موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تعليقات محمود الغراب
على فصوص الحكم

تأليف: أ. محمود محمود الغراب

(نقد إنكار محمود غراب لنسبة الفصوص)

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب

  السابق

المحتويات

التالي  

مقدمة مع قراءة خطبة الكتاب


مقدمة كتاب شرح كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربى أ.محمود محمود الغراب

شرح أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ على كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي رضي الله عنه

الإهداء
إلى الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربى قدس الله سره العزيز،
الرجل الذي ملأ الدنيا وشغلها منذ أكثر من ثمانية قرون، وما احتلت الناس في أحد به النبوات مثل ما اختلفوا فيه، وكان هو في نفسه مرآة محمدية في غاية الصفاء والإستقامة ، فما رأى أحد فيه إلا نفسه , وما تكلم فیه تی متكلم إلا بما هو عليه المتكلم.
محمود محمود الغراب
دمشق
غرة جمادى الثاني 1405ه
الموافق العشرين من شباط 1985 م
العلم بالله دینی إذ أدین به ….. والجهل بالعین ایمانی وتوحيدي
محيي الدين ابن العربي
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله مؤتي الحكم ، سابغ النعم ، دافع النقم ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المؤتی جوامع الكلم ، والهادي إلى الطريق الأمم ، وعلى آله وأصحابه وسلم ، أما بعد، فانه بعد صدور السلسلة الأولى من كتبنا التسعة عن الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي رضي الله عنه ، وهي :
الفقه عند الشيخ الأكبر .
الإنسان الكامل .
القطب الغوث الفرد .
شرح كلمات الصوفية .
الرد على ابن تيمية .
ترجمة حياة الشيخ الأكبر.
الحب والمحبة الإلهية .
الخيال عالم البرزخ والمثال .
الرؤيا والمبشرات .
والتي تعتبر مدخلا لقراءة كتب الشيخ، وتوجد بعض ما جاء من مفاهيم وعلومه ، في أبواب يسهل على القارىء استيعابها .
فإني أتقدم واسأل الله العون والتوفيق لشرح كتاب فصوص الحكم ، الذي أثار كثيرا من اعتراض بعض الأئمة وأهل العلم على الشيخ الأكبر قدس الله سره العزيز ، مثبتا في هذا الشرح ما صح نسبته إلى الشيخ ، ومحقق ما جاء في هذا الكتاب مما يخالف آراء الشيخ في كتبه الأخرى .
فأقول : الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
هو أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد العربي ، ولد عام 560 هـ بمدينة مرسية بشرق الأندلس ، خرج حاجا من الأندلس عام 489 هـ ثم استقر به المقام في دمشق بعد رحلة مذكورة في ترجمة حياته ، غرق أهل العلم في شرح و تفسير إشاراته ، فغابوا عن علو مقام الشيخ الفقهي وانه امام صاحب مذهب مستقل من مذاهب أهل السنة
والجماعة ، واختلف فيه أهل الظاهر بين قادح ومادح ، واعتبره فلاسفة الغرب والشرق من أكبر فلاسفة الإسلام، ولقبه الأولياء واهل العرفان بسلطان العارفين وشيخ المحققين، له من المؤلفات ما ينيف عن ستمائة مؤقف بين رسالة وكتاب ، فقد جلها ، ولم يبق بخط يده إلا اليسير منها أهمها الفتوحات المكية ، توفي عام 638 هـ بمدينة دمشق .
فصوص الحكم
سمي هذا الكتاب موضوع البحث بـ " فصوص الحكم " إشارة إلى أن الحكم الواردة فيه كاملة النشأة ، محكمة لا يفضل منها شيء فلا زيادة فيها ولا نقصان ، فيقدح ذلك في كونها حكمة.
فإن الفص من الخاتم لا يفضل عنه شيء ، بل يكون على قدر محله وشكله ، فإن محله من الخاتم يكون مثله لاغير.
فهو مثال لوضع الحكمة في محلها الذي تثبت فيه فلا تضيع ، إشارة إلى إتيان الدعية أهلية ، فلا تظلم ولا يظلمون .
لم يرد ذكر أسم هذا الكتاب في أي من كتب الشيخ رضي الله عنه ، إلا أنه جاء ذكره في إجازة الشيخ للملك أبي بكر بن أيوب ، ضمن ما أجازه من قراءة كتبه المذكورة في الإجازة ، وذاك في مدينة 632 هـ ، وفي ديوانه وإذا اعتبرنا ذلك دليلا على نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ ، فيكون بذلك من أواخر الكتب التي ألفها ، حيث ذكر أنه الغه عام 627 هـ .
ولذلك نجد أنه قد أتى علی ذكر كتب التنزلات الموصلية والفتوحات المكية والتجليات في هذا الكتاب .
واشار : الرجوع إليها ، ولكن ما يجب أن يعلمه القارئ هو أن هذا الكتاب وإن كان من أواخر ما ألف الشيخ، إلا أنه ليس بآخرها كتابة .
فإنه ثابت أنه استمر في كتابة الفتوحات المكية حتى عام 935 هـ ، أي بعد ضمان سنوات من كتابة فصوص الحكم ، كما أن للشيخ على نسخة الفتوحات المكية المكتوبة بخط يده واحدة وخمسين سماعا من عام 633 هـ إلى عام 637 هـ ، وأقدم نسخة الفصوص هي المنسوبة إلى صدر الدين القونوي .
يوجد من الكتب المخطوطة بيد الشيخ رضي الله عنه في تركيا وبغداد ثمان وعشرون كتابا هي : الفتوحات المكية ، كتاب الأحدية ، كتاب الأزل ، كتاب ايام الشأن ، دیوان الشيخ الأكبر ، كتاب الجلالة ، كتاب حلية الأبدال ، كتاب مقام القربة ، كتاب التدبيرات الإلهية ، كتاب التراجم ، كتاب التجليات ، كتاب التنزلات الموصلية ، كتاب الياء ، كتاب جواب سؤال ابن سودكين ، كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل ، كتاب العظمة كتاب الحقائق الإلهية ، كتاب بحر الشكر ، كتاب الرد على اليهود ، كتاب الجواب المستقيم عما سأل عنه الترمذي الحكيم ، كتاب انخراق الجلود ، كتاب المحجة البيضاء في الأحكام الشرعية ، كتاب منازل المنازل الفهوانية ، رسالة القرار في نزول الأخبار ، كتاب نثر البياض في روضة الرياض ، كتاب شواهد الحق في القلب ، كتاب الوسائل في الأجوبة عن عيون المسائل ، تفسير جزئين من سورة البقرة من تفسيره إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن ، طبع من هذه الكتب الخمسة عشر كتابا الأولى ، ولا يوجد في هذه الكتب كلها أي تعارض مع ما هو موجود في كتابه الفتوحات المكية .
الذي يعتبر بحق أما لجميع كتب الشيخ ، نعم يوجد في الفتوحات المكية تعارض في بعض المسائل ، ولكن نجد ذلك عند شرح مدلول لفظة من الفاظ الأضداد تحتاج إلى تخريج المعنى مع ما يناسب كلا من الضدين .
او نجد رأيين متعارضين عندما يقرر الشيخ راي علماء الكلام أو النظر او الفلك.
أو الطبيعة مع اختلاف آرائهم في نفس الموضوع ، ولكن لا يوجد أي تعارض عندما يتكلم الشيخ عن الحقائق ، فإن الحقائق لا تتبدل ، ولا يصح تعارض فيما يأتي به الكشف إن كان الكشف محققا ولم يدخله التأويل ولا النظر .
ولما كان هذا الكتاب « فصوص الحكم » مبنية على الحقائق وعلوم الإلهيات ، فإنه لا يتصور فيه تناقض مع ما ثبت عن الشيخ في كتبه الأخرى.
ولكن عند تحقيق ما ورد في هذا الكتاب ، نجد أن فيه كثيرا من المخالفات والعبارات التي تناقض تماما مذهب الشيخ وأسلوبه .
ولا يوجد وجه جامع يجمع بين هذه المتناقضات ، لذلك نجد أنه من الصعب التسليم بصحة نسبة كل ما جاء في هذا الكتاب الذي بين أيدينا إلى الشيخ.
و خصوصا عندما نرى تدنية في أسلوب الكتابة والتعبير المعهودين عن الشيخ ، وكذا ضعف الاستدلال بالشواهد في هذا الكتاب مع قوة الشواهد في نفس المسائل ووضوحها في الفتوحات المكية والكتب الأخرى المكتوبة قبل هذا الكتاب .
كما إننا لا نجد أي ذكر او إشارة إلى هذ التعارض في كتاب نقش الفصوص الذي كتبه إسماعيل بن سودكين التلميذ المقرب إلى الشيخ رضي الله عنه .
لذلك فإنني أنحو في شرحي لهذا الكتاب طريق التحقيق العلمي المستند إلى المراجع التي صحت نسبتها إلى الشيخ الأكبر رضي الله عنه.
فأوضح ما أبهم في هذا الكتاب بنص كلام الشيخ كما إنني اثبت ما جاء مخالفة لما في هذا الكتاب مما لا يصح نسبته إلى الشيخ دون أن أتكلف تأويله كما سبق ممن تعرض لشرح هذا الكتاب.
وسيرى القارئ مدى تجني منتقدي الشيخ على هذه المسائل دون أن يحققوا نسبتها إليه ، في أمور لا تصح نسبتها إلى الشيخ ، وفي أمور قصروا عن إدراك معانيها ويوضحها الشيخ في كتب أخرى .
وعند تحقیق ودراسة هذا الكتاب نجد أن جميع العلوم الأساسية فيه لم يتناولها أي تحريف أو تصرف، ولذلك يعتبر من هذه الناحية مختصرة مكثفا لبعض علوم الشيخ الرئيسة .
ونجد أن هذا الكتاب من جهة حقائقه العلمية يقوم على الفردية ، كما أن الوجود الحادث مبني على الفردية .
فالثلاث علوم الرئيسة فيه :
أولها وحدة الوجود من حيث أنه سبحانه هو الظاهر في المظاهر ، وأقرب مثال له هو الظهور في المرايا .
معبرة عن فهم الشيخ في قوله تعالى « كل شيء هالك إلا وجهه » وقوله : كان الله ولا شيء معه .
والثاني كون العلم تابعا للمعلوم وهو إشارة إلى قوله تعالى « فلله الحجة البالغة »والثالث شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب . وذلك بالنظر إلى قوله تعالی « الرحمن على العرش استوى » .
وقوله تعالى « ورحمتي وسعت كل شيء » وسيجد القاريء جدولا مفصلا يبين تكرار هذه العلوم في أكثر فصوص هذا الكتاب .
وما عدا ذلك من العلوم فهو من العلوم الفرعية ، كما نجد أن الشيخ يضمن الفصوص الأخيرة من هذا الكتاب رأيه في العقائد وعلوم التوحيد، وما يتعلق به من التنزيه المطلق والتشبيه: لطلق، ويوضح مذهبه في الجمع بين التنزيه والتشبيه القائم على النصوص الشرعية والجمالية في قوله تعالى " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ".
ثم يشرح تجلي الحق في صور المعتقدات مستندا إلى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه من تحول الحق في الصور يوم القيامة .
ويلاحظ في هذا الكتاب أن الشيخ يتكلم فيه عن الحقائق والعلوم الذوقية دون لغز او رمز مما لا يصعب فهمه او يعسر حله إلا في فص واحد هو فص الحكمة النوحية
ولهذا أحال الشيخ رضي الله عنه القارىء على التنزلات الموصلية ، فإنها مبنية على اللغز والرمز والأسرار المختصة بأهلها ، فمن فهمها هناك فهمها في ذلك الفص ، وقد اشرت بعلامة (0) إلى كل موضوع وقع فيه خلاف بين ما هو مذكور في فصوص الحكم وبين ما هو ثابت عن الشيخ في كتبه الأخرى .
ليتضح للقارىء مدى إصابة أو خطأ كل من تعرض لشرح هذا الكتاب ، ولذلك فإني أثبت في شرحي المراجع والمصادر في أماكنها ليرجع إليها من طلب تحقیق المسألة
وأما عن نسبة كل حكمة إلى نبي من الأنبياء ، فإني أقدم لها بما فتح الله تعالی على ، موضحا المناسبة والوجه الجامع بين الحكمة وبين النبي المسند إليه هذه الحكمة ما المسه من الشيخ في مراعانه علم المناسبة وإن دقت او بعدت ، فأرجو الله تعالی التوفيق لإصابة المقصود من الشيخ رضي الله عنه .

