إنما الحكم لك وعود البركة بيمينك، فذلك أريد وأنا أريد على ذلك شهيد، تلك أنوار اﷲ أفمن يستضيء بنوره إلا بإذنه، ذلك هو الحق ونبأ لا تنبئك به الظنون وما يجادل به إلا الجاهلون.

كذلك يقول الرب أقبل ولا تراجع وأنظم لك القلادة وأخرج يدي إلى الأرض ويروني معك وأمامك فابرزي من خدرك فإنني أطلع عليك الشمس وخذي عاقبتك بيمينك واشتدي كالرياح وتدرعي بالرحمة السابقة ولا تنامين فقد أطلعت فجرك وقرب الصباح منك ذلك من آيات ربك وذلك لنزول عيسى بن مريم من السماء إلى الأرض وأوان قريب يبشر به وإمارة للذين أوتوا العلم وهدى يهدى به اﷲ إليه ويستنقذ كثيرًا يجهلون.

كذلك يقول الرب إنما أخبرتك لظهور الأبد فاكشفي البراقع عن وجهك واركبي الدابة السياحة على الأرض وارفعي قواعدي المدروسة واحمليهم إلي على يديك من وافقك على اليمين ومن خالفك من الشمال وابتهجي أيتها المحزونة وتفسحي أيته المكنونة وتشمري أثوابك وارفعي إزارك على عاتقك، إني أنتظرك على كل فج فانبسطي كالبر والبحر وارتفعي كالسماء المرتفعة، فإني أرسل النار بين يديك ولا تدر ول تستقر، إن في ذلك لأية تظهر كلمة اﷲ فيظهر اﷲ وليه في الأرض يتخذ أولياء اﷲ أولياء، يبايع له المؤمنون بمكة، أولئك أحباء اﷲ ينصرهم اﷲ وينصرونه وأولئك هم المستحفظون عدة من شهدوا بدرًا يعملون ويصدقون ثلثمائة وثلاثة عشر أولئك هم

الظاهرون كذلكأوقفني الرب وقال لي قل للشمس أيتها المكتوبة بقلم الرب أخرجي وجهك وابسطي من أعطافك وسيري حيث ترين فرحك على همك وأرسلي القمر بين يديك ولتحدق بك النجوم الثابتة وسيري تحت السحاب واطلعي على قعور المياه ول تغربي في المغرب ولا تطلعي في المشرق وقفي للظل، إنما أنت مرحمة الرب وقدسه يرسلك على من يشاء، ذلك هدى اﷲ يهدي به من يشاء، كذلك ينزل اﷲ الوحي، فانقلي أيته الثاوية واطمأني أيتها المتوارية فقد ألقيت الأزمة وقدم الرب بين يديك نجواه.

كذلك يقول الرب أطلعي أيتها الشمس المضيئة فقد سلخت الليل وانبسطي على كل شيء ينبت الزرع وتأتى كل شجرة أكلها بإذن ربها ويخرج إليك اليتيم فيطول ويجتمع إليك الدعاة وترين نوري كيف يزهر، فخذي أهبتك أيتها الخارجة وتزودي للسفر، إنما أنت نور الرب قال له الرب لتقيم للناس حكمًا عاد ًلا تثبتهم، وتركن إليك قلوب المؤمنين ويقوى الضعفاء بك فيدافعون عن أنفسهم ما يخافون.

أيتها النائمة هلمي فاستيقظي وابشري فقد أنزلت المائدة ونبعت عليها عيون الطعام والشراب وسوف يأتونك فيروني عن يمينك وشمالك ويكونون أعوانك ويغلبون لأن الذي يقاتلهم يقاتلني وأنا الغلوب، وانفسحي يا محصورة فقد أطلق أسرك وفتحت الأبواب عليك، فتزيني وزيني الشعوب لبهائي فقد أذهب عنك الحزن ولملأت قلبك

بالفرح، وسوف يصطفون صفًا واحدًا القدومي وأقدم بغتة، فل تدهشين ولا تتحيرين فلست أغيب بعد هذه إلا مرة، ثم أظهر ولا أغيب وترين أوليائي والقدماء يقيمون ويفرحون.

