موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


38. الباب الثامن والثلاثون في الإنجيل

أنزل الله الإنجيل على عيسى باللغة السريانية، وقريء على سبع عشرة لغة.

وأول الإنجيل باسم الأب والأم والابن.

كما أن أول القرآن بسم الله الرحمن الرحيم.

فأخذ هذا الكلام قومه على ظاهره، فظنوا أن الأب والأم والابن عبارة عن الروح ومريم وعيسى.

فحينئذ قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، ولم يعلموا أن المراد بالأب هو اسم الله، و الأم كنه الذات المعبر عنها بماهية الحقائق، و بالابن الكتاب.

وهو الوجود المطلق لأنه فرع ونتيجة عن ماهية الكنه، قال الله تعالى:" وعنده أم الكتاب" 39 سورة الرعد.

إشارة إلى ما ذكر، وقد سبق بيانه في محله، وإليه أشار عيسى بقوله: "ما قلت لهم إلا ما أمرتني به" أن أبلغه إياهم.

وهو هذا الكلام ثم قال: "أن اعبدوا الله ربي وربكم" حتى يعلم أن عيسى عليه السلام لم يقتصر على ظاهر الإنجيل.

بل زاد في البيان والإيضاح بقوله: "أن اعبدوا الله ربي وربكم" لينتفي ما توهموه أنه هو الرب وأمه والروح.

و ليحصل بذلك البراءة لعيسى عند الله لأنه بين لهم فلم يقفوا على ما بين لهم عيسی، بل ذهبوا إلى ما فهموه من كلام الله تعالى.

فقول عيسى في الجواب: وما قلت لهم إلا ما أمرتني بها على سبيل الاعتذار لقومه.

يعني أنت"يا الله" المرسل إليهم بذلك الكلام الذي أوله بسم الأب والأم والابن.

فلما بلغتهم كلامك حملوه على ما ظهر لهم من كلام، فلا تلمهم على ذلك.

لأنهم فيه على ما علموه من كلامك.

فكان شرکھم عين التوحيد.

لأنهم فعلوا ما علموه بالإخبار الإلهي في أنفسهم، فمثلهم كمثل المجتهد الذي اجتهد وأخطأ فله أجر الاجتهاد.

فاعتذر عیسی عليه السلام لقومه بذلك الجواب للحق حيث سأله: "أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله".

ولهذا تطرق إلى أن قال: "إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم".

ولم يقل في قوله: "إن تعذبهم فإنك شديد العقاب" ولا ما يشابه ذلك، بل ذكر المغفرة طلبا لهم من الحق إياها حكمة منه بأنهم لم يخرجوا عن الحق"عما فهموه من الحق".

لأن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لا يسألون الحق تعالى لأحد بالمغفرة وهم يعلمون أنه يستحق العقوبة.

قال الله تعالى: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه" 114 سورة التوبة.

وهكذا جميع الأنبياء، فكان طلب عيسى لقومه المغفرة عن علم أنه يستحقون ذلك، لأنهم على حق في أنفسهم ولو كانوا في حقيقة الأمر على الباطل.

فكونهم على حق في معتقدهم هو الذي يئول إليه أمرهم، ولو كانوا معاقبين على باطلهم الذي عليه حقيقة أمرهم، ولهذا

قال: وإن تعذبهم ولقد أحسن التلفظ حيث قال بعدها: "فإنهم عبادك" يعنی كانوا يعبدونك وليسوا بمعاندين ولا من الذين لا مولى لهم.

لأن الكافرين لا مولى لهم، لأنهم على الحقيقة محقون.

لأن الحق تعالی هو حقيقة عيسى وحقيقة أمه وحقيقة روح القدس، بل حقيقة كل شيء، وهذا معنى قول عيسى عليه السلام:

فإنهم عبادك فشهد لهم عيسى أنهم عباد الله، وناهيك بها من شهادة لهم.

ولذلك قال الله تعالى عقيب هذا الكلام: "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم"117 سورة المائدة.

عند ربهم إشارة لعيسى عليه السلام بإنجاز ما طلب، يعني أنهم لما كانوا صادقين في أنفسهم لتأويلهم كلامي على ما ظهر لهم، ولو كانوا على خلاف ما هو الأمر عليه ينفعهم عند ربهم لا عند غيره.

لأن الحكم عليهم بالضلال عندنا ظاهر الأمر عليه في نفسه، ولهذا عوقبوا به.

ولما كان مآلهم إلى ما هم عليه به مع الله من الحق وهو اعتقادهم في أنفسهم حقيقة ذلك، فصدقهم في ذلك الاعتقاد نفعهم عند ربهم حتى آل حكمهم إلى الرحمة الإلهية.

فتجلى في أنفسهم بما اعتقدوه في عیسی، فظهر لهم أن معتقدهم كان حقا من هذا الوجه.

فتجلى عليهم من معتقدهم لأنه عند ظن عبده به فكان الإنجيل عبارة عن تجليات أسماء الذات.