شرح فصوص الحكم لهذا الكتاب
عدة شروح تربو على المائة منها ستة شروح مطبوعة ، اناقش مسألتين فقط جاءنا في فصوص الحكم في ثلاث من أهم هذه الشروح وهي شرح الملا عبد الرحمن الجامي المتوفي عام 898 هـ ، وشرح خليفة الصوفية بالي أفندي المتوفي عام 960 هـ، وشرح الشيخ العارف بالله عبد الغني النابلسي المتوفى عام 1143 هـ ، ومن مناقشة هاتين المسألتين مع النصوص
الثابتة عن الشيخ الأكبر رضي الله عنه يتضح للقارىء مدى إصابة كل من تصدى لشرح الفصوص قصد الشيخ ام خطؤه ، وهاتان المسألتان نموذج أقدمه وم عداهما فهو متروك للقارىء يقف عليه بنفسه عند قراءة هذا الشرح.
أما نقد وتعليق المرحوم الدكتور أبو العلا عفيفي ، فإني لا أتعرض له حيث انه تناول بالنظر الفكري عن طريق الفلسفة نقد ما كتب عن طريق الكشف والذوق، فخالف شرط المؤلف الثابت في نفس الكتاب حيث يقول الشيخ الأكبر في الفص رقم (۱)
"هذا الفن من الادراك لا يكون إلا عن كشف إلهي منه" وينص بصريح عبارته « أن الأمر موقوف علمه على المشاهدة بعيدة عن نتائج الأفكار » .
فكيف تناقش بالدليل والبرهان ما جاء بالذوق والوجدان ؟!
وقد أوضحت في كتابي شرح كلمات الصوفية ص 375
كیف شرح المرحوم الدكتور أبو العلا عفيفي في كتابه « التصوف الثورة الروحية في الإسلام»
قول الشيخ الأكبر :
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوی …. ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى
فأفسد المعنى المقصود للشيخ بشعره ، وجانب جملة وتفصيلا ما نص عليه صاحب هذا البيت .
ولننظر إلى ما ذهب إليه هؤلاء الشراح الثلاثة في هاتين المسالتين .

مسالة استفادة خاتم الأنبياء العلم من خاتم الأولياء
اولا مسالة خاتم الأولياء :
وهي قوله في الحكمة الشيثية: « فالمرسلون من كونهم أولياء لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء ، فكيف من دونهم من الأولياء ، وإن كان خاتم الأولية تابعة للحكم ما جاء به خاتم الرسل من التشريع ، فذلك لا يقدح في مقامه ، ولا يناقض ما ذهبنا إليه ، فإنه من وجه يكون أنزل ، كما أنه من وجه يكون أعلا » .
الملا جامي :
يقول الشيخ الملا عبد الرحمن جامي ما يلي :
خاتم الاولياء مظهر احذية جمعه صلى الله عليه وسلم و لحقائق ولايته الباطنة ، فالاستمداد من مشكاة خاتم الأولياء بالحقيقة هو استمداد من مشكاة خاتم الأنبياء ، فإن مشكاته بعض من مشكاته ، فلا استمداد في الحقيقة إلا من مشكاة خاتم الأنبياء ، وإنما أضيف الاستمداد إلى خاتم الأولياء باعتبار حقيقته التي هي بعض من حقيقة خاتم الأنبياء ، ومعنى استمداد خاتم الأنبياء منه بحسب ولايته استعداده بحسب النشاة العنصرية من حقيقة هي بعض من حقيقته .
وذلك الولي الخاتم مظهره، فهلا بالحقيقة استمداد من نفسه لا من غيره . والله أعلم بالحقائق.
بالي أفندي :
لاينبغي أن يتوهم افضلية خاتم الأولياء على خاتم الرسل وغيره في ذلك الوجه الخاص وهو كونه متبوعا لخاتم الرسل في رتبة علم التجلي الذاتي .
لأن قوله « من وجه يكون اعلى » لا يدل إلا على تقدمه في ذلك العلم ولا يلزم منه الأفضلية في تلك المرتبة ۰۰۰
فكان المراد من قوله « من وجه يكون أعلى » بیان لزيادة مرتبة خاتم الأولياء من الوجه المذكور ، ولا يلزم منه الأفضلية من هذا الوجه عند الله .

