The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأحزاب: [الآية 52]

سورة الأحزاب
لَّا يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعْدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَٰجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ رَّقِيبًا ﴿52﴾

تفسير الجلالين:

«لا تحل» بالتاء وبالياء «لك النساء من بعد» التسع اللاتي اخترنك «ولا أن تبدل» بترك إحدى التاءين في الأصل «بهن من أزواج» بأن تطلقهن أو بعضهن وتنكح بدل من طلقت «ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك» من الإماء فتحل لك وقد ملك صلى الله عليه وسلم بعدهن مارية وولدت له إبراهيم ومات في حياته «وكان الله على شيءٍ رقيبا» حفيظا.

تفسير الشيخ محي الدين:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72)


[" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ . . .» الآية ]

«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ، وأي أمانة أعظم من النيابة عن الحق في عباده ، فلا يصرفهم إلا بالحق ، فلا بد من الحضور الدائم ومن مراقبة التصريف «عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ» كان عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال بوحي يناسبها ، مثل قوله تعالى :

(وأوحى في كل سماء أمرها) «فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها» لأنها كانت عرضا لا أمرا ،

فلهذا أبت السماوات والأرض القبول ، لعلمها أنها تقع في الخطر ، فلا تدري ما يؤول إليها أمرها في ذلك ، وأبين أن يحملنها من أجل الذم الذي كان من اللّه لمن حملها ،

وهو أن اللّه وصف حاملها بالظلم والجهل ببنية المبالغة ، فإن حاملها ظلوم لنفسه ، جهول بقدر الأمانة «وَأَشْفَقْنَ مِنْها» أي خفن أن لا يقمن بحقها ، فاستبرأن لأنفسهن ،

فهل ترى إباية السماوات والأرض والجبال عن حمل الأمانة وإشفاقهن منها ، عن غير علم بقدر الأمانة وما يؤول إليه أمر من حملها فلم يحفظ حق اللّه فيها ؟ وعلمهم بالفرق بين العرض والأمر ،

فلما كان عرض تخيير احتاطوا لأنفسهم وطلبوا السلامة ، ولما أمرهم الحق تعالى بالإتيان فقال للسماوات والأرض (

ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) طاعة لأمر اللّه ، وحذرا أن يؤتى بهما على كره ،

أترى إباية من ذكر اللّه لجهلها ؟ لا واللّه ، بل الحمل للأمانة كان لمجرد الجهل من الحامل ،

وهل نعت اللّه بالجهل على المبالغة فيه والظلم لنفسه فيها لغيره إلا الحامل لها وهو الإنسان ، فعلمت الأرض ومن ذكر قدر الأمانة وأن حاملها على خطر ، فإنه ليس على يقين من اللّه أن يوفقه لأدائها إلى أهلها ، وعلمت مراد اللّه بالعرض أنه يريد ميزان العقل ، فكان عقل الأرض والجبال والسماء أوفر من عقل الإنسان ، حيث لم يدخلوا أنفسهم فيما لم يوجب اللّه عليهم ، فإن طلب حمل الأمانة كان عرضا لا أمرا ، وجعل بعض علماء الرسوم هذه الإباية والإشفاق حالا لا حقيقة ، وكذلك قوله عنهما (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) قول حال لا خطاب ،

وهذا كله ليس بصحيح ، ولا مراد في هذه الآيات ، بل الأمر على ظاهره كما ورد ، وهكذا يدركه أهل الكشف «وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ» عرضا أيضا لما وجد في نفسه من قوة الصورة التي خلق عليها ، لأنه لما خلق اللّه آدم على صورته أطلق عليه جميع أسمائه الحسنى ، وبقوتها حمل الأمانة المعروضة ، وما أعطته هذه الحقيقة أن يردها كما أبت السماوات والأرض والجبال حملها «إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا»

- الوجه الأول - «إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً» لو لم يحمله «جَهُولًا» لأن العلم باللّه عين الجهل به ، فالعجز عن درك الإدراك إدراك


-الوجه الثاني - «إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً» لنفسه حيث عرّض بنفسه إلى أمر عظيم إذا كان عارفا بقدر الأمانة ، وإذا لم يوفق لأدائها كان ظالما لنفسه ولغيره «جَهُولًا» وذلك لجهل الإنسان ذلك من نفسه وبقدر ما تحمل وحمل ، وإن كان عالما بقدرها فما هو عالم بما في علم اللّه فيه من التوفيق إلى أدائها ، بل هو جهول كما شهد اللّه فيه ، لأنه جهل هل يؤدي الأمانة إلى أهلها أم لا ؟ فكان قبول الإنسان الأمانة اختيارا لا جبرا ، فخان فيها لأنه وكل إلى نفسه وخذل ،

