لوامع البرق الموهن
تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)
الباب الأول: في تجلي مخاطبات الأنس في حضرة القدس من القلب
إعلم إن حضرة الخطاب ، أكرم به من حضرة عجاب ، قد صانه الله عن اللبس ، وعن طوارق الشك والارتياب ، في له من حضرة محفوفة بالنور والإرشاد والصواب .
من شأنه أن يعقل الخاطر ، م سمع من غرائب الخطاب ، فتارة أنس ، وتارة هدى ، نعم وقد لمح بالأعتاب ، لله در حضرة قدسية ، يرفع فيه برقع الحجاب
إعلم ، أيدنا الله وإياك بنوره القديم ، وبروحه العظيم ، لفهم كلامه الكريم ، إن القلب المحمدي عبارة عمن زهد في الدنيا ، ولم يطمع في الأخرى .
بل سلم الأمر إلى المولى ، وجعل الحق سبحانه وتعالى مقصوده من العدوة الدني ، والعدوة القصوى ، فتصفى بالأتباع لمحمد ، صلى الله عليه وسلم ، عن الكدرات البشرية الإنسانية ، وتخلص عن قيود الموانع الأكوانية ، وتنزه عن الإخلاد إلى أرض المقتضيات الشهوانية ، فحف بالأنوار الربانية ، وأيد بالأنوار الرحمانية ، ذلك القلب هو حضرة الحضرات كله ، فيه يكون جميع المجالي ، وهو البالغ المرتقى الى سائر المعالي ، وهو حضرة الخطاب ، والمكالمة ، والمحادثة ، والمسامرة ، والمشاهدة
وقد بين في الرسائل المتقدمة من هذ الكتاب ، فوق م بين من جميع ذلك ، فل حاجة إلى الأعادة .
وحضرات كل من جميع هذه الخمس المذكورة ، كثيرة جد ل تبلغ حد الإحصاء ، وأمهات جميع تلك الحضرات مانة الف حضرة ، وخمسمانة حضرة ، وخمس وعشرون "100525"،حضرة.
كل حضرة يتفرع عنه حضرات كثيرة ، ل يعلمه إل الله تعالى فل يمكن حصره ، ولكني أذكر من أمهات جميع هذه الحضرات ، المنسوبة إلى المخاطبة والمكالمة ، إحدى وأربعين حضرة ، هي تجمعه كالأصول للفروع ، ترجع إليه جميع الحضرات المنسوبة إلى المخاطبة ، والمكالمة ، والمحادثة ، والمشاهدة .
وقد أوردن الكلام سجع ، ليطرب السامع ، ويعذب وقوعه في الأذهان والمسامع ، فل أزيد في المعنى ، ول أنقص ، فيكون من قبيل إختيار الرواية بالمعنى ، وقد أوردناه بلفظه ومعناه
واعلم ، أن كلام الله ، ل يسمعه العبد ، إل بالله ، فلا تظنه بالجهة ، والمسامتة .
فإن ذلك ، سماع العبد باذنه ، وأم سماعه بالله ، فينزه عن الجهة ، والكيفية ، والمسامتة المكانية ، فكم من أصم ، ل يسمع شين ، قد شرف بخطابه ، وقربه من جنابه .
فافهم.