الشيخ عبد الغني النابلسي :
« فالمرسلون من كونهم أولياء لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء " من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام كما مر ، فإن ختم الولاية في زمان المرسلين الماضين عليهم
السلام لم يكن إلا في ولاية النبوة، كولاية الخضر عليه السلام وولاية الرسالة فقط، وأما ولاية الإيمان فحقها في هذه الأمة في كل زمان إلى يوم القيامة ، ومعلوم أن المرسلين ليسوا في هذه الأمة « فكيف من دونهم من الأولياء » ولاية نبوة أو ولاية إيمان .
فإنهم لا يرون ذلك المسلم إلا من مشكاة خاتم الولاية بالطريق الأولى ، فأصحاب الولاية النبوية لا يرونه إلا من خاتم الولاية النبوية ، و أصحاب الولاية الإيمانية يرونه من خاتم الولاية الإيمانية « وإن كان خاتم الأولياء » سواء كان ولاية نبوة او ولاية رسالة أو ولاية إيمان « تابعا في الحكم » العملي « لما جاء به » من عند الله تعالی « خاتم الرسل » في كل زمان من الأزمنة الماضية بالنسبة إلى الأنبياء والمرسلين.
والمستقبلة بالنسبة إلى أولياء الإيمان « من التشريع » أي البيان الإلهي ۰۰۰ والحاصل إن الرسالة والنبوة اللتين انقطعتا الآن ، لهما ولايتان ، ولكل ولاية منهما خاتم في كل زمان من تلك الأزمنة الماضية .
وكذلك ولاية الإيمان الباقية إلى يوم القيامة ، لها خاتم في كل زمان ، وهذا العلم مخصوص بخاتم الولاية من المرسلين أو الأنبياء أو المؤمنين ، ولا يراه أحد من المرسلين أو الأنبياء في زمن وجودهم إلا من مشكاة خاتم ولايتهم .
فكذلك لا يراه أحد من أولياء المؤمنين إلى يوم القيامة إلا من مشكاة خاتم ولايتهم « فذلك » اي كون خاتم الأولياء من المرسلين او الأنبياء أو المؤمنين تابعا لخاتم الرسل في التشريع «لا يقدح في مقامه » الذي هو ختم الولاية.
فإنه مقام عال بالنسبة إلى من لم يكن خاتما من نوعه ، ذلك لحصوله على ذلك العلم بطريق الأصالة وغيره بالتبعية له.
« ولا يناقض ما ذهبنا إليه » من كون من لم يكن خانما لا يرى ذلك إلا من مشكاة الخاتم بطريق التبعية له في نوقه ذلك «فإنه» اي خاتم الأولياء المذكور «من وجه يكون أنزل» أي أدنى منزلة من تابعه « كما انه » اي خاتم الولاية « من وجه » آخر « يكون أعلى» من غيره .
نجد في هذه الشروح الثلاثة تكلف الشارح في تخريج معنى صريح اللفظ ، فيذهب منلا جامي إلى أنه استمداد لرسول الله صلى الله عليه من نفسه ، وهو تأويل يصعب على القارىء قبوله .
ونجد أن بالي افندی انبت الاختصاص الإلهي للشيخ بهذا العلم وأن هذا لا يعني أفضليته على خاتم الرسل .
فكان أقرب الثلاثة وضوحا مع ظاهر اللفظ ، أما الشيخ عبد الغني فقد تعني في التكلف في شرح المسالة واخرجها كلية عن المعنى الظاهر ، وجانب بهذا التكلف مفهوم ختم الولاية كم جاء في كتب الشيخ بأسلوب واضح سهل لا غموض فيه ولا يحتاج إلى تأويل .
فتكلف الشراح الثلاثة شرح ما لم يصح نسبته إلى الشيخ من ثابت كلامه ، كما سيراه القارئ في محله في فص الحكمة
مسألة إدريس والياس علیهما السلام وأنهما واحد
يقول كل من الملا جامي
كان الحكم بالاتحاد بينهما بناء على مشاهدته الأنبياء عليهم السلام في مشاهداته ۰۰۰
او مستفاد من روحانيته ، فإن هذا الكتاب بلا زيادة ولا نقصان مأخوذ منه صلى الله عليه وسلم ، كما صرح به في صدر الكتاب .
فما وقع به في بعض كتبه رضي الله عنه أن الموجود من الأنبياء بابدانهم العنصرية اربعة :
إثنان في السماء إدريس وعيسى عليهما السلام.
واثنان في الأرض الخضر وإلياس ، على ما اشتهر من اثنينيتهما ، وما وقع في هذا الكتاب بناء على ما استقر كشفه علیه آخرا ، فإن هذا الكتاب خاتم مصنفاتهم ، أو نقول الحكم بالإثنينية باعتبار البدنين السماوي والأرضي ، والحكم بالاتحاد باعتبار الروحانية .
بالي أفندي :
وكون إلياس هو إدريس عليه السلام معلوم له من الكشف الإلهي وما ذكر في كتب التفاسير من قصة إدريس وإلياس ، وإن دل على تغاير الأحوال ، لكن لا يقل قطعا على تغايرهما في المسمى.
الشيخ عبد الغني النابلسي
نقل الشيخ عبد الغني رضي الله عنه تعارض الأقوال واختلاف المفسرين في هذه المسألة فمن قائل إن إلياس غير إدريس ومن قائل إن إلياس هو إدريس وأورد عن الشيخ العز بن عبد السلام قوله عن إلياس عليه السلام " وقيل إنه إدريس» ونقل من صحيح البخاري في كتاب الأنبياء عليهم السلام قول البخاري « ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم أن إلياس هو إدريس ».
ثم رجع الشيخ عبد الغني القول بان إدريس عليه السلام هو إلياس بقوله « وابن عباس رضي الله عنهما ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ترجمان القرآن ، وقد دعا له ابن عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل أي تأويل القرآن ، فهو أدرى بالقرآن من غيره ، فقوله بإن إلياس هو إدريس عليه السلام أصح الأقوال ، خصوصا وقد وافقه ابن مسعود خادم رسول الله وغيره أيضا .
وجاء الكشف الصحيح المؤيد بالكتاب والسنة بذلك من حضرة المصنف قدس الله سره » اه
نجد أن الشراح الثلاثة قد نحوا إلى أن إلياس هو إدريس عليهما السلام .
واثبتوا ذلك ونسبوه إلى الشيخ كشفا ، غير أن الملا الجامي ، قد أثبت أن للشيخ رأيه مخالفا في كتبه.
ولكن ما جاء به في الفصوص هو ما استقر علیه كشفه .
كما نجد أن كلا من بالي افندي والشيخ عبد الغني لم يذكره راي الشيخ المخالف ولا أتيا عليه ، وما نحب أن نذكره هنا في هذه المسألة أن الراي المخالف لما في الفصوص من كون إلياس هو إدريس عليهما السلام .
مذكور في الفتوحات المكية التي يقول عنها الشيخ ما هذا نصه (( هذا الكتاب مبني على الشرع وعلى ما يعطيه الكشف والشهود ، فإن العقول تقصر عن إدراك الأمر على ما يشهد به الشرع في حقه » هـ .
إلى غير ذلك مما تجده في كتابنا ترجمة حياة الشيخ ، فإذا اعتبرنا الشيخ قد اخطأ في كشفه الأول في الفتوحات المكية .
فلا يبعد أن يخطىء في كشفه الثاني في الفصوص ، وهذا هدم لكل ما جاء به الشيخ في مؤلفاته من علوم.
مع ثبوت الحقول المعارض بخط يد الشيخ في الفتوحات ، والقول الذي تكلف الشراح إثباته من النصوص منسوب إلى الشيخ غير محقق ، ويؤخذ على الشيخ عبد الغني في هذه المسالة ، ذهابه إلى ترجيح القول في الفصوص اعتمادا على ما جاء في صحيح البخاري غير مسند ولا مرفوع بكلمة « يذكر » وما جاء عن العز بن عبد السلام « قیل » ومعلوم لدى أهل العلم ضعف يذكر وقيل ، أما الترجيح بنسبة القول إلى ابن عباس وابن مسعود على ما جاء به الشيخ عبد الغني ، فكم من قول ثابت صحیح عنهما لم يأخذ به الفقهاء في ظاهر الشريعة .
ناهيك عن قول غير ثابت عنهما ، فإن قلت :
ما حمل هؤلاء السادة الأفاضل على التكلف في شرح فصوص الحكم ؟
قلنا هو ما توهموه من صحة نسبة كل ما جاء في الفصوص إلى الشيخ ، والتسليم المطلق بذلك .
فإنه لم يكن يتوفر في ذلك الزمان التحقيق العلمي الذي يثبت كثرة النسخ التي تناولها التحريف والتصحيف .
أما مذهبنا في هذا الشرح فهو الاعتماد على ما يثبت بخط يد الشيخ رضي الله عنه في كتبه .
ورد كل ما سواه ، وإثبات ما صحت نسبته إلى الشيخ ولا شك أن كل من تعرض لشرح الفصوص أو نقده قد اعتمد على صحة نسبة نسخة الصدر القونوي إلى الشيخ وهذا ما ننتقل لبحثه .
الصدر القونوي
هو محمد بن إسحاق بن محمد القونوي المتوفى عام 672 هـ لم يأت ذكر اسم الصدر القونوي المتوفى عام 672 هـ في أي من مؤلفات الشيخ رضي الله عنه على كثرتها ووفرتها.
كما أتي على ذكر خواص تلاميذه وأصحابه مثل بدر الحبشي المتوفى عام 625 ك وإسماعيل بن سودكين المتوفي عام 646 هـ ، ويلاحظ أن الفتوحات الملكية التي بخط يد الشيخ رضي الله عنه ، عليها سبع وخمسون سماعة عام 623 هـ في دمشق مسجلة داخل الفتوحات في الأجزاء والأبواب المختلفة ، حضر ولداه محمد سعد الدين ومحمد عماد الدين خمسة وعشرين سماعا عام 633 هـ ، وحضر ولده محمد سعد الدين سماعا واحدا عام 636 هـ ، وحضر تلميذه إسماعيل بن سودكين اثنا عشر سماعة عام 623 ك .
ولم يحضر الصدر القونوي إلا سماعا واحدا كتبه بخط يده لم يحدد فيه تاريخ السماع ولا الفقرة التي اسمعت.
وقد استمر الشيخ رضي الله عنه في إسماع فقرات من الفتوحات منذ عام 633 هـ حتى عام 637 هـ أي قبل وفاته بعام واحد .
وبعد ذلك سجل على الفتوحات بعد وفاة الشيخ اربعة عشر سماعا في حلب عامي 639 هـ و 640 هـ ،
كان المسمع فيها إما إسماعيل بن سودكين أو صدر الدین القونوي ، ولم يدون الصدر أي مخالفة منها على نسخته من الفصوص ،ولا على هامش الفتوحات.
أما نسخة الفصوص المنسوبة الى الصدر القونوي فعليها سماع واحد مجهول المكان والفترة ، بل كتب على الغلاف ، كما لا يوجد سامعون ، فكان المسمع الشيخ رضي الله عنه و القارىء صدر الدين القونوي ، وذلك عام 630 هـ ، ومعلوم أن الشيخ كان في ذلك الوقت بدمشق .
وعدم وجود سامعين أثناء تلاوة مثل هذا الكتاب أمر يدعو إلى التوقف والتأمل مع كثرة السامعين المذكورين في الفتوحات من نساء ورجال .
كما أنه لا يعتمد السماع بوجوده على الغلاف دون تحديد الفقرة او الباب التي تلي في السماع ، فإذا أضفنا الى ان النسخة ليست بخط يد المؤلف مع اهميتها وأن ما كتبه بخط يده يعارض ما جاء فيها.
كان الأخذ بما جاء بخطة مقدما و أوثق مما جاء في الفصوص نقلا وعقلا وتحقيقا .