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ من طلب الإمارة وكل إليها ، ومن أعطيها من غير طلب بعث اللّه أو وكل اللّه به ملكا يسدده ]

فقال لنا تعالى لما حملنا الأمانة (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) فما حملها أحد من خلق اللّه إلا الإنسان ،

ولا يخلو إما أن يحملها عرضا أو جبرا ، فإن حملها عرضا فقد خاطر بنفسه ،

وإن حملها جبرا فهو مؤد لها على كل حال ، ومن ذلك نعلم أن من العالم ما هو مجبور فيما كلّف حمله ، وهو المعبر عنه بفرائض الأعيان وفرائض الكفاية ، ما لم يقم به واحد فيسقط الفرض عن الباقي ،

ومن العالم ما لم يجبر في الحمل وإنما عرض عليه ، فإن قبله فما قبله إلا لجهله بقدر ما حمل من ذلك ، كالإنسان لما عرضت عليه الأمانة وحملها ، كان لذلك ظلوما لنفسه جهولا بقدرها ،

والسماوات والأرض والجبال لما عرضت عليهن أبين أن يحملنها وأشفقن منها ، لمعرفتهن بقدر ما حملوا ، فلم يظلموا أنفسهم ، فما وصف أحد من المخلوقات بظلمه لنفسه إلا الإنسان ، فكان خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس في المنزلة ،

فإنهن كن أعلم بقدر الأمانة من الإنسان فبهذا كن أيضا أكبر من خلق الناس في المنزلة من العلم ، فإنهن ما وصفن بالجهل كما وصف الإنسان ، فإن اللّه لما عرض عليه الأمانة وقبلها كان بحكم الأصل ظلوما جهولا ، فإنه خوطب بحملها عرضا لا أمرا ، فإن حملها جبرا أعين عليها ،

فكان الإنسان ظلوما لنفسه جهولا ، يعني بقدر الأمانة ، فهي ثقيلة في المعنى وإن كانت خفيفة في التحمل ، فكانت السماوات والأرض والجبال في هذه المسألة أعلم من الإنسان ، ولم تكن في الحقيقة أعلم ، وإنما الإنسان لما كان مخلوقا على الصورة الإلهية ،

وكان مجموع العالم ، اغتر بنفسه وبما أعطاه اللّه من القوة بما ذكرناه ، فهان عليه حملها ، ثم إنه رأى الحق قد أهّله للخلافة من غير عرض عليه مقامها ، فتحقق أن الأهلية فيه موجودة ، ولم تقو السماوات على الانفراد ولا الأرض على الانفراد ولا الجبال على الانفراد قوة جمعية الإنسان ، فلهذا أبين أن يحملنها وأشفقن منها ،


وما علم الإنسان ما يطرأ عليه من العوارض في حملها ، فسمي بذلك العارض خائنا ، فإنه مجبول على الطمع والكسل ، وما قبلها إلا من كونه عجولا ، فلو فسح الحق له في الزمان حتى يفكر في نفسه ، وينظر في ذاته وفي عوارضه ، لبان له قدر ما عرض عليه ، فكان يأبى كما أبته السماء وغيرها ممن عرضت عليه ، ومن الأمانة التي حملها الإنسان الصفات الإلهية ،وهي على قسمين :

