موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل المزيد وسرّ وسرّين من أسرار الوجود والتبدّل وهو من الحضرة المحمدية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 410 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الحق إلا ما نحن عليه وفينا الكامل والأكمل فإن الله أعطى كل شي‏ء خلقه فلما قرر الله هذه النعم على عبده وهداه السبيل إليها قال إِمَّا شاكِراً فيزيده منها لأنا قلنا إنه ما أعطاه إلا منه ما أعطاه مطلقا وإِمَّا كَفُوراً بنعمه فيسلبها عنه ويعذبه على ذلك فليحترز الإنسان لنفسه في أي طريق يمشي فما بعد بيان الله بيان وقال موسى عليه السلام لبني إسرائيل إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ ومن في الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ الله لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ينبه أن الله تعالى ما أوجد العالم إلا للعالم وما تعبده بما تعبده به إلا ليعرفه بنفسه فإنه إذا عرف نفسه عرف ربه فيكون جزاؤه على علمه بربه أعظم الجزاء ولذلك قال إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ولا يعبدونه حتى يعرفوه فإذا عرفوه عبدوه عبادة ذاتية فإذا أمرهم عبدوه عبادة خاصة مع بقاء العبادة العامة الذاتية فجازاهم على ذلك فما خلقهم إلا لهم ولهذا قال تعالى عن نفسه إنه غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وما ذكر موسى الأرض إلا لكمالها بوجود كل شي‏ء فيها وهو الإنسان الجامع حقائق العالم فقوله في الأرض لأنها الذلول فهي الحافظة مقام العبودة فكأنه قال إن تكفروا أنتم وكل عبد لله فإن الله غني عن العالمين ولذلك جعل الله الأرض محل الخلافة ومنزلها فكأنه كنى أي إني جاعل في الأرض خليفة منهم لا يزول عن مقام عبوديته في نفسه أي لا يحجبه مرتبة الخلافة بالصفات التي أمره بها عن رتبته ولهذا جعلناه خليفة ولم نذكره بالإمامة لأن الخليفة يطلب بحكم هذا الاسم عليه من استخلفه فيعلم أنه مقهور محكوم عليه فما سماه إلا بما له فيه تذكرة لأنه مفطور على النسيان والسهو والغفلة فيذكره اسم الخليفة لمن استخلفه فلو جعله إماما من غير أن يسميه خليفة مع الإمامة ربما اشتغل بإمامته عمن جعله إماما بخلاف خلافته لأن الإمامة ليست لها قوة التذكير في الخلافة فقال في الجماعة الكمل جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الْأَرْضِ فوقع هذا في مسموعهم فتصرفوا في العالم بحكم الخلافة وقال لإبراهيم عليه السلام بعد أن أسمعه خلافة آدم ومن شاء الله من عباده إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً لما علم إن الخلافة قد أشربها فلا يبالي بعد ذلك أن يسميه بأي اسم شاء كما سمي يحيى بسيد ولما عرفه العارفون به تميزوا عمن عرفه بنظره فكان لهم الإطلاق ولغيرهم التقييد فيشهده العارفون به في كل شي‏ء أو عين كل شي‏ء ويشهده من عرفه بنظره منعزلا عنه ببعد اقتضاه له تنزيهه فجعل نفسه في جانب والحق في جانب فيناديه من مكان بعيد ولما كانت الخلافة تطلب الظهور بصورة من استخلفه والذي جعله خليفة عنه ذكر عن نفسه أنه عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ فلا بد أن يكون هذا الخليفة على صراط فنظر في الطرق فوجدها كثيرة منها صِراطِ الله ومنها صِراطِ الْعَزِيزِ ومنها صراط الرب ومنها صراط محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ومنها صراط النعم وهو صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ وهو قوله لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهاجاً فاختار هذا الإمام المحمدي سبيل محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وترك سائر السبل مع تقريرها وإيمانه بها ولكن ما تعبد نفسه إلا بصراط محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم ولا تعبد رعاياه إلا به ورد جميع الأوصاف التي لكل صراط إليه لأن شريعته عامة فانتقل حكم الشرائع كلها إلى شرعه فشرعه يتضمنها ولا تتضمنه فمنها صِراطِ الله وهو الصراط العام الذي عليه تمشي جميع الأمور فيوصلها إلى الله فيدخل فيه كل شرع إلهي وموضوع عقلي فهو يوصل إلى الله فيعم الشقي والسعيد ثم إنه لا يخلو الماشي عليه إما أن يكون صاحب شهود إلهي أو محجوبا فإن كان صاحب شهود إلهي فإنه يشهد أنه مسلوك به فهو سالك بحكم الجبر ويرى أن السالك به هو ربه تعالى وربه عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ كذا تلاه علينا سبحانه وتعالى إن هودا عليه السلام قاله وهو رسول من رسل الله فلهذا كان مآله إلى الرحمة وإذا أدركه في الطريق النصب فتلك أعراض عرضت له من الشئون التي الحق فيها كل يوم وذلك قوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ ولا يمكن أن يكون الأمر إلا هكذا وما أحد أكشف للأمور وأشهد للحقائق وأعلم بالطرق إلى الله من الرسل عليهم الصلاة والسلام ومع هذا فما سلموا من الشئون الإلهية فعرضت لهم الأمور المؤلمة النفسية من رد الدعوة في وجهه وما يسمعه في الحق تعالى مما نزه جلاله عنه وفي‏

الحق الذي جاء به من عند الله وكذلك الأمور المؤلمة المحسوسة من الأمراض والجراحات والضرب في هذه الدار وهذا أمر عام له ولغيره وقد تساوى في هذه الآلام السعيد والشقي وكُلٌّ يَجْرِي فيه إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى عند الله فمنهم من يمتد أجله إلى حين موته ويحصل في الراحة الدائمة والرحمة العامة الشاملة وهم الذين لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ولا يخافون على أنفسهم ولا على أممهم لأنهم كانوا مجهولين في الدنيا والآخرة


مخطوطة قونية
7881
7882
7883
7884
7885
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 410 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!