مخطوطات مكتبة الصدر القونوي
نسخة الفصوص الموجودة في متحف الأوقاف باستنبول نسخة خطية تحمل رقم 1933 ت وعليها سماع على الغلاف بتاریخ 630 هـ .
ولا يمكن استبعاد تزویر الكتب ونسبتها إلى المؤلفين في الزمان الغابر .
اما اذا صحت نسبة النسخة الى الصدر القونوي ، فلابد أن يكون قد كتبها من ذاكرته وليس إملاء من الشيخ أو نقلا عن نسخة الشيخ الخطية .
فإننا نجد ما أملاه الشيخ ابن العربي على تلميذه إسماعيل بن سودكين في كتابه المسمى « النجاة من حجب الاشتباه » في شرح كتابي الإسراء والمشاهد ، نجد اسلوب الشيخ واضحة متماسكا كما هو المعهود به ، ولا نجد في هذا الإملاء أي تناقض ما جاء في الكتب الأخرى.
في حين أننا نجد في نسخة الفصوص المنسوبة إلى الصدر القونوي كثرة المخالفات لأراء الشيخ واستشهاداته مما يدل على أنه قد وقع التصرف في أمور فرعية كثيرة من الكتاب وستجد ذلك في شرحنا للفصوص بعلامة (۰)۰
و لإثبات عدم الثقة بالمخطوطات المنسوبة إلى مكتبة الصدر القونوي اقدم القارىء هذا المثال عن كتاب « الخلوة المطلقة » وقد ذكره الشيخ فيما ذكر من كتبه مثل الفصوص ، وتوجد منه نسخة خطية للصدر القونوي بمكتبة فيانيدين بتركيا تحت رقم 1686 / 6 ب - 10 ب - وقد حصلنا على نسخة مكتبة برلين فوجدناها مطابقة تماما النسخة المكتبة الظاهرية بدمشق ، و اذا كانت النسختان متطابقتين للنسختين الموجودتين بتركيا ، فللننظر فيما يلي .
ذكر الشيخ هذا الكتاب في الفتوحات المكية الجزء الأول ص 391 ويقول عنه :
« وقد افردنا لهذه الطريقة خلوة مطلقة غير مقيدة في جزء ، يعمل عليها المؤمن فيزيد إيمانا ، ويعمل بها وعليها غير المؤمن من كافر ومعطل ومشرك ومنافق ، فإذا وفي العمل عليها وبها كما شرطناه وقررناه .
فإنه يحصل له العلم بما هو الأمر عليه في نفسه ، ويكون ذلك سبب إيمانه بوجود الله إن كان معطلا ، وبتوحيد الله إن كان مشركا ، وبحصول إيمانه إن كان كافرا ، و بإخلاصه إن كان منافقا أو مرتابا .
فمن دخل تلك الخلوة وعمل بتلك الشرائط كما قررنا اثمرت له ما ذكرنا ، وما سبقني إليها أحد في علمي إلا إن كان وما وصل إلي .
فإن الله لا تحجير عليه يؤتي الحكمة من يشاء ، فإني أعلم أن أحدا من أهل الطريق ما يجهلها إن كان صاحب كشف تام ، ولكن ما ذكروها ولا رأيت أحدا منهم نبه عليه ، إلا الخلوات المقيدة.
ولولا ما سالني فيها اخونا وولينا أبو العباس أحمد بن علي بن ميمون بن آب التوزري ثم المصري المعروف بالقسطلاني ، المجاور الآن بمكة ، ما خطر لنا الإبانة عنها ، فربما اتفق لمن تقدمنا مثل هذا فلم ينبهوا عليها لعدم السائل » اهـ.
فكيف تثبت مخطوطة مكتبة الصدر القونوي ونسبتها إلى الشيخ وهي في الخلوة المقيدة .
ويقول فيها « الأساس كله على التوجه الى الله تعالى بالتوحيد المطلق الذي لا يشوبه شرك خفي ولا جلي . ونحفظ من الشك والشرك والتعطيل » اهـ .
ويذكر فيها « إن الخيال لا حقيقة له في نفسه لأنه ليس بعالم مستقل » وكل كتب الشيخ من الفتوحات المكية و الإسراء والتنزلات الموصلية ، والتجليات إلى غير ذلك من الكتب تقوم على إثبات عالم الخيال ؟!!
(انظر كتابنا الخيال عالم البرزخ والمثال) وهل يوجد مثل ما جاء في هذا الكتاب من تناقض في كتب الشيخ رضي الله عنه حيث نجد في هذه النسخة قول الكاتب « ولو لم يكن له ( أي لصاحب الخلوة ) سوی ثوبین يتصدق بأحدهما ، أو ثوب واحد يمكن أن يباع بثوبين يستبدله بغيره ويتصدق بالفضل » اهـ .
ثم نجده يقول بعد ذلك « وتستعد ثيابا لطهرك تستبدلها في أكثر الأوقات » اهـ .
وهل يتصور عاقل له أدنى إلمام بكلام الشيخ وأسلوبه العلمي انه يقول لصاحب خلوة « وتستعمل في غذائك قلوب الهدهد تسحقها و تسفها سفا ، فإنك ترى عجایب ؟؟ » اهـ .
ولذلك تجد كل ما في هذا الكتاب « كتاب الخلوة » يناقض تماما ما جاء في كتاب مواقع النجوم الثابت للشيخ والذي يقول عنه في الفتوحات المكية ج4 ص 169 « هو كتاب شریف يقوم الطالب مقام الشيخ يأخذ بيده كلما عثر المريد ويهديه إلى المعرفة انا هو ضل وتاه » في ج4 ص 263 « وهو كتاب شريف يغني عن الشيخ في تربية المريد » اهـ .
هذا المثال اقدمه لكل طالب علم او محقق واجب عليه التحفظ من كل ما ينسب الى الشيخ الأكبر رضي الله عنه من كتب ولو دون عليها سماع أو نسبة الى احد تلاميذه حتى يرجع الى الأصل الذي كتبه الشيخ بخط يده ويكون صاحب إلمام بأسلوب الشيخ ونهجه في الكتابة والتأليف .
دمشق
غرة جمادى الثاني 1405ه
الموافق العشرين من شباط 1985 م
محمود محمود الغراب
.
تعقيب الجامع على الشيخ أ. محمود محمود الغراب رحمه الله :
من هو الشيخ أبو المعالي صدر الدين القونوي ؟
(606 هـ ,1209م - 672 هـ /1274م)
صوفي تركي، وأحد تلاميذ الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي , له مؤلفات كثيرة أغلبها عن الشيخ محيي الدين ابن العربي وقد بقيت معظم مؤلفاته مازالت مخطوطات، من مؤلفاته:
تبصرة المبتدئ وتذكرة المنتهي، شرح الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ,فكوك النصوص في مستندات حكم الفصوص للشيخ الأكبر،
التجليات ، النفحات الإلهية وغيره
نشأته :
هو محمد صدر الدين أبو المعالي بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن على، الشهير بالقونوي، وكان أبوه اسحاق من أشراف السلاجقة، ولد القونوي في محافظة ملاطية في آناضول سنة 606 هـ - 1209م.
نشأ صدر الدين في أسرة غنية تبدو عليه آثار الثراء،وكانت وفاته 672 هـ 1274م.
وأوصى أن يدفن في الحارة الصالحية بجانب الشيخ محيي الدين ابن العربي في دمشق، ولكن لم يتمكن ذلك.
علاقته بالشيخ الأكبر ابن العربي
عندما توفي أبوه حوالى 615 هـ وهو صغير، تزوجت أمه بأستاذه الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي على ما يروى، وكان عمر القونوي يتراوح بين الحادية أو الثانية عشر حينما تتلمذ عليه وذهب معه إلى دمشق ولم يفارقه إلى أن توفى ابن العربي.
ظل القونوي بعده في دمشق وشكل حلقة تدريسية لفترة ثم انتقل منها إلى حلب سنة 640 هـ / 1242م، ومنها خرج مسافراً إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، ثم ذهب إلى مصر وظل بها مدة، والتقى بمصر بابن سبعين الذي كان يقول بوحدة الوجود.
وكان أبو المعالي صدر الدين القنوي أستاذا لكل من الشيخ مؤيد الدين الجندي والشيخ عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني من كبار شراح فصوص الحكم .
فحياة الشيخ صدر الدين القونوي ونشأته الفكرية في كنف أستاذه الشيخ الأكبر ابن العربی، وكذلك مشاركته شيوخ عصره في مجلس الشيخ الأكبر والأخذ عنه، ثم الدروس التي ألقاها عن مصنفات شيخه بعد وفاته ,وكذلك جلسات السماع على كتب شيخة بعد انتقاله ، وكذلك المصنفات التي عني بتصنيفها والتي بلورت أبعاد نظريته في الوحدة الوجودية التامة.