صفة إلهية تقتضي التنزيه، كالكبير والعلي ،

وصفة إلهية تقتضي التشبيه، كالمتكبر والمتعالي ،

وما وصف الحق به نفسه مما يتصف به العبد ، فمن جعل ذلك نزولا من الحق إلينا جعل الأصل للعبد ، ومن جعل ذلك للحق صفة إلهية لا تعقل نسبتها إليه لجهلنا به ، كان العبد في اتصافه بها يوصف بصفة ربانية في حال عبوديته ، فيكون جميع صفات العبد التي يقول فيها لا تقتضي التنزيه ، هي صفات الحق تعالى لا غيرها ، غير أنها لما تلبس بها العبد انطلق عليها لسان استحقاق للعبد ، والأمر على خلاف ذلك ، وهذا هو الذي يرتضيه المحققون ، وهو قريب إلى الأفهام إذا وقع الإنصاف ، وذلك أن العبد ما استنبطه ولا وصف الحق به ابتداء من نفسه ، وإنما الحق وصف بذلك نفسه على ما بلّغت رسله وما كشفه لأوليائه ، ونحن ما كنا نعلم هذه الصفات إلا لنا لا له بحكم الدليل العقلي ، فلما جاءت الشرائع بذلك ، وقد كان هو ولم نكن نحن ، علمنا أن هذه الصفات هي له بحكم الأصل ، ثم سرى حكمها فينا منه ، فهي له حقيقة وهي لنا مستعارة ، إذ كان ولا نحن ، فالإنسان ظلوم بما غصب من هذه الصفات من حيث جعلها لنفسه حقيقة ، جهول بمن هي له وبأنها غصب في يده ، فمن أراد أن يزول عنه وصف الظلم والجهالة فليرد الأمانة إلى أهلها ، والأمر المغصوب إلى صاحبه ، والأمر في ذلك هين جدا ، والعامة تظن أن ذلك صعب وليس كذلك .

------------

(72) الفتوحات ج 4 / 2209">2209">2209">185 - ج 2 / 21">58 - ج 4 / 2162">138 - ج 2 / 2">629 - ج 4 / 2316">292 ، 2209">2209">2209">185 - ج 3 / 490 ، 2 ، 333 - ج 4 / 2209">2209">2209">185 - ج 2 / 170 - ج 4 / 2209">2209">2209">185 - ج 3 / 2 - ج 2 / 282">519 - ج 3 / 2 - ج 4 / 2162">138 - ج 2 / 421 ، 20 ، 630 - ج 1 / 691

تفسير ابن كثير:

ذكر غير واحد من العلماء - كابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وابن زيد ، وابن جرير ، وغيرهم - أن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضا عنهن ، على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة ، لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما تقدم في الآية . فلما اخترن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان جزاؤهن أن [ الله ] قصره عليهن ، وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن ، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ، ولو أعجبه حسنهن إلا الإماء والسراري فلا حجر عليه فيهن . ثم إنه تعالى رفع عنه الحجر في ذلك ونسخ حكم هذه الآية ، وأباح له التزوج ، ولكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج لتكون المنة للرسول صلى الله عليه وسلم عليهن .

قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النساء .

ورواه أيضا من حديث ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة . ورواه الترمذي والنسائي في سننيهما .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة ، حدثني عمر بن أبي بكر ، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ، عن عبد الله بن وهب بن زمعة ، عن أم سلمة أنها قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء ، إلا ذات محرم ، وذلك قول الله عز وجل : ( ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ) .

فجعلت هذه ناسخة للتي بعدها في التلاوة ، كآيتي عدة الوفاة في البقرة ، الأولى ناسخة للتي بعدها ، والله أعلم .

وقال آخرون : بل معنى الآية : ( لا يحل لك النساء من بعد ) أي : من بعد ما ذكرنا لك من صفة النساء اللاتي أحللنا لك من نسائك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك ، وبنات العم والعمات والخال والخالات والواهبة وما سوى ذلك من أصناف النساء فلا يحل لك . هذا مروي عن أبي بن كعب ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك - في رواية - وأبي رزين - في رواية عنه - وأبي صالح ، والحسن ، وقتادة - في رواية - والسدي ، وغيرهم .

قال ابن جرير : حدثنا يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن داود بن أبي هند ، حدثني محمد بن أبي موسى ، عن زياد - رجل من الأنصار - قال : قلت لأبي بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم توفين ، أما كان له أن يتزوج ؟ فقال : وما يمنعه من ذلك ؟ قال : قلت : قوله : ( لا يحل لك النساء من بعد ) . فقال : إنما أحل الله له ضربا من النساء ، فقال : ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك ) إلى قوله : ( إن وهبت نفسها للنبي ) ثم قيل له : ( لا يحل لك النساء من بعد ) .

ورواه عبد الله بن أحمد من طرق ، عن داود ، به . وروى الترمذي ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء ، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات بقوله : ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ) ، فأحل الله فتياتكم المؤمنات ( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ) ، وحرم كل ذات دين غير الإسلام ، ثم قال : ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ) وقال ( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك ) إلى قوله : ( خالصة لك من دون المؤمنين ) ، وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء .

وقال مجاهد : ( لا يحل لك النساء من بعد ) أي : من بعد ما سمى لك ، لا مسلمة ولا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة .

وقال أبو صالح : ( لا يحل لك النساء من بعد ) : أمر ألا يتزوج أعرابية ولا غربية ، ويتزوج بعد من نساء تهامة ، وما شاء من بنات العم والعمة ، والخال والخالة ، إن شاء ثلاثمائة .

