موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


46. الباب السادس والأربعون في الكرسي

اعلم أن الكرسي عبارة عن تجلي جملة الصفات الفعلية، فهو مظهر الاقتدار الإلهي، ومحل نفوذ الأمر والنهي.

وأول توجه الرقائق الحقية في إبراز الحقائق الخلقية في الكرسي وقدما الحق متدليتان عليه.

 وذلك لأنه محل الإيجاد والإعدام، ومنشأ التفصيل والإبهام، ومركز الضر والنفع والفرق والجمع.

 فيه ظهور آثار الصفات المتضادة على التفصيل، منه يبرز الأمر الإلهي في الوجود، فهو محل فصل القضاء.

والقلم محل التقدير، واللوح المحفوظ محل للتدوين والتسطير.

 وسيأتي بيانهما في مكانهما إن شاء الله تعالى.

 قال الله تعالى: "وسع كرسيه السموات والأرض ".  

اعلم أن هذا الوسع وسعان:

  • وسع حكمي
  •  ووسع وجودي عيني

 فالوسع الحكمي:

 هو لأن السموات والأرض أثر صفة من صفاته الفعلية، والكرسي هو محل مظهر جميع الصفات الفعلية، فحصل الوسع المعنوي في كل وجه من وجوه الكرسي.

 إذ كل وجه منه صفة من الصفات الفعلية.

وأما الوسع الوجودي العيني:

 فهو لأن الوجود بأسره، أعني الوجود المقيد الخفي محيط بالسموات والأرض وغيرهما، وهو المعبر عنه بالكرسي.

 أعني الوجود المقيد لأننا قد بينا أنه محل نفوذ الأمر والنهي، ومحل الصفات الفعلية، ومظهر الاقتدارات الإلهية.

وليس المراد بجميع ذلك إلا الوجود المقيد، إذ هو المأمور أعني المنفوذ فيه الأمر، وهو المجلي والمظهر.

 فهو الكرسي الذي دلى الحق عليه قدماه وأوجد فيه وأعدم وأهلك فيه وأسلم، وأعطى ومنع ورفع ووضع، وأعز وأذل، سبحانه عز وجل.

 


 


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!