علاقته يمولانا جلال الدين الرومي :
كانت تربطه بجلال الدين الرومي رابطة قوية، وأوصى الرومي بأن يصلى القونوي على جنازته بعد وفاته من بين علماء قونية.
لمحة من أهمية وقدر الشيخ أبو المعالي صدر الدين القنوي :
أبو المعالي صدر الدين القونوی وفلسفته الصوفية كان محل دراسة عشرات الآلآف الدرسات والحصول على الماجيستير والدكتوراة على مر القرون فى الغرب والشرق لمكانته ولكونه مفتاح لفهم كلام الشيخ الأكبر ، وهو موضوع على درجة كبيرة من الأهمية إذ أن شخصية القونوي من الشخصيات التي لم يلق على حياتها أو مذهبها ضوء كان مع أهميتها في مجال التصوف "الفلسفي" طبقا للتصنيف الأكاديمي الغربي ودارسي الأدب والعلمانيين .
وهو أول من وضع كتاب فى فك أسرار فصوص الحكم وسماه "الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص". وهو إحدي كتب الموسوعة .
يضاف إلى ذلك أن هذا الصوفي تلميذ الشيخ الأكبر ابن العربی، تعمق في فهم مذهبه ، ومن ثم أصبحت شروحه على مصنفات أستاذه مفتاحا لفهم شيخه واستاذه ابن العربی ومذهبه في وحدة الوجود. ومن هنا كان تأثير القونوي على شارحی مصنفات ابن العربی بالغا.
لأنه ربيب الشيخ الأكبر، وتلميذه النابغة الذي لازمه إبتداء من عام 612 هـ. وحتى عام 638 هـ.
وهي فترة تمتد منذ طفولة القونوي وحتى وفاة ابن عربي في السنة المذكورة.
وعلى الرغم من المكانة التي تمنع بها القونوي بين اخوانه ومريديه وشيوخ عصره، إلا أن مذهبه ظل مجهولا أو شبه مجهول، وظلت مصنفاته بعيدة عن الضوء لإنغلاق أسلوبها، أو لأنها متفرقة هنا وهناك بين مكتبات الشرق والغرب.
ونظرا للأهمية البالغة لأفكار هذا الصوفي الشهير ولأنه يعد حلقة أساسية في تاريخ المذاهب الروحية في الإسلام، فقد نبه أستاذن
الأستاذ الدكتور أبو الوفا التفتازاني إلى ضرورة دراسته، والعناية بمصنفاته لم لأفكاره من خطورة وتأثير على الحياتين العقلية والروحية في الإسلام.
ولقد عنى أستاذنا د أبو الوفا التفتازاني بتجديد الدعوة إلى دراسة هذا الصوفي المتفلسف في كتابه «المدخل إلى التصوف الإسلامي"، وكذلك في بحثه عن الطريقة الأكبرية، في الذكرى المئوية الثامنة لوفاة ابن العربی.
.
نسبة كتاب فصوص الحكم
نسبة كتاب فصوص الحكم
(بقلم )
إنَّ الإقرار بوجود الأخطاء الناتجة عن النسخ والتداول لكتب الشيخ يدفعنا إلى ضرورة دراسة المخطوطات المختلفة لهذه الكتب وتحقيقها تحقيقاً علمياً دقيقاً، ولا ينبغي أبداً أن يكون ذلك سبباً لرفض نسبة هذه الكتب إليه، طالما أنَّ الوثائق التاريخية والمخطوطات تثبت نسبتها. إن المنتقدين للشيخ محي الدين يجدون في العبارات المشكلة غايتهم ويتخذونه سبباً لنقده وربما تكفيره، دون بذل جهد كبير في محاولة فهمها وتأويلها، بل ربما يؤوِّلونه على أبعد الوجوه لكي يصلوا إلى غاياتهم ويُثبتوا وجهات نظرهم. لكن حينما نجد شيخاً ممن ينتمي لمدرسة الشيخ محي الدين، من الذين قضوا الكثير من سنوات عمرهم في دراسة كتبه وكتابة علومه وتدريسها، ثم نجده بعد ذلك ينتقد بعض كتبه المعروفة ويرفضها، يمكننا حينئذٍ أن نجد كلَّ الأعذار لمن لم يسلك طريق الشيخ ولم ينهل من معين مشاهداته ومكاشفاته ولم يقتنع أصلاً بذوقه ومشربه، ويمكننا أن ندرك السبب الذي منع الشيخ من إخراج الكثير من كتبه إلى مرحلة متأخرة من حياته.
لقد تصدى الأستاذ محمود غراب لتحقيق عدد من كتب الشيخ محي الدين وبذل في سبيل ذلك جهوداً كبيرة، ولكنه أخطأ حينما حاول نقض صحة نسبة بعض هذه الكتب إليه بسبب ما يرد فيها مما ينتقده بسببها بعض العلماء على أنه يخالف فيها الشريعة الإسلامية، وهو يعتقد في ذلك أنه يدافع عنه. ولكنَّ هذا يؤدي إلى نتائج قد تكون أسوأ من انتقادات من أساء فهم كتب الشيخ محي الدين فرفضوه وكفَّروه، وهم يعتقدون أيضاً أنهم يدافعون عن الإسلام. ولكن لعلَّ ذلك تقديرٌ إلهيٌّ ولطف خفيٌّ بالمسلمين حين هيَّأ الله لهم من يصدُّهم عن التصدي لعلوم الشيخ الأكبر، التي لا يمكن لأغلب الناس أن يخوضوا في رحابه ويغوصوا في أعماقها، وذلك سواء لمن عادى الشيخ وخطّأه أو كفّره، أو لمن اعتقد بنزاهته ولكنه لمّا يملك بعد لوازم دراسة جميع كتبه وفهم الكثير من مقاصده التي ل يمكن أن تجانب الحقيقة أو تخالف الشريعة.
إنَّ رفض بعض كتب الشيخ بسبب وجود بعض العبارات التي يصعب تلقيها وفق حدود الأسس العامة للعقل، وحدود مفهوماتنا الضيقة للشريعة، يؤدي إلى تشويه الصورة التي أراد هو أن يوصلها لنا، والتي ستزداد وضوحاً وتكاملاً كلّما أعدنا النظر وتمعَّنّا في هذه العبارات المشكلة، حتى تنفتح لنا أبواب جديدة من الفهم تدخلنا في فضاءات واسعة من المعارف لم نكن نعلم بوجودها. لذلك سنحاول فيما يلي شرح بعض الأخطاء التي وقع بها الأستاذ محمود غراب في نقده لكتاب فصوص الحكم (عي 150) في محاولته نفي صحة نسبته إلى الشيخ محي الدين.
لقد أرسل الأستاذ محمود بعض تعليقاته على فصوص الحكم، وكذلك الفهرس والإجازة،[1] إلى شيخنا فضيلة الشيخ رمضان صبحي ديب الدمشقي لكي يفتيه فيها.
والشيخ رمضان من كبار الأولياء وهو معروف لأهل الشام وعلى مستوى العالم. ومع أن أغلب الناس يعرفونه من خلال دروسه العامة التي يلقيها صباح مساء على أيام الأسبوع في جوامع دمشق وضواحيها، ويعرفونه من خلال أفضاله التي لا تحصى وبركاته وكراماته التي لا تخفى، إذ إنّ همه وشغله الشاغل على مدى حياته -التي بلغت تسعة عقود، أطال الله في عمره وبارك لنا في حياته- هو خدمة الناس ودعوتهم وهدايتهم إلى سبيل الله. ولكن القليل من الناس يعرف مقدار تحققه في علوم الذوق، وخاصة فيما يخص الشيخ الأكبر، غير أنه لا يُظهر ذلك للعامة خشية افتتان الناس بهذه العلوم التي قد لا تنفعهم كثيراً. ويكفي للتدليل على ذلك أن الأستاذ علي عبد الله شودكيفيز، وهو شيخ الشيوخ بالنسبة للباحثين على مستوى العالم في مجال الشيخ الأكبر من الذين تفرغوا لعشرات السنين لدراسة كتبه ولهم عشرات المؤلفات في هذا المجال، فأقول يكفي أن نعرف أن الشيخ علي عبد الله شودكيفيز يدعو فضيلة الشيخ رمضان في جميع مراسلاته معه بـ"شيخي ومرشدي"، وذلك منذ أكثر من أربعين عاماً.[2] ولقد أذن لي شيخي ومرشدي فضيلة الشيخ رمضان، رضي الله عنه وأطال عمره وبارك لنا بحياته، بالرد على ما كتبه الأستاذ محمود فقمت بكتابة بعض التعليقات على هذا التحقيق ونُشرت على موقع (ibnalarabi.com) من قبل ونحن نعيدها نشره الآن بمزيد من التفصيل لما له من فائدة في سبيل ما نحن بصدد في هذا الكتاب من دراسة مؤلفات الشيخ محي الدين.