وقال عكرمة : ( لا يحل لك النساء من بعد ) أي : التي سمى الله .

واختار ابن جرير ، رحمه الله ، أن الآية عامة فيمن ذكر من أصناف النساء ، وفي النساء اللواتي في عصمته وكن تسعا . وهذا الذي قاله جيد ، ولعله مراد كثير ممن حكينا عنه من السلف; فإن كثيرا منهم روي عنه هذا وهذا ، ولا منافاة ، والله أعلم .

ثم أورد ابن جرير على نفسه ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها ، وعزم على فراق سودة حتى وهبته يومها لعائشة ، ثم أجاب بأن هذا كان قبل نزول قوله : ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ) ، وهذا الذي قاله من أن هذا كان قبل نزول الآية صحيح ، ولكن لا يحتاج إلى ذلك; فإن الآية إنما دلت على أنه لا يتزوج بمن عدا اللواتي في عصمته ، وأنه لا يستبدل بهن غيرهن ، ولا يدل ذلك على أنه لا يطلق واحدة منهن من غير استبدال ، والله أعلم .

فأما قضية سودة ففي الصحيح عن عائشة ، رضي الله عنها ، وهي سبب نزول قوله تعالى : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا [ والصلح خير ] ) الآية [ النساء : 128 ] .

وأما قضية حفصة فروى أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه ، من طرق عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن صالح بن صالح بن حي عن سلمة أن ابن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن عمر; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها . وهذا إسناد قوي .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو كريب ، حدثنا يونس بن بكير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن ابن عمر قال : دخل عمر على حفصة وهي تبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك ؟ إنه قد كان طلقك مرة ثم راجعك من أجلي; والله لئن كان طلقك مرة أخرى لا أكلمك أبدا . ورجاله على شرط الصحيحين .

وقوله : ( ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ) ، فنهاه عن الزيادة عليهن ، أو طلاق واحدة منهن واستبدال غيرها بها إلا ما ملكت يمينه .

وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا مناسبا ذكره هاهنا ، فقال :

حدثنا إبراهيم بن نصر ، حدثنا مالك بن إسماعيل ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله القرشي ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل : بادلني امرأتك وأبادلك بامرأتي : أي : تنزل لي عن امرأتك ، وأنزل لك عن امرأتي . فأنزل الله : ( ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ) قال : فدخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعنده عائشة ، فدخل بغير إذن ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأين الاستئذان ؟ " فقال يا رسول الله ، ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت . ثم قال : من هذه الحميراء إلى جنبك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه عائشة أم المؤمنين " . قال : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق ؟ قال : " يا عيينة إن الله قد حرم ذلك " . فلما أن خرج قالت عائشة : من هذا ؟ قال : هذا أحمق مطاع ، وإنه على ما ترين لسيد قومه " .

ثم قال البزار إسحاق بن عبد الله : لين الحديث جدا ، وإنما ذكرناه لأنا لم نحفظه إلا من هذا الوجه ، وبينا العلة فيه .


تفسير الطبري :

