المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة ابراهيم: [الآية 13]
سورة ابراهيم | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (51) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (52)
[ «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» ]
-الوجه الأول - «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» فهو بلاغ للإنسان من كونه من الناس «وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» من كونه على قدم غرور وخطر فيحذرو «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ»
أي بفعل ما يريد ما ثمّ آخر يرده عن إرادته فيك ويصده «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ»
بما أشهدهم على نفسه أنه ربه ، ليقوم بما يجب على المملوك في حق سيده الذي أقر له بالملك ، فإن التذكر لا يكون إلا عن علم متقدم منسي ، فيذكره من يعلم ذلك ، فالقرآن بلاغ من وجه وإنذار من وجه وإعلام من وجه وتذكرة لما نسيه من وجه ، والمخاطب بهذا كله واحد العين وهو الإنسان
- الوجه الثاني -ميز اللّه بين طبقات العالم ليعلموا أن اللّه قد رفع بعضهم فوق بعض درجات فقال : «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ» يريد طائفة مخصوصة لا يعقلون منه سوى أنه بلاغ ، يسمعون حروفه إيمانا بها أنها من عند اللّه لا يعرفون غير ذلك «وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب ، وأراد بالعلم هنا الإيمان ، وهو الذي يعول عليه في السعادة ، فإن اللّه به أمر ،
وسميناه علما لكون المخبر هو اللّه فقال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) وقال تعالى : «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ» «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ» في حق طائفة أخرى وهم العلماء باللّه وبالأمر على ما هو عليه ، فيتذكر أرباب العقول ما كانوا قد علموه قبل ، أي ما جاءوا بما تحيله الأدلة الغامض إدراكها ،
فإنها لب الدلالات ، والقرآن واحد في نفسه ، تكون الآية منه تذكرة لذي اللب ، وتوحيدا لطالب العلم بتوحيده ، وإنذارا للمترقب الحذر ، وبلاغا للسامع ليحصل له أجر السماع ، كالأعجمي الذي لا يفهم اللسان ، فيسمع
فيعظم كلام اللّه من حيث نسبته إلى اللّه ، ولا يعرف معنى ذلك اللفظ حتى يشرح له بلسانه ويترجم له عنه .
(15) سورة الحجر مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(51) الفتوحات ج 4 / 268 - ج 3 / 85 - ج 1 / 513">513 - ج 3 / 85 - ج 1 / 326 - ج 3 / 85 - ج 1 / 513">513 - ج 3 / 544تفسير ابن كثير:
يخبر تعالى عما توعدت به الأمم الكافرة رسلهم ، من الإخراج من أرضهم ، والنفي من بين أظهرهم ، كما قال قوم شعيب له ولمن آمن به : ( لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ) [ الأعراف : 88 ] ، وقال قوم لوط : ( أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) [ النمل : 56 ] ، وقال تعالى إخبارا عن مشركي قريش : ( وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا ) [ الإسراء : 76 ] ، وقال تعالى : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) [ الأنفال : 30 ] .
وكان من صنعه تعالى : أنه أظهر رسوله ونصره ، وجعل له بسبب خروجه من مكة أنصارا وأعوانا وجندا ، يقاتلون في سبيل الله ، ولم يزل يرقيه [ الله ] تعالى من شيء إلى شيء ، حتى فتح له مكة التي أخرجته ، ومكن له فيها ، وأرغم آناف أعدائه منهم ، و [ من ] سائر [ أهل ] الأرض ، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا ، وظهرت كلمة الله ودينه على سائر الأديان ، في مشارق الأرض ومغاربها في أيسر زمان; ولهذا قال تعالى : ( فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين)
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
لما ذكر دعوة الرسل لقومهم ودوامهم على ذلك وعدم مللهم، ذكر منتهى ما وصلت بهم الحال مع قومهم فقال: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ } متوعدين لهم { لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } وهذا أبلغ ما يكون من الرد، وليس بعد هذا فيهم مطمع، لأنه ما كفاهم أن أعرضوا عن الهدى بل توعدوهم بالإخراج من ديارهم ونسبوها إلى أنفسهم وزعموا أن الرسل لا حق لهم فيها، وهذا من أعظم الظلم، فإن الله أخرج عباده إلى الأرض، وأمرهم بعبادته، وسخر لهم الأرض وما عليها يستعينون بها على عبادته.
فمن استعان بذلك على عبادة الله حل له ذلك وخرج من التبعة، ومن استعان بذلك على الكفر وأنواع المعاصي، لم يكن ذلك خالصا له، ولم يحل له، فعلم أن أعداء الرسل في الحقيقة ليس لهم شيء من الأرض التي توعدوا الرسل بإخراجهم منها. وإن رجعنا إلى مجرد العادة فإن الرسل من جملة أهل بلادهم، وأفراد منهم، فلأي شيء يمنعونهم حقا لهم صريحا واضحا؟! هل هذا إلا من عدم الدين والمروءة بالكلية؟
ولهذا لما انتهى مكرهم بالرسل إلى هذه الحال ما بقي حينئذ إلا أن يمضي الله أمره، وينصر أولياءه، { فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ } بأنواع العقوبات.
تفسير البغوي
( وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ) يعنون : إلا أن ترجعوا ، أو حتى ترجعوا إلى ديننا . ( فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ) .
الإعراب:
(وَقالَ الَّذِينَ) ماض واسم الموصول فاعله والجملة استئنافية (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة.
(لِرُسُلِهِمْ) متعلقان بقال (لَنُخْرِجَنَّكُمْ) اللام موطئة للقسم ومضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وفاعله مستتر والكاف مفعوله والجملة لا محل لها لأنها جواب قس وفاعله والجملة معطوفة