موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب شق الجيب بعلم الغيب

يسمى أيضاً: در الدرر فى معرفة العالم الأكبر

ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

يحوي هذا الكتاب الكثير من أقوال الشيخ الأكبر وأشعاره، ولكن لا يمكن تأكيد صحة نسبة هذا الكتاب بكامله إلى الشيخ محي الدين ابن العربي. أغلب الظنّ أنه لكاتب لاحق وقد نقل من كتب الشيخ الأكبر.

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وفي حديث آخر :

« لو كان موسى حيّا لما وسعه إلّا اتباعي » .

وقد اطلعنا من حيث اليقين أن معلم موسى متبع شريعته الزهراء اليوم ، وبها يربي أصحابه .

ثم اعلم : أن وجدان ذوق مشاهدة عكس جمال المرآة الشاهد المنطبع فيها ، والشاهد المتجلي حجب إدراك ذوق عكس جماله ، فحق أن يقول :يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ[ المائدة :

54 ] ، ثم بالصبر على المشاق في طلبها ، ثم بالتقوى عن وقع الغبار والأكدار على وجهها والتراكم ، ثم بالإحسان في مراتبها ومراعاتها ، بمحاذاة الوجه دائما من غير انحراف . إلى هذا السرّ أشار ونص القرآن حيث قال لنبيّه عليه الصلاة والسلام :فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ[ هود : 112 ] .

وحقّ له أن يقول : « شيبتني هود وأخواتها » . رواه أحمد وابن أبي شيبة في مصنفه رواه الحاكم في المستدرك وأبو يعلى في مسنده ورواه غيرهم

والإيمان بلا طهارة الظاهر والباطن لا ينفع .

والصبر بلا توكل لا يصح .

والتقوى بلا توبة لا تنجح . والإحسان بلا قسط في الأمور لا يتم .

ولأجل هذا أثبت اللّه ولايته ، ومحبته للمؤمنين ، والصابرين ، والمتقين ، والمحسنين ، والمطهرين ، والمتوكلين ، والتائبين ، والمقسطين ،

بقوله :وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ[ آل عمران : 68 ] .وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ[ آل عمران : 146 ] .

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[ التوبة : 4 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[ البقرة : 195 ] .وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ[ التوبة : 108 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ[ آل عمران : 159 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ[ البقرة : 222 ] .إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[ المائدة : 42 ] .

ولا يمكن التمتع بولاية اللّه تعالى ، ومحبته إلّا بعد الاحتراز عما لا يحبه اللّه ،

كما بيّن في كتابه بقوله :

 

فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ[ آل عمران : 32 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ[ القصص : 77 ] .وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ[ آل عمران : 140 ] .إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ[ النحل : 23 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ[ القصص : 76 ] .إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ[ الأعراف : 31 ] .إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ[ البقرة : 190 ] .

فالمتمتع بالولاية أو المحبة ينبغي أن يكون بريئا عن الكفر ، والفساد ، والظلم ، والخيانة ، والاستكبار ، والفرح بغير الحق .

المورث للبطر ، وعن الإسراف الذي هو الإفراط ، والاعتداء الذي هو التفريط . متّقيا عن صحبتهم وموالاتهم .

وقد منع اللّه تعالى عنها [ المؤمنين ] بقوله :لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً [ آل عمران : 28 ] .

وفي آية أخرى قال :لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ[ الممتحنة : 1 ] .

وفي آية أخرى قال :يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( 57 ) [ المائدة : 57 ] .

 

ثم اعلم : أن مشاهدة عكس جمال الشاهد المشهود ، المحب المحبوب ، المنطبع في المرآة المعبر عنها باللطيفة الإنسانية يكون صورته نورية وذوقية خالصة غير مشوبة بالمعنى ، والنور ، والصورة ، ولا يمكن الخلاص عن الغلط الواقع في كل واحد منهما ، بداية ، ووسطا ، ونهاية ؛ إلّا بالتمسك بما في سورة الإخلاص من وجوب وجود اللّه تعالى ووحدانيته ونزاهته عن جميع ما يكون خاصة الممكن إجمالا وتفصيلا .

ثم اعلم : أنه ليس لهذا الذوق نهاية ، لأن تجليات الحق المتعال غير متناهية ، وبكل تجلّ تزيد سعة المرآة وصفاؤها ، وبقدر السعة والصفاء يزداد حسن عكس جمال الشاهد المنطبع فيها ، وبقدر زيادة الحسن تزداد قوة إدراك المرآة وذوق حسن عكس الجمال أبد الآباد .

