موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


58. الباب الثامن والخمسون في الصورة المحمدية

 وأنها النور الذي خلق الله منه الجنة والجحيم، والمحتد الذي وجد منه العذاب والنعيم
 أنوار حسن بدت في القلب لامعة     ......        مسترات وهي كلشمس طالعة
للحق فيها ظهور عند عارفه     ......        فليس تخفى التجليات ساطعة
والقلب فيه قوى تدعى مصورة     ......        لكنها حوت الأسرار جامعة
أضحت لجنات خلد نسخة فغدت     ......        للقصر في ساحة التخييل رافعة
تستخرج الثمر الحالي وحامضه     ......        من جنة هي فوق الغصن يانعة
لم يدر ما قد حوت من صنع صانعها     ......        سوى حكيم أتته الخلق طائعة
مخلوقة وهي مرآة لخالقها     ......        قريبة قد غدت في الحكم شاسعة
حقيرة جلَّ عند اللَّه رفعتها     ......        سر وقد أصبحت في الناس ذائعة
لكنها عجزها من كونها خلقت     ......        في النفس ميتة، في الأسر خاضعة
لا تكسب المرء إلاَّ فرحة وله     ......        في ظاهر الصحو أحزان متابعة
لا يغترر كل ذي عقل بزينتها     ......        ولا يولع فيه منه والعة
لو أنها خلقت حياً لكنت تراها     ......         وهي واصلة في الناس قاطعة
وذا الحديث فقشر فوق نكتتنا     ......        فالق القشور فليست منك نافعة
واللبّ في النفس مثل الدرّ في صدف     ......      كالسحر منه عيون السحر نابعة
فانظر إلى حكم قد جئن في آلم     ......        في زيّ مكتتم كالشمس لامعة
اعلم وفقك الله لمعرفته وجعلك من أهل قربته، أن الله خلق الصورة المحمدية من نور اسمه البديع القادر.

ونظر إليه باسمه المنان القاهر، ثم تجلى عليها باسمه اللطيف الغافر.

 فعند ذلك تصدعت لهذا التجلي صدعين فصارت كأنها قسمت نصفين.

فخلق الله الجنة من نصفها المقابل لليمين وجعلها دار السعادة للمنعمين، ثم خلق النار من نصفها المقابل للشمال وجعلها دار الأشقياء أهل الضلال.

وكان القسم الذي خلق منه الجنان هو المنظور إليه باسمه المنان فهو لسر تجلی اللطيف محل كل كريم عند الله شريف.
والقسم الذي خلق الله منه النار، هو المنظور إليه باسمه القاهر، وهو لسر تجلي الغافر يشير إلى قبول أهلها إلى الخير في الآخر.

كما قد أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن النار: «أن الجبار يضع فيها قدمه فتقول قط قط فينبت فيها شجر الجرجير» .

وسر هذا الحديث هو أن الله كلما خلق لأهل النار عذابا خلق لهم قوة على حمل ذلك العذاب، وإلا لهلكوا و انعدموا واستراحوا من العذاب، فلا بد أن يخلق لهم قوة على حمل ما أنزله بهم من العذاب ليذوقوا عقابه.

وهو قوله تعالى:

"كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب". (آية (56) سورة النساء.).

 فبتبديل الجلود تجدد لهم قوى لم تكن عندهم، فيقولون في أنفسهم لعله يعذبنا بما هو کیت وكيت.

لاستشرافهم على ما جعله في قابلية تلك القوة من تحمل العذاب، فيوجده الله عندهم فيحلون بذلك ويعذبون به.

فكشفهم الذي وقع في أنفسهم هو بمثابة المبشر لهم بالعذاب ليكون إهانة على إهانة.

كما أن أهل الجنة أيضا يبشرون بنعيمهم قبل وقوعهم فيه.
ثم إن أهل النار إذا زال عنهم عذاب وتجدد لهم غيره لا تزول عنهم القوى الأولى لأنها موهوبة بيد المنة ولا يسترجع الحق في هبته.

والعذاب نازل بهم بيد القهر، فله أن يرفعه ويجعل غيره.
ثم لا يزالون يزدادون قوة بقوة كل عذاب حتى ينتهوا إلى أن يظهر فيهم أثر تلك القوى قوة إلهية.

فإذا ظهرت فيهم تلك القوة الإلهية جبرتهم إلى أن يضع الجبار قدمه في النار، لأن الصفات الحق لا تظهر في أحد فیشقی بعدها.

ثم اعلم أن الجبار إنما يظهر عليهم من حيث تلك القوة الإلهية التي كشفها لهم للمناسبة التي هي سبب الوصلة في كل شيء.

