موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

وصية للشيخ الكامل صدر الدين القونوي قدس الله سره عند الوفاة

بسم الله الرحمن الرحيم يقول العبد الفقير الى رحمة الله تعالى ورضوانه ولطفه الخالص وعفوه وغفرانه محمد بن اسحق بن محمد بن يوسف بن على كاتب هذه الوصية مشهدا على نفسه من حضرة المؤمنون ومن غاب عنه مما يقدر وقوفه على هذه الوصية أنه موقن بان الله تعالى واحد احد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وان الله تعالى بعثة [بعثه‏] من اختار من صفوته الى خلقه عموما- كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله - وخصوصا- كباقى الرسل- الى طائفة مخصوصة حق، والجنة حق، والنار حق، وتجسد الاعمال وقبولها [حق، و] الوزن حق، وأن الجميع صدقوا فيما اخبروا اممهم عن الله تعالى وحكموا به قبل نسخ شرائعهم وتيقنوا ان القيامة حق، وتحول الحق فى الصور الاعتقادية بحسب الادراك اصل العقائد حق، والنعيم والعذاب المحسوسين والمعنويين حق، والصراط حق، والبرزخ المتوسطة بين الدنيا والاخرة حق، وتفاصيل ما جاء عن نبينا أنه أخبر من ـحوال الآخرة والجنة والنار وشؤون الحق وصفاته وأفعاله فى كل موطن حق، وعلى هذا أحيى وعليه أموت.

وأوصى أصحابى ومن انتسب إليّ بالمبادرة بعد دفني في عموم مقابر المسلمين أول ليلة بقرائة سبعين الف مرة ذكر لا اله الا الله، ثم تفرد منهم ممن يحضر وفاتى قول لا اله الا الله سبعين الف مرة بحضور وسكينة ووقار يبتغون بذلك كله براءتي من نار الله  مطلقا وان يعتقنى الله تعالى من جميع انواع عذابه وعقوباته واحكام سخطه رجاء الاستجابة من الله سبحانه بموجب تصديقنا ما بلغنا فى ذلك عن محمد  صلى الله عليه وسلم.

واوصيهم ايضا ان يغسلونى بمقتضى ما هو مذكور فى كتب الحديث - لا مقتضى ما هو مذكور فى كتب الفقه - ويكفنونى فى ثياب الشيخ [محيى الدين رضى الله عنه‏] وفى ازار ابيض ايضا ويبسطوا فى اللحد سجادة الشيخ اوحد الدين [الكرمانى] رحمة الله عليه ولا يصحبوا جنازتى احدا من قراء الجنائز، ولا تبنوا على قبرى عمارة ولا سقفا، بل يبنون نفس القبر بحجارة وثيقة لا غير وذلك لئلا يتدثر القبر ويعفو اثره، ويتصدقوا يوم وفتى [وفاتى‏] بالف درهم على ضعفاء الفقراء والمساكين من النساء والرجال، خصوصا منهم الزمنى والعميان، ويعطوا شهاب الدين ابرارى من هذا الالف مائة درهم، والكمال الملازم- الشيخ محمد النخشوانى- مائة درهم ايضا، وتقسموا على الاصحاب لكل واحد بحسب ما يليق به على نحو ما يتقون عليه.

ويبلغوا سلامى الى ضياء الدين محمود ويحملوا اليه ببعض ثيايى تذكرة، وكذلك بدر الدين عمر، ولكل واحد منهما سجادة من السجادات التى اصلى عليه.

وكتبى الحكمية تباع وتصدق بثمنها، وما وفيها من الطبيات والفقهيات والتفاسير والاحاديث ونحوها يكون وقفا بدمشق، ويعطى لمن يتقرب الى الله بحملها الى هنالك وايصالها الى عفيف الدين وصية عليها خمس مائة درهم. وتصانيفى يحمل الى عفيف الدين تكون تذكرة له منى مع الوصية ان لا يصف بهذه [الا] على من يرى اهلية الانتفاع به.

و اوصى ابنتى السكينة- وفقها الله تعالى على مواظبة الصلوة وسائر الفرائض- دوام الاستغفار وحسن الظن بالله.

و اوصى اصحابى ان لا يخوضوا بعدى فى مشكلات المعارف الذوقية مجملاتها، بل يقتصروا على تأمل الصريح منها والمنصوص- دون تفقه بتأويل فيما سوى الجلى الصريح- وسواء كان ذلك فى كلامى و[او] كلام الشيخ رضى الله عنه، فهذه مسدود بعدى، فلا يقبلوا كلاما من ذوق احد، اللهم الا من ادرك منهم الامام محمد المهدى [(عليه السلام)‏] فليبلغه سلامى وليأخذ عنه ما يخبره به من المعارف لا غير، وليقتصروا الان بعد الاقتصار على الصريح والجلى من كلامى وتصانيفى وتصانيف الشيخ، وليتمسكوا بالكتاب والسنة واجماع المسلمين ودوام الذكر والاشتغال بتفريغ القلب بمواجهة جناب الحق- بموجب ما ذكر فى الرسالة الهادية المرشدة- وحسن الظن بالله، ولا تشتغلوا بشى‏ء من العلوم النظرية وغيرها، بل يقتصروا على الذكر وتلاوة القرآن والمثابرة على الاوراد الموظفة ومطالعة ما سبقت الاشارة من الصريح الجلى من الاذواق المذكورة.

و من كان متجردا فليقصد المهاجرة الى الشام، فانه سيحدث فى هذا البلاد فتن مظلمة تغير سلامة الاكثرين منها فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ» وان الله حسب من اتقى وسلك سبيل هداه.

و لتذكرونى معشر الاخوان والاصحاب فى صالح دعائكم وتجعلونى فى حل من كل حق يتعين لكم على شرعا وتطلبوا المحاللة من جميع المعارف، ومن عين له قبلى حق مشروع ويتقاضاه صاحبه ولم يحالله، فليخبر ابنتى سكينة بذلك لترضيه بماشاه.

اقول قولى هذا: استغفر لله لى ولكم، واتمم وصيتى بقول: سبحانك اللهم وبحمدك لا اله الا انت، استغفرك واتوب اليك واغفرلى وارحمنى انك انت الغفور الرحيم- تمت الوصية-.



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!