وقال لي حان حيني وأزف ميقات ظهوري وسوف أبدو ويجتمع إلي الضعفاء ويقوون بقوتي وأطعمهم أنا وأسقيهم وترى شكرهم لي، فقم يا نائم ونم يا قائم فقد جعلت المصيبة أثر العزاء وأنزلت هداي ونوري وعامودي وآياتي.

وقال لي أنصب لي الأسرة وأفرش لي الأرض بالعمارة وأرفع الستور المسبلة لموافاتي، فإني أخرج وأصحابي معي وأرفع صوتي وتأتي الدعاة فيسترعوني فأحفظهم، وتنزل البركة تنبت شجرة الغنى في الأرض ويكون حكمي وحدي، ذلك على المعيار يكون وذلك الذي أريد.

موقف الإدراكأوقفني في الإدراك وقال لي قف بين يدي ترى العلم وترى طريق العلم.

وقال لي العلم طرقات تنفذ إلى حقائق العلم، وحقائق العلم عزائمه، وعزائم العلم مبلغه، ومبلغ العلم مطلعه، ومطلع العلم حده، وحد العلم موقفه.

وقال لي هذا صفة علمك كله وما هو صفة أعمالك كلها.

وقال لي لن تحيط بصفة كلية من شيء فتلك لي ولإحاطتي.

وقال لي كل ما عملت بعلم أسفر لك عن صفة من صفاته.

وقال لي العلم وطرقاته وصف من أوصاف المعرفة، والأعلام في العلم ليس في المعرفة أعلام.

وقال لي العلم كله طرقات، طريق عمل طريق فطنة طريق فكره طريق تدبر الطريق طريق تعلم طريق تفهم طريق إدراك طريق تذكرة طريق تبصرة طريق تنفذ طريق توقف طريق مؤتلفة طريق مختلفة.

وقال لي ما إلى المعرفة طريق ولا طرقات ولا فيها طريق ولا طرقات.

وقال لي المعرفة مستقر الغايات وهي منتهى النهايات.

وقال لي الغايات غاياتك والنهايات نهاياتك والمستقرات مستقراتك والطرقات طرقاتك.

وقال لي إذا كنت من أهل المعرفة فلا خروج من المعرفة إلا إلى المعرفة ولا طريق في المعرفة ولا إلى المعرفة ولا من المعرفة.

وقال لي إذا استقررت في المعرفة كشفت لك عين اليقين بي فشهدتني فغابت المعرفة وغبت عنك وعن حكم المعرفة، لا غيبة ذهاب عن معرفة ولا غيبة ذهاب عن عارف بل غيبة ذهاب عن حكم معرفة وغيبة ذهاب عن حكم عارف، فإذا استقررت لك فلا تحكم عليك المعرفة إنما أنا أحكم، ولا بحكمها تكون إنما بحكمي تكون.

وقال لي إذا لم تحكم عليك المعرفة ولن تكن بحكمها أدركت مبلغ العلم، وإذا أدركت مبلغ العلم قمت بحجتي في كل شيء وعلى كل شيء.

وقال لي إذا أدركت مبلغ العلم وجب عليك النطق به فانتظر إذني لك به لتنطق عني فتخبر عني فتكون من سفرائي.

وقال لي إن نطقت عن الوجود فلم تنتظر إذني نطقت عن العلم فأخبرت عن العلم فكنت سفيرًا للعلم فعارضك العلم فلك تستطع رد العلم لأنه يعارضك من عنه نطقت وبلسان من ألسنته أخبرت.

وقال لي علامة إذني لك في النطق أن تشهد غضبي إن صمت وتشهد زوال غضبي إن نطقت.

وقال لي ليس الأذن أن تشهد ولايتي إن نطقت لأنك إذا شهدت والولاية نطقت عن ألسنة الترغيب والسعة، فملت بالرغبة وأملت وسكنت بالسعة وأسكنت.

وقال لي علامة رؤيتك لغضبي إن صمت ألا تبالي ما ذهب منك في وما بقي.

وقال لي علامة ذلك فيك أن ترضى به حتى تلتقي.

وقال لي إذا لم تبالي ببطنك لم تبالي ما ذهب منك في وما بقي، فإن لم تبال بأهلك ولا ولدك رضيت به إلى أن تلتقي.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!