موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين

للشيخ يوسف النبهاني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث التاسع في الكلام على العالمين * | * المبحث العاشر في الكلام على حميد مجيد

فالمعنى اللهم أدم ذكر محمد ودعوته وشريعته وكثِّر أتباعه وأشياعه وعرف أمته من يمنه وسعادته أن تشفعه فيهم وتدخلهم جناتك وتُحلَّهم دار رضوانك فيجمع التبريك عليه الدوام والزيادة والسعادة قاله الحافظ السخاوي قال ولم يصرح أحد بوجوب قوله [وبارك على محمد] فيما عثرنا عليه غير أن ابن حزم ذكر ما يفهم وجوبها في الجملة فقال على المرء أن يبارك عليه ولو مرة في العمر. أ. هـ

المبحث التاسع في الكلام على العالمين:

قال في (القول البديع)

المراد بالعالمين فيما رواه أبو مسعود وغيره في الحديث أصناف الخلق وفيه أقوال أخرى

وقيل ما حواه بطن الفلك

وقيل ما فيه روح

وقيل كل محدث

وقيل بقيد العقلاء

وقيل الإنس والجن فقط

وقيل هما والملائكة والشياطين

قال في الصحاح العالم الخلق والجمع العوالم والعالمون أصناف الخلق

وقال في (المحكم) العالم الخلق كله ولا واحد له لأنه جمع أشياء مختلفة والجمع عالمون

وأشار بقوله العالمين إلى اشتهار الصلاة والبركة على إبراهيم في العالمين وانتشار شرفه وتعظيمه وأن المطلوب لنبينا عليه الصلاة والسلام صلاة تشبه تلك الصلاة وبركة تشبه تلك البركة في انتشارها في الخلق وشهرتها وقد قال تعالى {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} انتهى ملخصاً

المبحث العاشر في الكلام على حميد مجيد:

فالحميد فعيل من الحمد وهو بمعنى محمود وهو أبلغ من المحمود فإن فعيلاً إذا عُدِلَ به عن مفعول دلَّ على أن تلك الصفة قد صارت مثل السجية والغريزة والخُلُق اللازم كما إذا قلت لفلان ظريف وشريف وكريم

فالحميد هو الذي له من الصفات وأسباب الحمد ما يقتضي أن يكون محموداً وإن لم يحمده غيره فهو حميد في نفسه والمحمود من يُعلق به حمد الحامدين وهكذا المجيد والممجد والكبير والمكبر والعظيم والمعظم

والحمد والمجد إليهما يرجع الكمال كله

فإن الحمد يستلزم الثناء والمحبة للمحمود فمن أحببته ولم تثن عليه لم تكن حامداً له وكذا من أثنيت عليه لغرض ما ولم تحبه لم تكن حامداً له حتى تكون مثنياً عليه محباً له وهذا الثناء والحب تبع للأسباب المقتضية له وهو ما عليه المحمود من صفات الكمال ونعوت الجلال والإحسان إلى الغير فإن هذه هي أسباب المحبة وكلما كانت هذه الصفات أجمع وأكمل كان الحمد والحب أتم وأعظم والله سبحانه وتعالى له الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه ما والإحسان كله له ومنه فهو أحق بكل حمد وبكل حب من كل جهة فهو أهل أن يحب لذاته ولصفاته ولأفعاله ولأسمائه ولإحسانه ولكل ما صدر منه سبحانه وتعالى

وأما المجد فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال والحمد يدل على صفات الإكرام والله سبحانه وتعالى ذو الجلال والإكرام وهذا معنى قول العبد لا إله إلا الله والله أكبر فلا إله إلا الله دال على ألوهيته وتفرده فيها وألوهيته تستلزم محبته التامة والله أكبر دال على مجده وعظمته وذلك يستلزم تعظيمه وتمجيده وتكبيره

ولهذا يقرن سبحانه بين هذين النوعين في القرآن كثيراً كقوله تعالى {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} فذْكِر هذين الاسمين الحميد والمجيد عقب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله مطابق لهذه الآية

ولمَّا كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي ثناء الله عليه وتكريمه والتنويه به ورفع ذكره وزيادة حبه وتقريبه كانت مشتملة على الحمد والمجد فكأن المصلي طلب من الله أن يزيد في حمده ومجده فإن الصلاة هي نوع حمد له وتمجيده فناسب ختمها بهذين الاسمين الحميد المجيد لأن الداعي يشرع له أن يختم دعاءه باسم من الأسماء الحسنى مناسب لمطلوبه أو يفتتح دعاءه به لقوله تعالى {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}

قال سليمان عليه السلام {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}

وقال صلى الله عليه وسلم للصديق رضي الله عنه وقد سأله أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته قل [اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم] وهذا كثير فلما كان المطلوب للرسول صلى الله عليه وسلم حمداً ومجداً بصلاة الله عليه ختم هذا السؤال باسمي الحميد المجيد. انتهى ملخصاً من (جلاء الأفهام)

وقال في (القول البديع)

الحميد فعيل من الحمد بمعنى محمود وأبلغ منه وهو من حصل له من صفات الحمد أكملها

وقيل هو بمعنى الحامد أي يحمد أفعال عباده

والمجيد هو من المجد وهو صفة الإكرام

ومناسبة ختم الدعاء بهذين الاسمين العظيمين أن المطلوب تكريم الله لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وزيادة تقريبه وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد ففي ذلك إشارة إلى أنهما كالتعليل للمطلوب أو كالتذييل له والمعنى إنك فاعل ما تستوجب به الحمد من النعم المترادفة كريم بكثرة الإحسان إلى جميع عبادك ولله الحمد. انتهى



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!