فيضع قدم التجبر على النار فتذل وتخضع لقوته سبحانه وتعالى .

وتقول عند ذلك: قط قط، وهذا كلام حال الذلة تحت نهر العزة عبر عنه بهذا اللفظ فیزول.

اعلم أنه لما كانت النار غير أصلية في الوجود زالت آخر الأمر.

وسر هذا أن الصفة التي خلقت منها مسبوقة، والمسبوقة فرع للسابق.

وذلك قوله: "سبقت رحمتي غضبي" (۲) .

فالسابق هو الأصل والمسبوق فرع عنه. ألا ترى كيف لما كانت الرحمة أصلا انسحب حكمها من أول الوجود إلى آخره.

ولم يكن الغضب منسحبة من أول الوجود إلى آخره.

لأن إيجاده للمخلوق من العدم رحمة به لا غضب عليه، لأنه لم يأت بذنب حتى يستوجب به الغضب.
ألا تراه قال سبحانه:

"ورحمتي وسعت كل شيء".(آية (156) سورة الأعراف.). ولم يقل: وغضبي وسع كل شيء.
لأنه أوجد الأشياء رحمة منه، فلهذه النكتة لم ينسحب الغضب أيضا إلى آخر الوجود.
والسر في هذا أن الرحمة صفة ذاتية له سبحانه، والغضب صفة ليست بذاتية.
ألا تراه يسمي بالرحمن الرحيم. ولا يسمى بالغضبان ولا بالغضوب.
وذلك لأن الغضب صفة أوجبها العدل، والعدل لا يكون إلا لحكم بين أمرين، فاسمه العادل اسم صفة واسمه الرحمن اسم ذات.
ألا ترى إلى الغفار الذي هو أول مظاهر النعمة التي أوجبتها الرحمة كيف وردت فيه ثلاث صيغ، فقيل: الغافر، والغفار، والغفور.
واسمه الظاهر الذي هو أول مظاهر النقمة التي أوجبها العدل لا يوجد فيه صیغتان، فقيل القاهر والقهار، ولم يرد القهور، وكل هذا سر سبق الرحمة الغضب.

ثم اعلم أن النار لما كان أمرها عارضة في الوجود جاز زوالها، وإلا لكان مستحيلا، وليس زوالها إلا إذهاب الإحراق عنها.

وبذهاب الإحراق عنها تذهب ملائكتها، وبذهاب ملائكتها ترد ملائكة النعيم.

فينبت بورود ملائكة النعيم في محلها شجر الجرجير، وهو خضرة وأحسن لون في الجنة لون الخضرة.

فانعكس ما كان جحيما إلى أن صار نعيما.

 كما في قصة إبراهيم الخليل عليه السلام حيث قال الحق سبحانه وتعالى لناره: "كوني بردا وسلاما على إبراهيم". فصارت رياحين وجنات، ومحلها باق على ما هو عليه، ولكن ذهبت النار.

وإن شئت قلت:
لم تذهب النار ولكن انتقل ألم العذاب إلى الراحة فكذلك الجحيم يوم القيامة.
وإن شئت قلت:
إنها تزول مطلقا بعد وضع الجبار فيها قدمه فهي زائلة.

 وإن شئت قلت:
 إنها على حالها باقية، ولكن انتقل أمر عذاب أهلها إلى الراحة، فهو كذلك.

 ويناسبها في الدنيا الطبيعة النفسانية من تزکی في جذبه إلى الحق بالمجاهدات والرياضات
فإن قلت: إن الطبيعة النفسانية قد فقدت مطلقا صدقت.

 وإن قلت: إنها مستورة تحت أنوار التزكية الإلهية كنت صادقة في ذلك.

ثم نسبة المجاهدات والرياضات وما يقاسيه أهل الله تعالى من المشقة في ذلك بمثابة عذاب أهل النار وأهوالها يوم القيام.

ونسبة تنوع عذابها وزيادته ونقصانه نسبة قوة تمكن المجاهدات والرياضات والمخالفات فيمن تمكنت الطبيعة النفسانية فيه حتى أنها لا تزول إلا بعد تعب كثير، بخلاف من لا تتمكن منه الطبيعات كل التمكن، فهو كمن عذب أدني عذاب، وأخرج من النار إلى الجنة.
ولقد أخبر الروح الذي أنبأني بهذه العلوم أن تلك الأمور التي زالت بدوام المجاهدات والرياضات والمخالفات هي حظ أهل الله
من قوله تعالى: "إن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا". (آية ۷۱ سورة مريم).

 فلا يجوزون بعدها على نار جهنم لطفا من الله بهم وعناية، لئلا يعذب عبده بعذابين، ولا يهوله بهولين.

