موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

 

 


51- القصيدة الحادية والخمسين وهي أربعة أبيات من البحر الطويل

وقال رضي الله عنه:

1

بِذَاتِ الْأَضَا وَالَمأْزِمَيْنِ وَبَارِقِ

***

وَذِي سَلَمٍ وَالْأَبْرَقَيْنِ لِطَارِقِ

2

بُرُوقُ سُيُوفٍ مِنْ بُرُوقِ مَبَاسِمٍ،

***

نَوَافِجُ مِسْكٍ مَا أُبِيحَتْ لِنَاشِقِ

3

فَإِنْ حُورِبُوا سَلُّوا سُيُوفَ لِحَاظِهِمْ،

***

وَإِنْ سُولِـمُوا هَدُّوا عُقُودَ المَضَايِقِ

4

فَنَالُوا، وَنِلْنَا لَذَّتَيْنِ تَسَاوَيَا،

***

فَمُلْكٌ لِمَعْشوقٍ، وَمُلْكٌ لِعَاشِقِ

شرح الأبيات الأربعة:

يقول: ("بذات الأضا"، أي) لمقام النور و("المأزمين":) انضغاط النفس بين العالمين (لأنَّ "المأزِم" هو الطريق الضيق بين الجبلين)، و("بارق":) حضرة التجلي الذاتي من الجانبين، و("ذي سلم":) مقام السلم لأهل المعارج من الروحانيين؛ "بروق سيوف من بروق مباسم"، يقول: (لهم) مكرٌ عظيم، في لطف خفي، محجوب بنعمة معشوقة.

وقوله: "نوافج مسك"، أي مَشاهد طيِّبة، تتعالى عن المشام أن تصل إلى إدراك طيب نشرها. وقوله: "فإن حوربوا"؛ أي نوزعوا، من قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ [غافر: 59]. وقوله (تعالى): ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: 49]، وقوله عليه السلام: «وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ» [كنز العمال: 2131]، "سلُّوا": يقول جرَّدوا سيوف لحاظهم، إشارة إلى القهر والعظمة، "وإن سولموا"، لم يُنازعوا، "هدُّوا عقود المضايق"؛ أي حصلوا في عالم الانفساخ.

وقوله: "فنالوا ونلنا لذتين تساويا"، من باب ما ورد في الأخبار من اشتياق الجناب الأعزِّ إلى أهله.وقوله: "تساويا"؛ يريد مقام الصورة التي خُلق عليها، "فَمُلك لمعشوق ومُلك لعاشق"، أي لكلِّ واحدٍ في صاحبه ضَرْب من التصرُّف، بحسب ما يليق، والأحوال تُفسِّرُه.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!