موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الثامن والخمسون منظر الجمال

تتنوع تجليات الحق تعالى، في منظر الجمال: فتارة يتجلى باللطف، وتارة بالرحمة، وتارة بالعلم، وتارة بالفضل، وتارة بالجود، وأمثال ذلك، إلى ما لا نهاية له من تجلياته..

ثم إن تجليات الله تعالى على قلوب عباده كلها: اما جمال الجلال، وإما جلال الجمال.

وقد أوسعنا القول في هذا المعنی، في كتابنا الموسوم به ( الإنسان الكامل ).

واعلم أن الله تعالى، إذا تجلى لعبده، في منظر الجمال، رای ذلك العبد جميع الأشياء ملحقة بالله.

فلا يمر بحجر، ولا مدر، ولا حيوان، ولا شيء من الأشياء، إلا وتلوح له تجليات الجمال من تلك الأشياء، بلا حلول، ولا اتحاد، بل على التنزيه اللائق به. وذلك لأن الله تعالى يكشف له عن محتد الموجودات، فلا يمر بموجود الا ويكشف له عن محتده، من جمال الله تعالى*.

وفي هذا المنظر:

يسمع العبد من الله، تعالى، آیه: ( فأينما تولوا فثم وجه الله ).

صاحب هذا المنظر:

يكون عنده علم توحيد الحق في سائر المخلوقات، وترد عليه ملائكة الحقائق بأنواع علوم التوحيد، في هذا المنظر.

فلا تزال تهديه إلى الحق تعالى، حتى يترقى عنها، وعن نفسه، وعن علومها. فيفني عن جميع

ذلك، ثم يفنى عن الفناء، ثم يبقى ببقاء الله تعالى.

فإذا صار باقيا بالله، شم رائحة من الجلال، فينتقل من منظر الجمال، الى منظر الجلال.

آفة هذا المنظر:

احتجابه بالجمال عن الجلال.

* هذه الفقرة هامة للغاية، من حيث أنها تبين وجهة نظر الجيلى، فيما فهم عنه، ونسب إليه، من الزعم باعتقاده بربوبية كل شيء من جماد ونبات وحيوان وإنسان.

وصاحب هذا الفهم هو: الحسين بن عبد الرحمن الأهدل اليمني المتوفى 835 هـ.

وهو معاصر للجيلي، والوحيد الذي ذكره في نص نادر طريف، يقول: «.. وكان من أهلكم في هذا البحر " الشطح والحلول والاتحاد ۰۰": عبد الكريم الجيلاني العجمی. اجتمعت به قبل أن أعرف مذهبه بأبيات حسين، وبها توفي.

وهو مدفون في تربة الشيخ إبراهيم الجيلي.

حكي لي عنه فقيه صادق متقن، انه صاحبه في بعض أسفاره، فسمع منه الثناء العظيم على ابن عربی وعلومه وكتبه، وسمع منه التصريح بربوبية كل من يلقاه في الطريق: من انسان، او طائر، أو شجر... ».

انظر: كشف الغطاء عن حقائق التوحيد. ق ۱۸۶ ظ مخط مج طلعت ۳۶۸ • وقد بشره الدكتور أحمد بكير، تونس، دون تاریخ.

ومن الواضح أن الفقيه الذي نقل عن الجيلى، لم يحسن النقل، أو لم يفهم مقصوده. فم فهمه على أنه ( وحدة ربوبية ) لا يخرج عن كونه ( وحدة جمال )، وشتان ما بين الاثنين.

وتسمية الجيلى وحدة الجمال ب ( علم توحيد الحق في سائر المخلوقات ) هي تسمية خطيرة.

راجع دراستنا عن الجيلى، انظر: ( عبد الكريم الجيلي ومكانته... الخ ) ومواضع اخرى..


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!