أقام له هذا المشاق التي تحصل عليه في الدنيا عوضا عن عذاب غيره في الآخرة.

ويدل على ما قلناه الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : «إن الحمى حظ كل مؤمن من النار».( الإتحاف 529 / 9 ، وکنز العمال 6747 -6747  ، والصحيحة 1821 .) .
فإذا كانت الحمى تقوم مقام النار فكيف لك بالمجاهدات والرياضات والمخالفات التي هي أشد من كل شيء إلى أن تتزکی النفس.

فلأجل ذلك سماها النبي  صلى الله عليه وسلم : بالجهاد الأكبر، وسمي الضرب بالسيف جهادة أصغر.
ولا خفاء أن الحمى أسهل من ملاقاة العدو والضرب والطعن والحرب، وجميع ذلك جهاد أصغر في جنب المجاهدات والمخالفات التي يقاسيها أهل الله.

واعلم أن الله تعالى لما خلق النار من اسمه القهار جعلها مظهر الجلال، فتجلى عليها سبع تجليات فصارت تلك التجليات أبوابا لها معاني.

التجلي الأول:
تجلى عليها باسمه المنتقم فانفتح فيها واد له ثلاث مئة وستون ألف درك بعضها تحت بعض تسمى لظى.

خلق الله باب هذا الوادي من ظلمة المعصية والذنب وهو الجرم فهو محل أهل المعصية.

والذنب الذي ليس المخلوق فيه حق وهو أمر بين الله وبين عبده.

کالكذب والرياء واللواط وشرب الخمر وترك الأوامر المفروضة والتسهيل في حرمات الله تعالى، فهؤلاء هم المجرمون.

قال الله تعالى: "يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه ، ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه و كلا إنها لظى * نزاعة للشوى . تدعو من أدبر وتولى". .

يعني أدبر عن طاعة الله وتولى عن ذكره "وجمع فأوعى". (آية ۱۸ سورة المعارج.).

 يعني من المعصية، والذنب عذاب أهل هذه الطبقة، وهو مع شدته أخف من عذاب جميع أهل الطباق.

التجلي الثاني:
تجلی عليها باسمه العادل فانفتح فيها واد يسمى جحيم، له سبعة مئة ألف وعشرين ألف درك بعضها تحت بعض، خلق الله باب هذا الوادي من الفجور.

وهو التغشم والتعصب وطلب الباطل والطغيان.

فهو مسكن الذين طغوا في الأرض بغير الحق على عباد الله تعالى.

فأخذوا أموالهم وسفكوا دماءهم وأكلوا في أعراض الناس بالسب والغيبة وأمثال ذلك، وهذا الوادي تحت درك الوادي الأول وطبقاته ضعف طباقها.

قال الله تعالى: "وإن الفجار لفي جحيم ".( آية 14 سورة الانفطار. ) .

والفجار: هم الكاذبون في إيمانهم الظالمون الطاغون المعتدون على الناس.

فالجحيم مسکن الظالمين الذين يظلمون الناس بغير حق، فهو محل أهل الحقوق وعذاب أهل هذه الطبقة أشد من الأولى.

التجلي الثالث:
تجلى عليها باسمه الشديد فانفتح فيها واد يسمى العسری له ألف ألف وأربع مئة ألف وأربعون درك بعضها تحت بعض.

 خلق الله باب هذا الوادي من البخل وطلب التكثر من المال ومن الحقد والحسد والشهوة وحب الدنيا وأمثال ذلك.

فهو مسكن من كانت فيه خصلة من هذه الخصال، وهذا الوادي تحت الأول وعذابه أشد منه بأضعاف مضاعفة.

التجلي الرابع:
تجلى عليها بصفة الغضب فانفتح فيها واد يسمى الهاوية وهو أسفل دركات النار له ألف ألف وثمان مئة ألف وثمانون ألف درك بعضها تحت بعض.

يهوى الرجل فيها بين كل دركين أحقابة بعدد ساعات الدنيا فتنقضي ولم يبلغ الدرك الثاني.

خلق الله باب هذا الوادي من النفاق والرياء والدعاوى الكاذبة وأمثال ذلك.

فكل من كانت فيه خصلة من هذه الخصال مكث فيها.
قال الله تعالى: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار".(آية 145 سورة النساء.).

ولهذا سميت الهاوية.

وهذه الطبقة أشد عذابا من الطبقة التي قبلها بأضعاف كثيرة.

التجلي الخامس:

تجلی عليها باسمه المذل، فانفتح فيها واد يسمی سقر، له خمسة آلاف وسبع مئة ألف وستون ألف درك بعضها تحت بعض.

