موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة كيمياء السعادة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 280 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الأنهار والجداول فاشرع في نهر القرآن تفز بكل سبيل للسعادة فإنه نهر محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الذي صحت له النبوة وآدم بين الماء والطين وأوتي جوامع الكلم وبعث عامة ونسخت به فروع الأحكام ولم ينسخ له حكم بغيره ونظر إلى حسن النور الذي غشى تلك السدرة فرأى قد غشاها منه ذاك الذي غشى فلا يستطيع أحد أن ينعتها للغشاء النوري الذي لا تنفذه الأبصار بل لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ثم قيل له هذه شجرة الطهور فيها مرضاة الحق ومن هنا شرع السدر في غسل الميت للقاء الله الماء والسدر لينا له طهور هذه السدرة وإليها تنتهي أعمال بنى آدم السعادية وفيها مخازنها إلى يوم الدين وهنا أول أقدام السعداء والسماء السابعة التي وقف عندها صاحبك منتهى الدخان ولا بد لها ولمن هو تحتها من الاستحالة إلى صور كانت عليها أو على أمثالها قبل أن تكون سماء ثم قيل لهذا التابع ارق فرقي في فلك المنازل فتلقاه من هنالك من الملائكة والأرواح الكوكبية ما يزبد على ألف وعشرات من الحضرات تسكنها هذه الأرواح فعاين منازل السائرين إلى الله تعالى بالأعمال المشروعة وقد ذكر من ذلك الهروي في جزء له سماه منازل السائرين يحتوي على مائة مقام كل مقام يحتوي على عشرة مقامات وهي المنازل وأما نحن فذكرنا من هذه المنازل في كتاب لنا سميناه مناهج الارتقاء يحتوي على ثلاثمائة مقام كل مقام يحتوي على عشرة منازل ففيه ثلاثة آلاف منزل فلم يزل يقطعها منزلة منزلة بسبع حقائق هو عليها كما يقطع فيها السبع الدراري ولكن في زمان أقرب حتى وقف على حقائقها بأجمعها وقد كان أوصاه إدريس بذلك فلما عاين كل منزل منها رآها وجميع ما فيها من الكواكب تقطع في فلك آخر فوقها فطلب الارتقاء فيه ليرى ما أودع الله في هذه الأمور من الآيات والعجائب الدالة على قدرته وعلمه فعند ما حصل على سطحه حصل في الجنة الدهماء فرأى ما فيها مما وصف الله في كتابه من صفة الجنات وعاين درجاتها وغرفها وما أعد الله لأهلها فيها ورأى جنته المخصوصة به واطلع على جنات الميراث وجنات الاختصاص وجنات الأعمال وذاق من كل نعيم منها بحسب ما يعطيه ذوق موطن القوة الجنانية فلما بلغ من ذلك أمنيته رقى به إلى المستوي الأزهى والستر الأبهى فرأى صور آدم وبنيه السعداء من خلف تلك الستور فعلم معناها وما أودع الله من الحكمة فيها وما عليها من الخلع التي كساها بنى آدم فسلمت عليه تلك الصور فرأى صورته فيهن فعانقها وعانقته واندفعت معه إلى المكانة الزلفى فدخل فلك البروج الذي قال الله فيه فأقسم به والسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ فعلم إن التكوينات التي تكون في الجنان من حركة هذا الفلك وله الحركة اليومية في العالم الزماني كما أن حركة الليل والنهار في الفلك الذي فيه جرم الشمس والتكوينات التي تكون في جهنم من حركة فلك الكواكب وهو سقف جهنم أعني مقعره وسطحه أرض الجنة والذي يسقط من الكواكب وينتثر ضوءها فتبقى مظلمة وفعلها المودع فيها باق وهذا كله سبب التبديل الذي يقع في جهنم كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها كل ذلك بإذن الله مرتب الأشياء مراتبها كما إن الشمس إذا حلت بالحمل جاء زمن الربيع فظهرت زينة الأرض وأورقت الأشجار وازينت وأَنْبَتَتْ من كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ وإذا حلت بالجدي أظهرت النقيض والقوابل تقبل بحسب ما هي عليه من المزاج فمهما اختلف مزاجها كان قبولها لما يحدث الله عند هذه الحركات الفلكية بحسب ما هي عليه وكذلك في الجنان في كل حين من خلق جديد ونعيم جديد حتى لا يقع ملل فإن كل شي‏ء طبيعي إذا توالى عليه أمر ما من غير تبدل لا بد أن يصحب الإنسان فيه ملل فإن الملل نعت ذاتي له فإن لم يغذه الله بالتجديد في كل وقت ليدوم له النعيم بذلك وإلا كان يدركهم الملل فأهل الجنان يدركون في كل نظرة ينظرونها إلى ملكهم أمرا وصورة لم يكونوا رأوها قبل ذلك فينعمون بحدوثها وكذلك في كل أكلة وشربة يجدون طعما جديدا لذيذا لم يكونوا يجدونه في الأكلة الأولى فينعمون بذلك وتعظم شهوتهم والسبب في سرعة هذا التبدل وبقائه أن الأصل على ذلك فيعطي في الكون بحسب ما تعطيه حقيقة مرتبته ليكون خلاقا على الدوام ويكون الكون‏

فقيرا على الدوام فالوجود كله متحرك على الدوام دنيا وآخرة لأن التكوين لا يكون عن سكون فمن الله توجهات دائمة وكلمات لا تنفد وهو قوله وما عِنْدَ الله باقٍ فعند الله التوجه وهو قوله تعالى إِذا أَرَدْناهُ وكلمة الحضرة وهي قوله لكل شي‏ء يريده كُنْ بالمعنى الذي يليق بجلاله وكن حرف وجودي فلا يكون عنه إلا الوجود ما يكون عنه عدم لأن العدم‏


مخطوطة قونية
4448
4449
4450
4451
4452
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 280 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!