موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مراتب الوجود

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


ثمرة أعمال أهل الله تعالى

وقد يكون قصد الشيخ بقلة الجذبات ، قلة ظهورها على أهل الزمان ، لا لكونها قليلة في نفس الأمر ، لأن الله تعالى لم يزل متجلياً بجميع تجلياته ، مفيضاً على خلقه بمقتضيات أسمائه وصفاته ، ولقد بلغني عن شيخي الشيخ إسماعيل الجبرتي رضي الله عنه أنه قال يوماً لبعض إخواني من تلامذته : 'عليك بكتب الشيخ محيي الدين بن العربي' . فقال له التلميذ : يا سيدي إن رأيت أصبر حتى يفتح الله علي به من حيث الفيض . فقال له الشيخ : 'إن الذي تريد أن تصبر له هو عين ما ذكره الشيخ لك في هذه الكتب ، هذا كلامهم - رضي الله عنهم - للتلامذه والإخوان إنما هو لتقريب المسافة البعيدة إليهم وتسهيل الطريق الصعب عليهم ، لأن المريد قد ينال بمسألة من مسائل علمنا هذا ما لا يناله بمجاهدة خمسين سنة ، وذلك لأن السالك إنما ينال ثمرة سلوكه وعلمه ، والعلوم التي وصفها الكمل من أهل الله تعالى هي ثمرة سلوكهم وأعمالهم الخالصة ، فكم بين ثمرة عمل معلول إلى ثمرة عمل مخلص ، بل علومهم من وراء ثمرات الأعمال ؛ لأنها بالفيض الإلهي الوارد عليهم على قدر وسع قوابلهم ، فكم بين قابلية الكامل من أهل الله وبين قابلية المريد الطالب ، فإذا فهم المريد الطالب ما قصده من وضع المسألة في الكتاب وعلمه ، استوى هو ومصنفه في معرفة تلك المسألة فنال بها ما نال المصنف ، وصارت له ملكاً مثل ما كانت للمصنف . وهكذا كل مسألة من مسائل العلوم الموضوعة في الكتب فإن الأخذ لها من المعدن الذي أخذ منه مصنفها' .


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!