خلق الله باب هذا الوادي من التكبر، فيه أذل الفراعنة والجبابرة الذين يطلبون الاستعلاء بغير حق،
لأن الحق تعالی غیور، فمن ادعى صفة من صفاته أو اسم من أسمائه بغير حق عكسه علیه فعذبه بضده يوم القيامة.

وهؤلاء لما تكبروا في الأرض ولبسوا وصف الحق بغير حق عذبهم باسمه المذل، قال الله تعالى: "ثم أدبر". (آية 22 سورة النازعات. ) .
أي عن عبادة الله والتواضع تحت سلطانه "واستكبر" طلب التكبر وأراد أن لا يعبد الله  فقال:" إن هذا إلا قول البشر".(آية 25 سورة المدثر. ) .
حتى لا يلزمه الإيمان به "سأصليه سقر".(آية 26 سورة المدثر. ).

والتجلي السادس:
تجلی عليها باسمه ذي البطش، فانفتح فيها واد يسمى السعير، له أحد عشر ألف ألف وخمس مئة ألف وعشرون ألف درك.

بين كل درك ودرك أحقاب بعدد أنفاس أهل الدنيا.

 خلق الله باب هذه الطبقة من الشيطنة.

وهي نار تثور من دخان النفس بشرر الطبيعية فتحدث منها الفتن والغضب والشهوة والمكر والإلحاد وأمثال ذلك.

يسكن هذه الطبقة من كان فيه خصلة من هذه الخصال، ويسكن معه الشياطين فيها.

قال الله تعالى: "وجعلناها رجوما للشياطين". (آية 5 سورة الملك. ).

أي النجوم "وأعتدنا لهم عذاب السعير". آية 5 سورة الملك.

التجلي السابع:
تجلى عليها باسمه ذو عقاب أليم، فانفتح فيها واد يسمى جهنم دركاتها ثلاث وعشرون ألف ألف درك وأربعون ألف درك.

بين كل درك ودرك أحقاب لا تكاد أن تتناهى إلا في القدرة، وأما على ترتيب الحكمة فلا.

وهو لأن القدرة قد تبرز ما لا يتناهى متناهية، و تظهر وتبرز الشيء اليسير المتناهي بلا نهاية.

 وكل أحوال القيامة أو أكثرها من طريق القدرة، لأن الدنيا دار الحكمة والآخرة دار القدرة.

حتى أن الحال الواحد من أحوال أهل النار وأحوال أهل الجنة يجده صاحبه منسحبة من الأزل إلى الأبد، لا يجد لذلك من آخر ولا أول.

فيكون فيه مثلا بقدر ما بين الأزل إلى الأبد، وهو آن واحد ووقت واحد غير متعدد، ثم ينتقل منه إلى غيره كما يريد الله تعالى.

وهذا سر عجيب لا يكاد العقل أن يقبله، بل لا يطيقه، لأن العقل منوط بالحكمة والكشف منوط بالقدرة. فلا يعرفه إلا صاحب کشف.

ثم إن الحق خلق باب هذه الطبقة من الكفر والشرك.

قال الله تعالى: وإن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية ".(آية 6 سورة البينة. ) .

فعذابهم شر العذاب، لأن جهنم لا يتناهى أمر عذابها.

وهذا معنى قوله: "يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد".(آية 30 سورة ق).  لعدم التناهي.

واعلم أن أهل كل طبقة لا يخرجون منها حتى يخوضوا جميع دركات تلك الطبقة جميعها.

فمنهم من يسهل الله عليه خوضها ومنهم من يعسره عليه، فإذا قطع الرجل جميع الدركات حينئذ يضع الجبار قدمه في النار فيكون ما قد سبق بيانه في الحديث.
وهنا سر لطيف يقتضي وضع الجبار قدمه في حق كل مرة، ثم في كل طبقة، على أن جميع تلك التعددات مدة واحدة ويوم واحد.
لكن أظهرت القدرة هذا التعدد وهذا الفرق في الزمان الواحد من أهل النار وهذا أمر يحار فيه العقل ولا يدركه إلا عن كشف إلهي.

ثم إن الله تعالى جعل مالك خازن هذه الأبواب مظهر الشدة، لأن محتده اسم شديد القوى.

وانظر إلى جميع ما تجلى الله به على جهنم تجد فيه معنى الشدة، فلهذا كان مالك له السلطنة في جميع طبقات جهنم.

وكان خازن جميعها، ثم ملائكة العذاب رقائق من حقيقة الشدة.

قال الله تعالى: "عليها ملائكة غلاظ شداد". (آية 6 سورة التحريم ).

 ونفس اسم مالك مشتق من الملك وهو الشدة.