 

ثم اعلم : أن اللطيفة القلبية المكنّى عنها بذات الصدور عبارة عن قابلية حاصلة عن اجتماع العناصر في هيئة معتدلة تامّة مستفيضة من الأجرام اللطيفة الفلكية ،

ونيّراتها مستعدة لقبول فيض الكرسي ، المعبّر عنه بالفلك الأطلس الساذج ، عن نقوش الكواكب المعروض عليه ، التي كانت نقوشها محسوسة بالرصد ، مقسومة على السماء الدنيا ، المزينة بزينة الكواكب ، الثابتة .

المنوطة بها صلاح الدنيا وفسادها ، وسعادة أهلها ونحوسهم ، وبذلك سمّي بالسماء الدنيا لدنوّها منّا المشرفة بشرف الاستواء المعدّى بإلى بعد الفتق لتسوية السماوات السبع ، وتدبر كل أمر سماء منها مخصوصة بكوكب سيار من الكواكب السبعة المسماة بالجوار الكنّس وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ[ يس : 40 ] .

المحرك للأفلاك الثمانية بالجبر من المشرق إلى المغرب على خلاف حركتها غالبا بلا واسطة الأفلاك والأنجم ، وفيض العرش المعبر عنه بالنفس الكلية التي هي جوهر غير مفارق ، وغير قابل للتأليف مغلوبا .

وبهذه اللطيفة القابلية القلبية يمتاز الإنسان من الحيوان لأنها تبقى بعد خراب البدن المحلول المشاهد الذي به يشارك الحيوان في قبول الفيوض الفائضة من الأجرام اللطيفة الفلكية ، ونيّراتها .

 

واللطيفة النفسية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض الكرسي والعرش مستعدة لقبول فيض العرش غالبا واللوح مغلوبا بلا واسطة الكرسي .

واللطيفة القلبية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض العرش واللوح مستعدة لقبول فيض اللوح غالبا والمداد مغلوبا بلا واسطة العرش .

واللطيفة السّرّية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض اللوح والمداد مستعدة لقبول المداد غالبا ، والدواة مغلوبا بلا واسطة اللوح .

واللطيفة الروحية : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض المداد والدواة مستعدة لقبول فيض الدواة غالبا والقلم مغلوبا بلا واسطة .

واللطيفة الخفية ، ( بالخاء المعجمة والفاء ) : عبارة عن قابلية حاصلة من فيض الدواة والقلم مستعدة لقبول فيض القلم غالبا ، وفيض تجلي اللّه بالصفة الواحدية ليعرف مغلوبا بلا واسطة العرش والدواة .

واللطيفة الحقيّة ، ( بالحاء المعرّاة والقاف ) : عبارة عن قابلية حاصلة من العلم وفيض تجلّي اللّه بالصفة الموجدية المغلوب مستعدة لقبول فيض تجليه بالصفة الواحدية غالبا ، والواحدية مغلوبا في البداية .

وفيض تجلي الصفة الأحدية غالبا ، والذاتي مغلوبا في الوسط .

ولقبول الفيوض كلها من حيث الاعتدال التام غير غالب ولا مغلوب . كما أن البدن المحلول الذي هيّأه اللّه تعالى في هيئة معتدلة تامة ، ليكون مشيمة لجنين البدن المكتسب في مضيق بطن معالم الكون والفساد حق خاتم التراكيب الذي هو الإنسان .

والبدن المكتسب : عبارة عن اجتماع الأمريات المتفرقات في العنصريات المستكنة فيها حين اجتماعها في هيئة معتدلة حين جذبها فيض النفس المدبر لها لعلة المجانسة إليه لتكون متشبهة متثبتة .

والباء في غير المنفصل عنه في البرزخ والحشر ، والجنة والجحيم أبد الآباد ، وغلافا للمرآة المعبر عنها باللطيفة الإنسانية ، ولولاه ما أمكن الإشارة إلى أحد أنّه زيد وبكر ، شقي أو سعيد ، وكما أن الامتياز بين زيد وبكر في عالم الشهادة بالبدن المحلول للإنسان الذي هيّأه اللّه في أحسن هيأة معتدلة ، وخلقه في أحسن تقويم ، وفي أحسن صورة ، ففي عالم الغيب بالبدن المكتسب .

فإذا فهمت هذه الأسرار ما هممت في طرق بيانها ، كن موقنا مطمئنا على ما في سورة الإخلاص من الإلهيات وعلى صدق ما أخبر به الأنبياء عليهم السلام من المغيبات وعلى ختم النبوة على النبي الأمّيّ محمد العربي صلى اللّه عليه وسلم لتكون من المخلصين الذين لا يقدر الشيطان على إغوائهم كما أخبر عنه نص التنزيل .فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ( 82 ) إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ( 83 )[ ص : 82 ، 83 ] .

وصلى اللّه على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين  .

 



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!