يعني تجليات الذات في أسمائه ومن التجلیات المذكورة تجلية في الواحدية التي ظهر بها على قوم عيسي في عیسی وفي مريم وفي روح القدس فشهدوا الحق في كل مظهر من هذه المظاهر،وهم ولو كانوا محقين من حيث هذا التجلي فقد أخطئوا فيه وضلوا.

أما خطؤهم فكونهم ذهبوا فيه إلى حصر ذلك في عيسى ومريم وروح القدس.

وأما ضلالهم فكونهم قالوا بالتجسيم المطلق والتشبية المقيد في هذه الواحدية.

وليس من حكمها ما قالوه على التقييد، فهذا هو محل خطتهم وضلالاتهم فافهم.

وليس في الإنجيل إلا ما يقوم به الناموس اللاهوتي في الوجود الناسوتي، وهو مقتضى ظهور الحق في الخلق.

لكن لما ذهبت النصارى إلى ما ذهبوا إليه من التجسيم والحصر، كان ذلك مخالفا لما هو في الإنجيل، فعلى الحقيقة ما قام بما في الإنجيل إلا المحمديون.

لأن الإنجيل بكماله في آية من آيات القرآن وهو قوله تعالى: " ونفخت فيه من روحي"29 سورة الحجر.

وليست روحه غيره، فهذا إخبار الله سبحانه وتعالى بظهوره في آدم ثم أيده بـ " وسنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"53 سورة فصلت.

يعني: أن جميع العالم المعبر عنه بالآفاق وفي أنفسهم هو الحق.

ثم بين فصرح في قوله في حق محمد صلى الله عليه وسلم: "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله".10 سورة الفتح.

وفي قوله: "من يطع الرسول فقد أطاع الله" 80 سورة النساء.

فاهتدى قوم محمد صلى الله عليه وسلم بذلك إلى حقيقة الأمر ولهذا لم يحصروا الوجود الحقي في آدم وحده.

لأن الآية ما عينت إلا آدم وحده، ولكن تأدبوا وعلموا أن المراد بأدم كل فرد من أفراد هذا النوع الإنساني وشهدوا الحق في جميع أجزاء الوجود بكماله امتثالا للأمر الإلهي.

وهو قوله تعالى: "حتى يتبين لهم أنه الحق"53 سورة فصلت.

وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمون.

فلو أنزلت مثل هذه الآية في الإنجيل لاهتدى قوم عيسي إلى ذلك، ولا يكون هذا، لأن كل كتاب أنزله الله تعالى لا بد أن يضل به كثيرا، ويهدي به كثيرا.

كما أخبر ، سبحانه وتعالى في القرآن بذلك.

ألا ترى إلى علماء الرسوم كيف ضلوا في تأويل هاتين الآيتين فذهبوا فيهما إلى ما ذهبوا إليه.

ولو كان ما ذهبوا إليه وجها من وجوه الحق . ولكن تحكمت عندهم لها أصول بعدوا بها عن الله وعن معرفته.

وقد اهتدى أهل الحقائق بهما إلى معرفة الله تعالى، فعين ما أهتدي به هؤلاء ضل به أولئك.

قال الله تعالى: "يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين" 26 سورة البقرة.

يقال فسقت البيضة إذا فسدت ولم تصلح للتفريخ.

فالمراد به هنا قوم فسدت به قوابلهم عن القبول للتجلي الإلهي لما تصور عندهم من أن الله تعالى لا يظهر في خلقه. بل لا يظهر لهم.

ثم لما وجدوا ما يريد ذلك من الأصول التنزيهية التي حكم فيها بالذات الإلهية وتركوا الأمور العينية أخدوا بالأوصاف الحكمية.

ولم يعلموا أن تلك الأوصاف الحكمية هي بعينها على كمالها، لهذا الأمر العيني والوجود الخلقي الحقي.

وقد أخبر الحق سبحانه وتعالى عن نفسه بذلك في مواضع من كتابه كما في قوله: "فأينما تولوا فثم وجه الله" 115 سورة البقرة.

وقوله: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون" 21 سورة الذاريات.

وقوله: "وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق" 30 سورة الروم.

وقوله: "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه"13 سورة الجاثية.

وقوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله سمع العبد وبصره ويده ولسانه".

وأمثال ذلك إلى ما لا يمكن حصره فافهم.

 

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.


تعقيب:
كما فعل و قال السامري لليهود
وكذب عليهم واغواهم بأن موسى نسي الهه و صنع لهم العجل وقال لهم هذا هو اله موسي قسجدوا له الا قليلا.
كذلك فعل شاول "بولس الطرطوسي = بولس الرسول" .
وافهم المسيحيين المؤمنين والمخلصين للمسيح أن الأب والابن وروح القدس كما هى فى عقيدة مثيرا التى هي كانت دين وعقيدة الإمبراطورية الرومانية التى كانت تحكم العالم وتعين مخبرين للأمن الروماني وبتمويل من اليهود للوشاية بكل مؤمنين النصاري لان شاول"= بولس الرسول = بولس الطرطوسي" يهودي الاصل عمله الذي يرتزق منه تسليم مؤمنين النصارى للرومان واليهود لصلبهم أو قتلهم أو سجنهم وتعذيبهم.


 


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!