ثم اعلم أن أهل النار قد ينتقلون من طبقة إلى طبقة غيرها فينتقل الأعلى إلى الطبقة الأدنى تخفيفا عليه.

وقد ينتقل الأدنى إلى الأعلى تشديدة في عذابه.

كل ذلك على قدر ما يريده الله تعالى من العذاب من الزيادة والنقصان.

وأن في النار ما لا يحصى من العجائب.

فلو أخذنا في ذكر أهل الطبقات وتنوعهم في كل درك، أو لو وصفنا الملائكة الموكلة بهم وأنواعهم، ولو شرعنا في بيان من كان مؤمنة فوقع بينهم من غير جرم ظاهر.

وذلك سر قوله تعالى: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة". (آية 25 سورة الأنفال.).

أو لو تحدثنا في القوم الذين بعدهم من أهل هذه الطبقات كيف نقلتهم القدرة إلى ما لا يدركه المؤمنون في حياتهم من التحقق بالحقائق الإلهية.
ولقد اجتمعت بأفلاطون الذي يعدونه أهل الظاهر کافرة فرأيته وقد ملأ العالم الغيبي نورة وبهجة.

ورأيت له مكانة لم أرها إلا لآحاد من الأولياء، فقلت له: من أنت؟
قال: قطب الزمان وواحد الأوان.
ولكم رأينا من عجائب وغرائب مثل هذا ليس من شرطها أن تفشي.

وقد رمزنا لك في هذا الباب أسرارا ما كان يسعنا أن نتكلم فيها بغير هذا اللسان. فألق القشر من الخطاب وخذ اللب إن كنت من أولي الألباب، فإن هذه الورقات جمعت علوما لا يحتاج في معرفة أهل النار إلى غيرها بعد فهمها.

فلا حاجة لنا في ذكر أنواع العذاب وصفة أهوال ملائكتها، فإن الكتب مشحونة بذلك فلنكتف من زيادة البسط.

ثم اعلم أن لأهل النار لذة فيها تشبه لذة المحاربة والمضاربة عند من خلق لذلك.

فإنا قد رأينا كثيرة من الناس يتلذذن بالمحاربة والمضاربة وهم عارفون أنهم يتألمون بذلك.

ولكن الربوبية الكامنة التي هي في النفس تحملهم على خوض ذلك.

ثم إن لهم لذة أخرى تشبه لذة من به جرب فيحكه.

فهو وإن كان يقطع من جلد نفسه يتلذذ بذلك الحك.

فهو بين عذاب ولذة أخرى تشبه لذة الجاهلى المستغني برأيه ولو أخطأ مثاله فيما قد شهدناه.
وهو أني رأيت رجلا بالهند في بلدة تسمى كوشي سنة تسعين وسبع مئة كان عمد إلى ثلاثة رجال من أكابر الناس فقتلهم متفرقين.

 وكان إذا قتل واحدة هرب إلى الآخر فقتله، حتى استوفى الثلاثة الأنفار؛ فلما قبض وجيء ليضرب عنقه تقدمت إليه فقلت له: ماذا صنعت؟
فقال: اسكت پا فلان والله لقد صنعت شيئا، وهو يعظم أمر نفسه ووجدته في لذة لعمري ما أظنه التذ قبلها بمثلها.

على أنه في حالة مما فعل به من الضرب والأسر وما هو بصدده مما سيفعل به من القتل والصلب كان متلذذة في نفسه بهذه اللذة العظيمة.

ولهم: أي لأهل النار لذة أخرى تشبه لذة العاقل بعقله عند تخطئته للجاهل الذي وافقته الأقدار وساعده تقلب الليل والنهار.

 فهو وإن كان يستحسن الأمور التي حصلت للجاهل لا يرضى بحالته ولا يصنع مثل صنع الجاهل مما تحصل به تلك السعادة.

بل يبقى خائضا في بحار شقاوته ولازمة لرياسة نفسه باقية على ما يقتضيه عقله وفكره، متلذذا بحالة نفسه مستنفرة من حالة الجهل.

ثم لهم لذة مختلفة , حتى إني اجتمعت بجماعة هم في أشد العذاب من النار فرأيتهم في تلك الحالة والجنة تعرض عليهم وهم كارهون لها، هذا حال طائفة.
ورأيت طائفة بعكس هؤلاء يتمنون نفسا من أنفاس الجنة أو شربة من مائها فلا يوافقهم القدر في ذلك.

وهم الذين قال الله عنهم إنهم يقولون لأهل الجنة "أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله" يعني الطعام "قالوا إن الله حرمهما على الكافرين". (آية 50 سورة الأعراف.).