فيه سبع مسائل: الأولى: قوله تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد} اختلاف العلماء في تأويل قوله: {لا يحل لك النساء من بعد} على أقوال سبعة : الأولى : إنها منسوخة بالسنة، والناسخ لها حديث عائشة، قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء وقد تقدم. الثاني : أنها منسوخة بآية أخرى، ""روى الطحاوي عن أم سلمة"" قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء من شاء، إلا ذات محرم، وذلك قوله عز وجل: {ترجى من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}. قال النحاس : وهذا والله أعلم أولى ما قيل في الآية، وهو وقول عائشة واحد في النسخ. وقد يجوز أحل - له عائشة أرادت أحل له ذلك بالقرآن. وهو مع هذا قول علي بن أبي طالب وابن عباس وعلي بن الحسين والضحاك. وقد عارض بعض فقهاء الكوفيين فقال : محال أن تنسخ هذه الآية يعني {ترجي من تشاء منهن} {لا يحل لك النساء من بعد} وهي قبلها في المصحف الذي أجمع عليه المسلمون ورجح قول من قال نسخت بالسنة. قال النحاس : وهذه المعاوضة لا تلزم وقائلها غالط، لأن القرآن بمنزلة صورة واحدة، كما صح عن ابن عباس : أنزل الله القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في شهر رمضان. ومبين لك أن اعتراض هذا المعترض لا يلزم أن قوله عز وجل: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج} البقرة : 240] منسوخة على قول أهل التأويل - لا نعلم بينهم خلافا - بالآية التي قبلها {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} البقرة : 234]. الثالث : أنه صلى الله عليه وسلم حظر عليه أن يتزوج على نسائه، لأنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، هذا قول الحسن وابن سيرين وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. قال النحاس : وهذا القول يجوز أن يكون هكذا ثم نسخ. الرابع : أنه لما حرم عليهن أن يتزوجن بعده حرم عليه أن يتزوج غيرهن، قاله أبو أمامة بن سهل ابن حنيف. الخامس: قوله تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد} أي من بعد الأصناف التي سميت، قاله أبي بن بن كعب وعكرمة وأبو رزين، وهو اختيار محمد بن جرير. ومن قال إن الإباحة كانت له مطلقة قال هنا "لا يحل لك النساء" معناه لا تحل لك اليهوديات ولا النصرانيات. وهذا تأويل فيه بعد. وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة أيضا. وهو القول السادس. قال مجاهد : لئلا تكون كافرة أما للمؤمنين. وهذا القول يبعد، لأنه يقدره : من بعد المسلمات، ولم يجر للمسلمات ذكر. وكذلك قدر {ولا أن تبدل بهن} أي ولا أن تطلق مسلمة لتستبدل بها كتابية. السابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حلال أن يتزوج من شاء ثم نسخ ذلك. قال : وكذلك كانت الأنبياء قبله صلى الله عليه وسلم قال محمد بن كعب القرظي. الثانية: قوله تعالى: {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال ابن زيد : هذا شيء كانت العرب تفعله، يقول أحدهم : خذ زوجتي وأعطني زوجتك، ""روى الدارقطني عن أبي هريرة"" قال : كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل : انزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك، فأنزل الله عز وجل {ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن} قال : فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة، فدخل بغير إذن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا عيينة فأين الاستئذان)؟ فقال : يا رسول الله، ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت. قال : من هذه الحميراء إلى جنبك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هذه عائشة أم المؤمنين) قال : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق. فقال : (يا عيينة، إن الله قد حرم ذلك). قال فلما خرج قالت عائشة : يا رسول الله، من هذا؟ قال : (أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه). وقد أنكر الطبري والنحاس وغيرهما ما حكاه ابن زيد عن العرب، من أنها كانت تبادل بأزواجها. قال الطبري : وما فعلت العرب قط هذا. وما روي من حديث عيينة بن حصن من أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة... الحديث، فليس بتبديل، ولا أراد ذلك، وإنما احتقر عائشة لأنها كانت صبية فقال هذا القول. قلت : وما ذكرناه من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة من أن البدل كان في الجاهلية يدل على خلاف ما أنكر من ذلك، والله أعلم. قال المبرد : وقرئ "لا يحل" بالياء والتاء. فمن قرأ بالتاء فعلى معنى جماعة النساء، وبالياء من تحت على معنى جميع النساء. وزعم الفراء قال : اجتمعت القراء على أن القراءة بالياء، وهذا غلط، وكيف يقال : اجتمعت القراء وقد قرأ أبو عمرو بالتاء بلا اختلاف عنه. الثالثة: قوله تعالى: {ولو أعجبك حسنهن} قال ابن عباس : نزل ذلك بسبب أسماء بنت عميس، أعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات عنها جعفر بن أبي طالب حسنها، فأراد أن يتزوجها، فنزلت الآية، وهذا حديث ضعيف قاله ابن العربي. الرابعة: في هذه الآية دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها. وقد أراد المغيرة بن شعبة زواج امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (انظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما). وقال عليه السلام لآخر : (انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا) أخرجه الصحيح. قال الحميدي وأبو الفرج الجوزي. يعني صفراء أو زرقاء. وقيل رمصاء. الخامسة: الأمر بالنظر إلى المخطوبة إنما هو على جهة الإرشاد إلى المصلحة، فإنه إذا نظر إليها فلعله يرى منها ما يرغبه في نكاحها. ومما يدل على أن الأمر على جهة الإرشاد ما ذكره أبو داود من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل). فقوله : (فإن استطاع فليفعل) لا يقال مثله في الواجب. وبهذا قال جمهور الفقهاء مالك والشافعي والكوفيون وغيرهم وأهل الظاهر. وقد كره ذلك قوم لا مبالاة بقولهم، للأحاديث الصحيحة، وقوله تعالى: {ولو أعجبك حسنهن}. وقال سهل بن أبي خيثمة : رأيت محمد بن مسلمة يطارد ثبيتة بنت الضحاك على إجار من أجاجير المدينة فقلت له : أتفعل هذا؟ فقال نعم! قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا ألقى الله في قلب أحدكم خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها). الإجار : السطح، بلغة أهل الشام والحجاز. قال أبو عبيد : وجمع الإجار أجاجير وأجاجرة. السادسة: اختلف فيما يجوز أن ينظر منها، فقال مالك : ينظر إلى وجهها وكفيها، ولا ينظر إلا بإذنها. وقال الشافعي وأحمد : بإذنها وبغير إذنها إذا كانت مستترة. وقال الأوزاعي : ينظر إليها ويجتهد وينظر مواضع اللحم منها. قال داود : ينظر إلى سائر جسدها، تمسكا بظاهر اللفظ. وأصول الشريعة تردّ عليه في تحريم الاطلاع على العورة. والله أعلم. السابعة: قوله تعالى: {إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا} اختلف العلماء في إحلال الأمة الكافرة للنبي صلى الله عليه وسلم على قولين : تحل لعموم قوله: {إلا ما ملكت يمينك}، قاله مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والحكم. قالوا : قوله تعالى {لا يحل لك النساء من بعد} أي لا تحل لك النساء من غير المسلمات، فأما اليهوديات والنصرانيات والمشركات فحرام عليك، أي لا يحل لك أن تتزوج كافرة فتكون أما للمؤمنين ولو أعجبك حسنها، إلا ما ملكت يمينك، فإن له أن يتسرى بها. القول الثاني : لا تحل، تنزيها لقدره عن مباشرة الكافرة، وقد قال الله تعالى: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} الممتحنة : 10] فكيف به صلى الله عليه وسلم. و"ما" في قوله: {إلا ما ملكت يمينك} في موضع رفع بدل من "النساء". ويجوز أن يكون في موضع نصب على استثناء، وفيه ضعف. ويجوز أن تكون مصدرية، والتقدير : إلا ملك يمينك، وملك بمعنى مملوك، وهو في موضع نصب لأنه استثناء من غير الجنس الأول.

