موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مراتب الوجود

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


منزلة العلم بالله تعالى

الحمد لله الذي أعطى مراتب الوجود حقها على التمام والكمال ، فظهر فيها بما علمه لها من الحسن والجمال والثبوت والزوال والميل والاعتدال ، فليس في الإمكان أكمل من هذا الوجود النائل من الكمال كل مثال ، أحمده به على ماله من شيم المجد والجلال ، حمد من تحقق ما لذاته من صنوف الوجوب والإمكان والمحال .وأشهد أن لا إله إلا الله الكبير المتعال ، الظاهر بكل موجود بكماله من غير حلول ولا اتصال ولا انفصال ، ظهور بلا كيف يصور العقل ويحيط به الخيال ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم : مظهره الأعظم ومجلاه المحيط الأقدم ورسوله الختم الأكرم صلى الله عليه وسلم : وعلى آله وصحبه طراز الوجود المعلم ، وشرف وعظم ومجد وكرم .أما بعد فإنّ أولى ما اعتنى به العقلاء وعز ما صرف العمر في طلبه الفضلاء هو العلم بالله ، وإنه لكثرة اتساعه وعظم شياعه لا يكاد المرء يبلغ من تداركه مقصوداً ولو كان بجميع الإمدادات ممدوداً ، وإن القوم المشار إليهم بهذا العلم رضوان الله عليهم ، إنما أخذوا منه طرفاً ، كل على قدر قابليته وقبول الفيض المقدس والأقدس من حضرة التجلي ، والتحقق بحقيقة الإنصاف والتحلي مع التأييد الإلهي بروح القدس لدى الإلقاء والتلقي ، حين أنهم مع دوام النفحات وتواتر الخيرات لم يزالوا يطلبون العلم من بعضهم بعضاً ويسبحون في الأرض للوقوع على رجل منهم ؛ ليفيدهم فيه مسألة طولاً وعرضاً ، ولهذا قال الجنيد رضي الله عنه : ( لو علمت أن تحت أديم السماء علماً أشرف من علمنا هذا لرحلت إليه' . تنبيهاً على شرف هذا العلم وأنه مما ينبغي للمريد أن يرحل إليه بل يجب عليه .


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!