ثم اعلم أن جميع ما ذكرناه ليس بمنسحب على كل أهل النار.

 بل هم أنواع وأجناس، فمنهم المتلذذ في عذابه , ومنهم من عذابه محض ليس له فيه لذة ألبتة، بل أشد ما يكون من النفور في أنفسهم.

ثم منهم من آل به إلى العذاب وفور عقله الذي كان له في الدار الدنيا.

ومنهم من آل به إلى العذاب وفور جهله فيها.

ومنهم من آل به إلى العذاب عقائدهم.

ومنهم من آل به إلى العذاب أعماله.

ومنهم من آل به إليها كلام الناس في حقه بناء ما لم يكن فيه.

ومنهم من آل به إليها كلامهم بما فيه من القبائح أو من المحاسن أو بما ليس فيه من المساوىء.
وأمر أهل النار غريب جدا وهم سر قوله: "هؤلاء إلى النار ولا أبالي، وهؤلاء إلى الجنة ولا أبالي " .أحمد 239 / 5 .

ثم اعلم أن من أهل النار أناسا عند الله أفضل من كثير من أهل الجنة أدخلهم دار الشقاوة ليتجلى عليهم فيها فيكون محل نظره من الأشقياء.

وهذا ست غريب وأمر عجيب، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.


 

فصل: الصورة المحمدية ونظر الله إليها باسمه المنان فخلق الله منها أنواع الجنان
يذكر فيه القسم الثاني من الصورة المحمدية وهو القسم الذي نظر الله إليه باسمه المنان فخلق الله منه أنواع الجنان ثم تجلى فيها باسمه اللطيف فجعلها محلا لكل كريم عنده وشريف.

اعلم أن الجنان على ثمان طباق.

كل طبقة فيها جنات كثيرة، في كل جنة درجات لا تحصى ولا تحصر.

فالطبقة الأولى:
تسمى جنة السلام، وتسمى جنة المجازاة.

خلق الله باب هذه الجنة من الأعمال الصالحة تجلى الله فيها على أهلها باسمه الحسیب، فصارت جزاء محضة.

وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يدخل أحد الجنة بعمله".(البخاري في: الرقاق 6464، ومسلم في المنافقين 71 - 73. ).إنما أراد به جنة المواهب,وأما جنة المجازاة فهي بالأعمال الصالحة.

قال الله تعالى في حق أهل الجنة: "وأن ليس للإنسان إلا ماسعى وأن سعيه سوف يرى ، ثم يجزاه الجزاء الأوفى" .(آية 39: 41 سورة النجم.) .

ولا يدخل أحد هذه الجنة إلا بالأعمال الصالحة، فمن لا عمل له لا دخول له فيها، وتسمى هذه الجنة اليسرى.

 قال الله تعالى: فأما من أعطى
واتقى . وصدق بالحسنى . فسنيسره لليسرى". (آية  5: 7 سورة الليل. ) .وسببه دخولها بقليل من الأعمال المقبولة فهي ميسرة لمن يسرها الله تعالى عليه.

الطبقة الثانية:
هي فوق الطبقة الأولى وأعلى منها تسمى جنة الخلد وجنة المكاسب، والفرق بين جنة المكاسب وجنة المجازاة أن جنة المجازاة بقدر الأعمال فلها مقابلة، وجئة المكاسب ربح محض لأنها نتائج العقائد والظنون الحسنة بالله تعالى.

 ليس فيها شيء على طريق المجازاة بالأعمال البدنية.

تجلی الله على أهل هذه الجنة باسمه البديع، فظهرت لأهل العقائد الحسينة ما لم يكن يأمله ابتداعا إلهية.

فباب هذه الجنة مخلوق من العقائد والظنون بالله والرجاء.

ولا يدخل هذه الجنة إلا من كانت فيه هذه الخصال المذكورات، ومن لم يكن فيه شيء من هؤلاء لا يدخلها.

وسميت هذه الجنة بجنة المكاسب لأن ما يضاده وهو الخسران أيضا نتيجة الظنون الرديئة بالله تعالى.

قال سبحانه وتعالى: "وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين". آية 23 سورة الصافات. .

فأهل الظنون الرديئة في نار الخسارة، وأهل الظنون الحسنة بالله تعالی هم في جنة المكاسب.

الطبقة الثالثة:
تسمى جنة المواهب، وهذه الطبقة أعلى من اللتين قبلها، لأن مواهب الحق تعالى لا تتناهى، فيهب لمن لا عمل له ولا عقيدة أكثر ممن له أعمال كثيرة وعقائد وغير ذلك.

رأيت في هذه الجنة من كل ملة أقواما وطائفة من كل جنس من أجناس بني آدم.