فالشيخ محمود غراب ينفي صحة نسبة فصوص الحكم للشيخ محي الدين، وينفي كذلك صحة نسبة فهرس المصنفات الذي كتبه الشيخ لتلميذه صدر الدين القونوي والإجازة اللتي كتبها للملك المظفر شهاب الدين غازي الأيوبي، وهما اللتان تنصان صراحة على صحة نسبة هذا الكتاب إليه، وسوف نؤجل نقاشهما للملحقات حيث نذكرهما بالتفصيل. ولكن التشكيك بكتاب فصوص الحكم يعني التشكيك بمئات العلماء الكبار الذين شرحوه واقتبسوا منه، فله أكثر من مئة وخمسين شرحاً وترجمة، من علماء كبار من الذين كانوا معاصرين له أو ممن أتوا بعده، من أمثال: إسماعيل بن سودكين (المتوفى سنة 646 هـ / 1248 م) في شرحه للفص الإدريسي، والشيخ صدر الدين القونوي (المتوفى سنة 672‍ هـ / 1274 م) في الفكوك، والشيخ عفيف الدين سليمان بن عبد اللّه التلمساني (المتوفى سنة 690 هـ / 1291 م)، والشيخ عبد الرزاق الكاشاني (المتوفى سنة 730 هـ / 1330 م)، والشيخ داود بن محمود القيصري (المتوفى سنة751 هـ / 1350 م) في مطلع خصوص الكلم، والشيخ حيدر بن علي الحسيني الآملي (المتوفى نحو سنة 786 هـ) في نص النصوص، والشيخ عبد الكريم الجيلي (المتوفى سنة 820 هـ / 1417 م)، والشيخ عبد الرحمن بن أحمد الجامي (المتوفى سنة 898‍ هـ / 1492 م)، والشيخ ابن كمال باشا (المتوفى سنة 940 هـ / 1533 م)، والشيخ عبد اللّه البسنوي (المتوفى سنة1054 هـ / 1644 م) في تجليات عرائس النصوص، والشيخ عبد الغنى النابلسى (المتوفى سنة1143 هـ / 1730 م) في جواهر النصوص، والشيخ خواجة محمد بارس (المتوفى سنة822 ه‍). وغيرهم الكثير.
لا أحد من الشيوخ والعلماء والباحثين المهتمين بالشيخ محي الدين يشك أبداً بنسبة هذا الكتاب، لا شكلاً ول مضموناً. وفي الحقيقة إنَّ الشيخ محمود غراب أوقع نفسه في مواجهة كبيرة مع الوقائع البديهية مما اضطرَّه في النهاية لطرح فرضيات بعيدة جداً عن الواقع. فهو بداية يسمي كتابه: "شرح فصوص الحكم" ثم يضيف تحت العنوان عبارة: "من كلام الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي" كما اعتاد أن يفعل في أغلب كتبه. ثم يضيف تحت العنوان واصفاً عمله على الكتاب بأنه "تحقيق وجمع وتأليف محمود محمود غراب". فهذا يعني بالضرورة أنه يقرُّ بنسبة الكتاب للشيخ محي الدين وهو إنم يريد مقابلة المخطوطات لاستخلاص النصِّ الصحيح واستبعاد الأخطاء الناتجة عن النسخ، لكننا لا نرى داخل الكتاب أيَّ نوع من التحقيق ولا مقابلة بين مخطوطات. ثم نراه تارة يشكك ببعض محتويات الكتاب ويحاول مناقضتها بما ثبت من كلام الشيخ محي الدين، وتارة يشكك بصحة نسبة الكتاب كلِّه. فإذا كان يقرُّ بنسبة الكتاب للشيخ محي الدين يمكنه أن يحققه ويثبت عدم صحة بعض عباراته، وهو لم يفعل هذا. وأما إذا كان ينفي صحة نسبة الكتاب للشيخ محي الدين، فما الداعي لكتابة كتاب اسمه "شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ محي الدين ابن العربي"!
على كل حال؛ يثير الشيخ محمود غراب بعض النقاط التي يظن أنها تخالف المنطق أو تخالف ما ثبت من كتب الشيخ محي الدين، وخاصة كتاب الفتوحات المكية، فيستنتج أن هذا الكتاب مدسوس عليه وليس من جملة كتبه. ومع أنَّ جميع هذه النقاط يمكن دحضها، ولكنها في الحقيقة من بعض الإشكاليات الكثيرة الموجودة بالفعل في كتب الشيخ، وخاصة في الفصوص؛ ولعلَّ دراستها هنا تكون أنموذجاً لما يمكن أن يُثار حول بعض العبارات أو المفاهيم الموجودة في الفتوحات المكية:
لماذا لم يذكر الشيخ هذ الكتاب
يبدأ الشيخ محمود نقده بالقول أنّ الشيخ محي الدين لم يذكر كتاب فصوص الحكم في أي من الكتب التي ذكره لنفسه، والبالغ عددها أربعة وسبعون كتاباً تقريباً، منها الفتوحات المكية التي استمرَّ في كتابتها حتى عام 636 هـ؟
والجواب هو أنَّ الكتب التي ثبت تاريخ تأليفها بعد الفصوص هي سبعة كتب، وهي:
رسالة الفهرس (عي 142) التي صنّفت بدمشق سنة 627 هـ، وقد ذكر فيها الفصوص. وكتاب الوصايا (عي 818) الذي صنّف بدمشق سنة 629 هـ، وهو الباب الأخير من الفتوحات المكية.
ونظم الفتح المكي (عي 542) الذي صنّف سنة 630 هـ، وهو يتضمن الأشعار التي في الفتوحات. وكتاب المعشرات (عي 484) الذي صنّف بدمشق قبل سنة 630 هـ، وهو ديوان شعري. ورسالة نسب الخرقة (عي 530) التي صنّفت بدمشق سنة 633 هـ. ورسالة الإجازة للملك المظفر (عي 269) التي صنّفت بدمشق سنة 632 هـ، وقد ذكر فيها الفصوص. والديوان الكبير (عي 102) الذي فرغ الشيخ من تصنيفه بدمشق سنة 634 هـ، وقد ذكر فيه الفصوص أيضاً.
فقد ذكر الشيخ كتاب الفصوص في الفهرس (فه 187) وفي الإجازة (جز 194) وفي الديوان (ص ؟؟؟). وأما نظم الفتح المكي فليس كتاباً جديداً، وإنما هو جمع لقصائد الفتوحات المكتوبة من قبل. وأم الوصايا فموضوعه بعيد تماماً عن موضوع الفصوص، وكذلك كتاب الخلوة.
فإذا كان الأستاذ محمود بنكر الفهرس والإجازة لأنهما يذكران الفصوص، فهل ينكر الديوان أيضاً، حيث يقول الشيخ:
صادَني مَنْ كان فِكري صَادَهُ
***
مَا لَهُ وَالله عَنْهُ مِنْ مَحِيصِ
صابِراً في كُلِّ سُوءٍ وَأَذَى
***
في كَيَانٍ مِنْ عُمُومٍ وَخُصُوصِ
صُرَّة ٌ أَوْدَعْتُ قَلْبي عِلْمَهَ
***
في كِتَابٍ وَسَمتْهُ بِالفُصُوصِ
وأما بالنسبة للفتوحات المكية فهي بشكل عام كتبت قبل فصوص الحكم، وصحيح أن الشيخ أعاد كتابتها مرة أخرى ما بين سنة 632 هـ إلى سنة 636 ه، ولكن هذه النسخة الثانية هي تكرار للنسخة الأولى، وحتى وإن أقرّ الشيخ أنه حذف وأضاف وعدّل على النسخة الأولى، غير أن ذلك كان على بعض العبارات وليس على المحتوى الكلي، فليس هناك من داع لذكر الفصوص في الفتوحات وقد تمت معظم موضوعاتها قبل تأليفه. أما النسخة الأولى من الفتوحات المكية فقد بدأها الشيخ سنة 598 هـ وانتهى منها سنة 629 ه، بعد تأليف الفصوص بسنتين، ولكن ذلك أيضاً لا يستلزم ذكر الفصوص فيها إذ لا شكّ أن معظم موضوعات الكتاب كُتبت قبل سنة 627 هـ بكثير لأن الربع الأخير منه تقريباً هما البابان الطويلان جداً؛ الباب التَّاسع والخمسون وخمسمائة وهو باب تلخيص أسرار أبواب الفتوحات، ويتضمن إشارات خاطفة لما ورد في الأبواب السابقة، والباب الستُّون وخمسمائة وهو باب الوصايا الذي يتضمن وصايا حكمية عامة موضوعها بعيد تماماً عن م ورد في الفصوص.
يُضاف إلى ذلك كلِّه تصريح الشيخ في الفهرس الذي كتبه سنة 627 هـ بأن فصوص الحكم من بين الكتب التي لم يحن وقت إخراجها للناس بعد، في ذلك الوقت، فكيف يذكره في الفتوحات أو غيره وهو لم يخرجه بعد! ولا ندري حقيقة متى أخرجه للناس بعد تأليفه سنة 627 ه؛ فذكره في الفهرس الذي صنَّفه في نفس السنة لا يعني أنه كان قد أُخرج للناس لأنَّ الفهرس كتب لصدر الدين القونوي خاصة، ولو كان الفصوص منشوراً في ذلك الوقت ما كان سرده الشيخ ضمن الكتب التي لم يحن وقت إخراجها. غير أنه على الأغلب أُخرج قبل سنة 632 هـ لأنه في الإجازة يذكره مع غيره دون أن يقول إنه لم يحن وقت إخراجه.
وأما في الفصوص نفسه فيذكر الشيخ محي الدين بعض كتبه الأخرى على الأقل في ستة مواضع: كتاب التنزلات الموصلية (ج1: ص74 من طبعة عفيفي) وكتاب التجليات (ج1: ص125 من طبعة عفيفي) وكتاب الفتوحات (ج1: ص62، 177، 221، 224 من طبعة عفيفي).
