موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل التوكل الخامس الذى ما كشفه أحد من المحققين لقلة القابلين له وقصور الأفهام عنه
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 352 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

بانتقاله فمن هذه الدار من ينتقل إلى الجنة ومنهم من ينتقل إلى النار فالنار والجنة تعم الدار الدنيا ونعيمها فإنه ما يبقى دار إلا الجنة والنار والدنيا لا تنعدم ذاتها بعد وجودها ولا شي‏ء موجود فلا بد أن يكون في الدارين أو في أحدهما فأعطى الكشف أن تكون مقسمة بين الدارين وقد ورد في الخبر النبوي من ذلك ما فيه غنية وكان بعض الصحابة يقول يا بحر متى تعود نارا وهو الحميم الذي يشربه أهل النار وقوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الأنهار الأربعة إنها من الجنة فذكر سيحان وجيحان والنيل والفرات وبين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة

ومجالس الذكر حيث كانت روضات من روضات الجنة والأخبار في ذلك كثيرة ولسنا من أهل التقليد بحمد الله بل الأمر عندنا كما آمنا به من عند ربنا شهدناه عيانا ورأيت فيها علم مرتبة

قول النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إني مكاثر بكم الأمم‏

وإن ذلك من الشرف والمجد في موطنه فلا يهمل مثل هذا فإن لكل موطن شرفا يخصه لا يكون شرفه إلا به وهنا زلت جماعة من العارفين حيث لم يفرقوا بين شرف النفوس وشرف العقول وإنهما لا يتداخلان وأن الكمال في وجود الشرفين ورأيت فيها علم ما يرى الإنسان إلا ما كان عليه سواء عرف ذلك أو جهله فإنه لا بد أن يشهده فيعرفه في الموضع الذي لا ينفعه العلم به ولا مشاهدته إياه ورأيت فيها علم التداخل والدور وهو أنه لا يكون الحق إلا بصورة الخلق في الفعل ولا يكون الخلق فيه إلا بصورة الحق فهو دور لا يؤدي إلى امتناع الوقوع بل هو الواقع الذي عليه الأمر

فإن الله لا يمل حتى تملوا

فهذا حكم خلق في حق وقال فَمَنْ يُرِدِ الله أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ ومن يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً فهذا منه كما كان عوده ومآله منا ورأيت فيها علم منزلة القرآن من العالم ولمن جاء وبما جاء وإلى أين يعود ورأيت فيها علم التلبيس وأن أصله العجلة من الإنسان فلو اتئد وتفكر وتبصر لم يلتبس عليه أمر وقليل فاعل ذلك ورأيت فيها علم الليل وحده والنهار وحده والزمان وحده واليوم وحده والدهر وحده والعصر وحده والمدة وحدها ورأيت فيها علم التفصيل وفيما ظهر ورأيت فيها علم ما لزم الإنسان من حكم الله الذي فصله الشرع فلا ينفك عنه ورأيت فيها علم تقابل النسختين وأن الإنسان في نفسه كتاب ربه ورأيت فيها علم سبب وجوب العذاب في الآخرة وهو جلي والعلم الخفي إنما هو في وجود سبب عذاب الدنيا ولا سيما في حق الطفل الرضيع وهل الطفل الرضيع وجميع الحيوان لهم تكليف إلهي برسول منهم في ذواتهم لا يشعر به وإن الصغير إذا كبر وكلف لا يشعر ولا يتذكر تكليفه في حال صغره لما يقوم به من الآلام وبالحيوان فإنه تعالى ما يعذب ابتداء ولكن يعذب جزاء فإن الرحمة لا تقتضي في العذاب إلا الجزاء للتطهير ولو لا التطهير ما وقع العذاب وهذا من أسرار العلم الذي اختص الله به من شاء من عباده ولِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ وإِنْ من أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ وما من شي‏ء في الوجود إلا وهو أمة من الأمم قال تعالى وما من دَابَّةٍ في الْأَرْضِ ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ في كل شي‏ء وقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في الكلاب إنها أمة من الأمم‏

فعمت الرسالة الإلهية جميع الأمم صغيرهم وكبيرهم فما من أمة إلا وهي تحت خطاب إلهي على لسان نذير بعث إليها منها وفيها ورأيت فيها علم حكم الوجوب الموسع المخير كأوقات الصلوات والتخيير في الكفارات ورأيت فيها علم كون الحق مع إرادة العبد لا يخالفه وهذه الصفة بالعبد أولى فكما أمر الله عبده فعصاه كذلك دعاه عبده فلم يجبه فيما سأل فيه كما أمره فلم يطعه أ لا ترى إلى الملائكة لما لم تعص أمر الله أجابها الله في كل ما سألته فيه حتى إن العبد إذا وافق في الصلاة تأمينه تأمين الملائكة غفر له ورأيت فيها عموم العطاء الإلهي وإنه من الكرم الإلهي إتيان الكبائر في العالم المكلف فإنه لا بد لطائفة من التبديل فيبدل بها كبير بكبير

إحياء نفس بقتل نفس *** في كل نوع وكل جنس‏

فمن الناس من يبدل له بالتوبة والعمل الصالح ومن الناس من يبدل له بعد أخذ العقوبة حقها منه وسبب إنفاذ الوعيد في حق طائفة حكم المشيئة الإلهية فإذا انتهت المدة طلبت المشيئة في أولئك تبديل العذاب الذي كانوا فيه بالنعيم المماثل له فإن حكم المشيئة أقوى من حكم الأمر وقد وقع التبديل بالأمر فهو بالإرادة أحق بالوقوع وستر الله هذا العلم عن بعض عباده واطلع عليه من شاء من عباده وهو من علم الحكمة التي من أوتيها فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ولذلك قال الحق تعالى وكانَ الله غَفُوراً رَحِيماً غفورا أي يستر رحيما بذلك الستر بعد قوله فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وقال‏


مخطوطة قونية
7636
7637
7638
7639
7640
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 352 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!