حتى أن أهل العقائد وأهل الأعمال إذا أعطاهم الله من باب الموهبة ودخلوا هذه الجنة تجلی الله على أهلها باسمه الوهاب.

فلا يدخلها أحد إلا بموهبة الله تعالى.

وهي الجنة التي قال عليه الصلاة والسلام فيها:
"إنها لا يدخلها أحد بعمله، فقالوا له: ولا أنت يا رسول الله؟
فقال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته " .هذه الجنة أكثر الجنان وأوسعها.

وهي سر قوله تعالى: "ورحمتي وسعت كل شيء " حتى أنه لم يبق أحد من النوع الإنساني إلا وجوزت الحقائق من حيث الإمكان العقلي الوهمي له دخولها.

إن كان له نصيب من هذه الجنة في يوم ما من أيام الله تعالى هذا الذي جوزته الحقائق من حيث الإمكان الوهمي.
وأما ما شاهدناه فإنا وجدنا في هذه الجنة من كل نوع من أنواع أهل الملل والنحل المختلفة طائفة، لا كلها ولا أكثرها.

بل فرقة من كل ملة، بخلاف جنة المجازان فإنها مخصوصة بالأعمال الصالحة لا يدخلها إلا أهلها.
وأوسع منها جنة المكاسب لأن الربح قريب من الجزاء، إذ لا بد من رأس المال حتى ينتهي الربح عليه فرأس مال أهل جنة المكاسب هي تلك العقائد والظنون الحسنة بالله تعالى.
وأما هذه الجنة أعني جنة المواهب فإنها أوسع الجنان جميعها، حتى أنها أوسع مما فوقها وهذه المسماة في القرآن بجنة المأوى لأن الرحمة مأوى الجميع.

قال الله تعالى: "أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون".(آية 19 سورة السجدة.) .

ولم يقل جزاء ليكون تنبيها على أنه يدخلهم جنة المواهب لا جنة المجازاة ولا جنة المكاسب، فهي نزل لهم وقرى من خزائن الحق والجود، والموهبة غير مختصة بمن عمل الصالحات، فافهم.

الطبقة الرابعة:
تسمى جنة الاستحقاق وجنة النعيم وجنة الفطرة، وهذه الطبقة أعلى من اللواتي قبلها، فإنها لا بمجازاة، ولا موهبة بل هي لأقوام مخصوصة اقتضت حقائقهم التي خلقهم الله عليها أن يدخلوا هذه الجنة بطريق الاستحقاق الأصلي.

وهم طائفة من عباده خرجوا من دار الدنيا وأرواحهم باقية على الفطرة الأصلية فمنهم من عاش جميع عمره في الدنيا وهو على الفطرة.

وأكثر هؤلاء بهاليل ومجانين وأطفال، ومنهم من تزکی بالأعمال الصالحة والمجاهدة والرياضة والمعاملة الحسنة مع الله تعالی فرجعت روحه من حضيض البشرية إلى الفطرة الأصلية فالفطرة الأصلية .

قوله تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم". (آية 19 سورة السجدة.) .

والدنس البشري قوله تعالى: "ثم رددناه أسفل سافلين". (آية 19 سورة السجدة.).

 وهؤلاء الذين تركوا هم المستثنون بقوله تعالى: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون". (آية 19 سورة السجدة.).

يعني يدخلون الجنة المسماة بجنة الاستحقاق فهي لهم حق من غير أن يكون موهوبة ممنونة أو مكسوبة مجازاة بطريق الأعمال أو غيرها.

فهؤلاء أعني من تزکی حتی رجع إلى الفطرة الأصلية هم المسمون بالأبرار.

قال الله تعالى: "إن الأبرار لفي نعيم" .(آية 13 سورة الانفطار.).

 وسر هذا أن الله تعالی تجلى في أهلها باسمه الحق، فامتنع أن يدخلها إلا من يستحقها بطريق الأصالة والفطرة التي فطره الله عليها، فمنهم من خرج من دار الدنيا إليها، ومنهم من عذب بالنار حتى انتفت خبائثه فرجع إلى الفطرة ثم استحقها فدخلها بعد دخول النار.

وسقف هذه الجنة هو العرش بخلاف الجنان المتقدم ذكرها، فإن الأعلى منهن سقف الأدنى فجنة السلام سقفها جنة الخلد، وجنة الخلد سقفها جنة المأوى وجنة المأوى سقفها هذه الجنة المسماة بجنة الاستحقاق وجنة الفطرة، وجنة النعيم، وهي ليس لها سقف إلا العرش.