مخطوطات الفصوص
هناك أكثر من مئة وعشرين مخطوطة لكتاب الفصوص في مكتبات العالم، منسوخة بتواريخ مختلفة، وأقدمها النسخة المحفوظة في متحف الأوقاف باستانبول، وهي من مخطوطات مكتبة صدر الدين القونوي وعليها سماع مسجل على الغلاف بتاريخ 630 هـ ومصدَّق عليه من الشيخ محي الدين وكان هو المسمع والقارئ والسامع هو صدر الدين القونوي. ولكن الشيخ محمود يشكك بهذه المخطوطة وهذا السماع ولا يستبعد تزويره لعدم وجود مستمعين آخرين كما هو الحال في سماعات الفتوحات المكية (انظر الفصل الخامس والفصل السابع من هذا الكتاب).
إنَّ فرضية التزوير هنا هي ادِّعاء واهٍ بحاجة إلى إثبات؛ فالشيخ محمود قد وقع كتابه "شرح فصوص الحكم" ونشر هذا الكتاب عدة مرات من قبل دور نشر مختلفة وهو الآن قيد التداول منذ ثلاثين سنة، وهناك أناس يعرفون مؤلفه ويتداولون كتابه ويتناقشون حوله ويعلقون عليه، فهل يمكنني أن أنكر نسبة هذا الكتاب إليه لأنني لم أراه يوقعه، وربما كان هذا التوقيع مزوراً! الجواب: نعم يمكنني أن أشكك بأي شيء، لكن أين الدليل؟
أسلوب الفصوص
يقول الشيخ محمود إنّ "أسلوب الكتابة في الفصوص غير مترابط، مهوش، وبعيد عن طابع وأسلوب كتابة الشيخ في كتبه الثابتة النسبة إليه في نفس المسائل، فهو في كتابته متماسك العبارة، جزيل اللفظ، متين الأسلوب، صريح البيان على عكس أسلوب عرض هذه المسائل في الفصوص".
فهذا الكلام بعيد عن الحقيقة كلَّ البعد، بل إن فصوص الحكم يكاد أن يكون من جوامع الكلم! بدليل وجود أكثر من مئة شرح عليه من قبل كبار أساطين العلماء، وهم لا يزالون يقلِّبون وجوه عباراته ويستخرجون دررها ومكنوناتها، ولم يشر أي واحد منهم إلى وجود أي خلل في الأسلوب أو في التعبير، كما يدعي الشيخ محمود!
ضعف الشواهد
ثم يتحدث الشيخ محمود عن ضعف الشواهد في المسائل الثابتة عن الشيخ الواردة في الفصوص مقارنة مع قوتها في كتب الشيخ الأخرى.
والحقيقة أن الفصوص جاء مختصراً وموجزاً، وعلى القارئ أن يبحث عن وجوه دلالات الكلمات والإضافات والعبارات وكلما أعاد القراءة عدة مرات سيكتشف مدى الدقة والبلاغة في التعبير. ولذلك كم قلنا لا زالت تكتب شروح كثيرة على هذا الكتاب البديع.
استخدام ألفاظ معربة
ثم يستشهد الأستاذ محمود باستخدام ألفاظ معربة في كتاب الفصوص مثل كلمة "ساذج" وكلمة "برنامج".
كلمة ساذج :
الباب الثاني في معرفة مراتب الحروف والحركات
أوجدني الحق قطعة نور حوائي ساذجة وجعلني للكليات ممازجة.
الباب الثامن في معرفة الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام
وذلك لأن العقل خلق ساذج ليس عنده من العلوم النظرية شيء
الباب التاسع والستون وثلاثمائة في معرفة منزل مفاتيح خزائن الجود
وإن سعد صاحب النظر العقلي فإنه لا يكون أبدا في مرتبة الساذج الذي لم يكن عنده علم بالله إلا من حيث إيمانه
كلمة برنامج :
الباب السادس والأربعون وأربعمائة في معرفة منازلة في تعمير نواشئ الليل فوائد الخيرات
فَكَأَنَّم أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً فإنه المجموع الأتم والبرنامج الأكمل ولهذا قال في ناشئة الليل
الباب الأحد والعشرون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله وتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى واتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ
هي التي اشتراها من النفوس الناطقة المكلفة بالإيمان وأَمْوالَهُمْ وهو شري البرنامج فالمشتري بالخيار عند حضور البضائع فإن وافقت ما في البرنامج مضى
الباب التاسع والخمسون وخمسمائة في معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة
أن يمنع الإنسان عن العلم بالطبيعة مانع وهو للعالم برنامج جامع كيف يجهل الشيء نفسه ويزعم أنه يعرف أصل
والحقيقة أنّ الشيخ قد استخدم هذه الكلمات في الفتوحات المكية كثيراً (ج1: ص21، 126، ج3: ص402، ج4: ص61، 163، 339)، وبأسلوب مشابه تماماً لما ورد في الفصوص (ج1: ص133، 199 من طبعة عفيفي)، فهذا في الحقيقة يؤكد بدلاً من أن ينفي نسبة الكتاب للشيخ محي الدين.
مسألة الرؤيا في المقدمة
ثم يقول الشيخ محمود: "كيف يعقل أن تصح الرؤيا المذكورة في مقدمة الفصوص وفيها أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأعطاه الكتاب وقال له: اخرج به إلى الناس ينتفعون به، فعمّ بقوله الناس، في حين أنه من الكتب المبنية على الرمز، والرمز يستخدمه الشيخ لخلاصة خاصة الخاصة، وليس لخاصة الخاصة، أو الخاصة، فضلاً عن العامة، فكيف يمكن أن يكون هذا الكتاب موجه للناس لينتفعوا به في حين أن فهمه استعصى على أئمة علماء المسلمين، بل أدى إلى وقوعهم في الشيخ الأكبر والإنكار عليه، واتهامه بم اتهموه به من الكفر، والإلحاد، والقول بالحلول والإتحاد إلى غير ذلك مما هو معروف."[v]
فالجواب: هل يُعقل أن يخرج الكتاب إلى فئة معينة دون بقية الناس، وإلا فكيف وصل إلينا بعد ثمانية قرون!
ولكنَّ كلَّ من يقر الفصوص يصل إلى علم يناسب وعيه العلمي والإيماني.
فالله سبحانه وتعالى أنزل القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بلغة العرب، في زمن البلاغة والفصاحة، وفيه من الإعجاز ما فيه؛ فأنكره بعضهم ورقت له قلوب أناس آخرين كانت قلوبهم كالحجارة قبل أن يسمعوه، كما كان حال سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه.
تناقضه مع كتب أخرى
ثم يبدأ الشيخ محمود بطرح مسائل يقول إنها تتعارض مع ما ثبت عن الشيخ محي الدين جاءت في كتبه الأخرى كالفتوحات المكية، ويقول إنه لا يمكن الجمع بوجه من الوجوه بين ما هو مذكور فيه وما جاء في كتاب الفصوص.
ويقول إنه قد جمع حوالي مائة مسألة وذكرها في كتابه شرح فصوص الحكم، وقد اختار بعض هذه المسائل وأرسله لفضيلة الشيخ رمضان صبحي ديب الدمشقي، وسوف نناقش هنا أهمها:
خاتم الرسل وخاتم الأولياء
يقول إن هناك تعارض بين قول الشيخ محي الدين في الفص الثاني، حكمة نفثية في كلمة شيثية، حيث يقول: "... حتى أن الرسل لا يرونه - متى رأوه - إلا من مشكاة خاتم الأولياء ..."، وبين ما يقول في الفتوحات مثلاً: "ولا ذوق لنا في مقامات الرسل عليهم السلام" (ج4: ص75) وأمثالها كثير في كلام الشيخ.
فاعتراضه هنا هو كيف يستمد الرسول من مشكاة خاتم الأولياء في حين لا ذوق لأحد في مقامات الرسل والأنبياء.
ولكنه بكل بساطة يغفل عن حقيقة أنَّ خاتم الأولياء هو نبيٌّ ورسول، وهو عيسى عليه السلام، أما خاتم الأولياء المحمديين فهو محي الدين ابن العربي كما هو معروف لدارسيه،[3] كما أنَّ الرسول لا يكون رسولاً إلا أن يكون ولياً، فهو ولي ثم رسول، وكذلك النبي هو ولي ثم نبي، فيكون كلام الشيخ في الفصوص كما يلي:
"... وليس هذا العِلم إِلا لخاتم الرسل (وهو محمد صلى الله عليه وسلم) وخاتم الأولياء (وهو عيسى عليه السلام)، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إِلا من مشكاة الرسول الخاتم (محمد صلى الله عليه وسلم)، ولا يراه أحد من الأولياء إِلا من مشكاة الولي الخاتم (وهو عيسى عليه السلام)، حتى أن الرسل (من كونهم أولياء) لا يرونه- متى رأوه- إِلا من مشكاة خاتم الأولياء (وهو الرسول عيسى عليه السلام): فإِن الرسالة والنبوة - أعني نبوة التشريع، ورسالته - تنقطعان، والولاية لا تنقطع أبداً.
فالمرسلون، من كونهم أولياء، لا يرون ما ذكرناه إِلا من مشكاة خاتم الأولياء، فكيف من دونهم من الأولياء (الذين هم ليسوا أنبياء ولا رسل)؟
وإِن كان خاتم الأولياء (الذي هو عيسى عليه السلام) تابعاً في الحكم لما جاء به خاتم الرسل (الذي هو محمد صلى الله عليه وسلم) من التشريع.
فذلك لا يقدح في مقامه ول يناقض ما ذهبنا إِليه، فإِنه من وجه يكون أنزل، كما أنه من وجه يكون أعلى." (ج1: ص62 من طبعة عفيفي) .
فالشيخ هنا في الفصوص يقرر أن الرسل والأنبياء، من كونهم رسل وأنبياء، يستمدون من خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، في حين إن الأولياء بما فيهم الرسل والأنبياء، من كونهم أولياء، يستمدون من خاتم الأولياء عيسى عليه السلام (وهو نبي ورسول وولي)، فلم يعد في هذ الكلام أي تناقض!
لكن الشيخ محمود غراب يخلط هنا بين مفهوم خاتم الولاية ومفهوم خاتم الولاية المحمدية، فالأول هو عيسى عليه السلام والثاني هو الشيخ محي الدين، و الشيخ محي الدين لم يكن يتكلم، في النص المنقول أعلاه من الفصوص، عن خاتم الولاية المحمدية، بل عن خاتم الأولياء على الإطلاق وهو عيسى عليه السلام وهو رسول ونبي وولي.
إدريس وإلياس عليهما السلام
ويثير الشيخ محمود قضية الخلاف على إدريس وإلياس عليهما السلام، هل هما شخصان أو شخص واحد؟ ففي الفصوص يقول الشيخ محي الدين في الفص الثاني والعشرين، فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية، أن "إلياس هو إدريس كان نبياً قبل نوح، ورفعه الله مكاناً علياً"، فيعدُّهما شخصاً واحداً، في حين يقول في الفتوحات: "أبقى الله تعالى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرسل الأحياء بأجسامهم في هذه الدار الدنيا ثلاثة وهم: إدريس بقي حياً بجسده وأسكنه الله السماء الرابعة، وأبقى في الأرض أيضاً إلياس وعيسى وكلاهما من المرسلين" (ج2: ص5)، فيعدهما شخصان، وكذلك في (ج1: ص254، ج2: ص445، ج2ص455، ج3: ص39، ج3: ص50، ج3: ص230، ج3: ص514).
والجواب هو أن الخلاف على إدريس وإلياس عليهما السلام خلاف مشهور بين العلماء؛ هل هما شخص واحد أم اثنان، وتذهب بعض الآراء إلى أن إدريس هو إلياس ولكنه رجع في وقت آخر بعد أن رفعه الله تعالى مكاناً علياً، فهما شخص واحد بمسميين، وذلك أن إلياس هو في العهد القديم إيليا وهو النبي المنتظر رجوعه، ولذلك نجد الشيخ يفرق بينهما أثناء الحديث عن المقامات في الفتوحات المكية في المواضع التي نقلها الكاتب مثلاً، في حين إنه يعدهما واحداً في الفصوص المتخصص في الحديث عن خصائص أعيان الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. وهذا الكلام يؤكده ابن العربي نفسه في هذا الفص تحديداً حين يقول: "إلياس هو إدريس‏، كان نبياً قبل نوح، ورفعه الله مكاناً علياً، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس. ثم بُعث إلى قرية بعلبك (أي بُعث من جديد)". فانظر إلى دقة كلامه حيث جمع بين القولين، فقال أنه هو هو ثم قال أنه كان نبياً ثم رفع ثم بعث باسم إلياس.
إحياء عيسى للموتى
ثم ينقل الشيخ محمود عبارة من الفصوص: "فكان إحياء عيسى للأموات إحياءً محققاً من حيثما ظهر عن نفخه"، ويقول: هل يُتصور أن يقول الشيخ الأكبر في إحياء عيسى للموتى أنه إحياء محقق من حيث ما ظهر عن نفخه؟
فإذا نقلنا العبارة كاملة: "فخرج عيسى يُحْيِي الموتى لأنه روح إلهي، وكان الإحياء للَّه والنفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل والكلمة للَّه. فكان إحياء عيسى للأموات إحياءً محققاً من حيثما ظهر عن نفخه، كما ظهر هو عن صورة أُمه. وكان إحياؤه أيضاً متوهماً أنه منه وإنما كان للَّه." (ج1: ص139)، فليس هناك أي شيء غريب في هذا الكلام، وهو نفسه ما يقوله في الفتوحات: "فالأفعال من المخلوقين مقدرة من الله ووجود أسبابها كلها بالأصالة من الله، وليس للعبد ولا لمخلوق فيها بالأصالة مدخل إلا من حيث هو مظهر لها" (ج1: ص727)، وأمثال هذه العبارات.
تناقضه مع نفسه
ثم يدعي الأستاذ محمود وجود تناقض داخل الفصوص، فينقل من فص حكمة حقيّة في كلمة إسحاقية كلام الشيخ محي الدين في حق بقي بن مخلد[4] الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسقاه النبي في هذه الرؤيا لبناً، فصدّق بقيُّ بن مخلد رؤياه "فاستقاء فقاء لبناً ... فحرمه الله علماً كثيراً على قدر ما شرب" (ج1: 86). فيقول الأستاذ محمود: هل يعقل أن الشيخ يخطئ مثل هذا الخطأ فيكتب "على قدر ما شرب" بدلا من "على قدر ما استقاء".
وهذا أفضل مثال رأيته مم يمنع الناس من فهم كتب الصوفية، وهو هنا من شخص ينتمي لمدرسة الشيخ محي الدين، ولكنه يقرأ الكتاب وليس له هدف سوى البحث عن المعاني المخالفة لما وصل إليه من العلم، فيضيع بذلك إمكانية فهم النص الذي يعرف الجميع أنه من أعقد النصوص وأدقها.
والشاهد هنا في هذا الفص يدور على "تصديق الرؤيا"، فتصديق الرؤيا عكس تعبيرها، فلما صدقها بقي واستقاء فقاء لبناً، فما شربه كان لبناً وما قاءه كان لبناً، وهذا ما كسبه، ما وجد غير اللبن.
وأما لو عبَّرها بالعلم كما يجب، وما استقاء، لكان كسب قدْرَ ذلك من العلم.
وكما يشرح الشيخ في نفس هذا الفص، لما رأى سيدنا إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه، فصدَّق الرؤيا قال الله سبحانه وتعالى في سورة الصافات: (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَ إِبْرَاهِيمُ [104] قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [105] وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [107])، فأخذ بظاهر الرؤي ولم يعبِّرها فأراد أن يذبح ابنه، ففداه الله بذبح عظيم. فلو عبَّر بقي اللبن بالعلم لحصل على العلم، ولكنه لما صدَّقها وأخذها على ظاهرها بطلت الرؤيا كله وخسر من العلم "على قدر ما شرب".
فما أدق الشيخ محي الدين في التعبير هنا: فلو قال "على قدر ما قاء"، لبقي الذي في بطنه عِلماً! ولكنه لما علم أن ما شربه من اللبن خرج لبناً حين استقاء، فقاء إما بعضه أو كله، خسر قدر جميع ما شرب وليس فقط قدر ما قاء، لأنه حين قاءه لبناً بطل تأويله بالعلم.
.
....

OU0X0JhQZ7Y

  السابق

المحتويات

التالي  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!