الطبقة الخامسة:
تسمى بالفردوس، وهي جنة المعارف، وأرضها متسعة شديدة الاتساع، وكلما ارتفع الإنسان فيها ضاقت، حتى أنه أعلى مكان فيها أضيق من سم الخياط.

لا يوجد فيها شجر ولا نهر ولا قصر ولا حور ولا عين، إلا إذا نظر أهلها إلى ما تحتهم، فأشرفوا في إحدى الجنان التي هي تحتهم فرأوا تلك الأشياء المذكورة من الحور والقصور والولدان وأما في جنة المعارف فلا يجدون شيئا من ذلك.

وكذلك ما فوقها وهذه الجنة على باب العرش وسقفها سقف الباب، فأهل هذه الجنة في مشاهدة دائمة فهم الشهداء.

أعني شهادة الجمال والحسن الإلهي قتلوا في محبة الله بسيف الفناء عن نفوسهم فلا يشهدون إلا محبوبهم.

وهذه الجنة هي المسماة بالوسيلة لأن المعارف وسيلة العارف إلى معروفه وأهل هذه الجنة أقل من أهل جميع الجنان المتقدمة، وكلما علت الطبقات من هذه الجنة كان كذلك.

الطبقة السادسة:
تسمى الفضيلة وأهلها هم الصديقون الذين أثنى الله عليهم بأنهم عند مليك مقتدر، وهذه الجنة هي جنة الأسماء.

وهي منبسطة على درجات العرش كل طائفة من أهل الطبقة على درجة من درجات العرش أهلها أقل عددا من أهل جنة المعارف ولكنهم أعلى مكانة عند الله تعالى وهؤلاء يسمون أهل اللذة الإلهية.

الطبقة السابعة:
تسمى الدرجة الرفيعة، وهي جنة الصفات من حيث الاسم وهي جنة الذات من حيث الرسم.

أرضها باطن العرش، وأهلها يسمون أهل التحقق بالحقائق الإلهية، وهم أقل عددا من الطبقة التي مضى ذكرها، هم المقربون أهل الخلافة الإلهية.

وهؤلاء هم الممكنون وذوو العزم في التحقيق الإلهي، رأيت إبراهيم الخليل عن قائمة في يمين هذا المحل ناظرة إلى وسطه.

ورأيت طائفة من الرسل والأولياء في جانبه الأيسر شاخصين بأبصارهم إلى وسط هذا المحل.

ورأيت محمد و في وسطه شاخصا ببصره إلى سقف العرش طالبا للمقام المحمود الذي وعده الله به.
الطبقة الثامنة:
تسمى المقام المحمود، وهي جنة الذات، أرضها سقف العرش ليس لأحد إليها طريق.

وكل من أهل جنة الصفات طالب للوصول إليها يزعم أنها معقودة باسمه دون غيره، وزعم الكل حق.

ولكن هي لمحمد صلى الله عليه وسلم لقوله:" إن المقام المحمود أعلى مكان في الجنة وإنها لا تكون إلا لرجل واحد، وأرجو أن يكون أنا ذلك الرجل".(مسلم في: الصلاة 11 ، وأبو داود في: الصلاة 523 ، وأحمد 2 / 167.) .

ثم أخبر أن الله تعالى وعده بها، فلنؤمن ونصدق بما قاله، فإنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي.

فصل: خلق الله تعالى صورة آدم عليه السلام نسخة من تلك الصورة المحمدية
واعلم أن الصورة المحمدية لما خلق الله منها الجنة والنار وما فيهما من نعيم المؤمنين وعذاب الكافرين.

خلق الله تعالى صورة آدم عليه السلام نسخة من تلك الصورة المحمدية، فلما نزل آدم من الجنة ذهب حياة صورته لمفارقته عالم الأرواح.
ألا ترى آدم عليه السلام كيف لما كان في الجنة لا يتصور شيئا في نفسه إلا يوجده الله في حسه؛ وجميع من يدخل الجنة يتم له ذلك.

ولما نزل آدم إلى دار الدنيا لم يبق له ذلك، لأن حياته المصورة في الجنة كانت بنفسها وحياتها في الدنيا بالروح فهي ميتة لأهل الدنيا إلا من أحياه الله تعالى بحياته الأبدية.

ونظر إليه بما نظر به إلى ذاته، وحققه بأسمائه وصفاته، فإنه يكون له من القدرة في دار الدنيا ما سيكون لأهل الجنة في الدار الأخرى.

فلا يتصور شيئا في نفسه إلا أوجده الله تعالى في حسه، فافهم ما أشرنا إليه لك في هذا الباب.

فإنه من عرف ما رمزنا فيه ظهر لديه ما يكتمه عنه الوجود ويخفيه.

 والله يقول الحق ويثبته ولا ينفيه.




 


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!