التفسير الميسّر:

لا يباح لك النساء من بعد نسائك اللاتي فى عصمتك، واللاتي أبحناهنَّ لك (وهنَّ المذكورات في الآية السابقة رقم [50] من هذه السورة)، ومن كانت في عصمتك من النساء المذكورات لا يحل لك أن تطلِّقها مستقبَلا وتأتي بغيرها بدلا منها، ولو أعجبك جمالها، وأما الزيادة على زوجاتك من غير تطليق إحداهن فلا حرج عليك، وأما ما ملكت يمينك من الإماء، فحلال لك منهن من شئت. وكان الله على كل شيء رقيبًا، لا يغيب عنه علم شيء.

تفسير السعدي

وهذا شكر من اللّه، الذي لم يزل شكورًا، لزوجات رسوله، رضي اللّه عنهن، حيث اخترن اللّه ورسوله، والدار الآخرة، أن رحمهن، وقصر رسوله عليهن فقال: { لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } زوجاتك الموجودات { وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } أي: ولا تطلق بعضهن، فتأخذ بدلها.

فحصل بهذا، أمنهن من الضرائر، ومن الطلاق، لأن اللّه قضى أنهن زوجاته في الدنيا والآخرة، لا يكون بينه وبينهن فرقة.

{ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } أي: حسن غيرهن، فلا يحللن لك { إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } أي: السراري، فذلك جائز لك، لأن المملوكات، في كراهة الزوجات، لسن بمنزلة الزوجات، في الإضرار للزوجات. { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا } أي: مراقبًا للأمور، وعالمًا بما إليه تؤول، وقائمًا بتدبيرها على أكمل نظام، وأحسن إحكام.


تفسير البغوي

قوله - عز وجل - : ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ) قرأ أبو عمرو ويعقوب : " لا تحل " بالتاء ، وقرأ الآخرون بالياء ، " من بعد " : يعني من بعد هؤلاء التسع اللاتي خيرتهن فاخترنك ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خيرهن فاخترن الله ورسوله شكر الله لهن وحرم عليه النساء سواهن ونهاه عن تطليقهن وعن الاستبدال بهن ، هذا قول ابن عباس وقتادة .

واختلفوا في أنه هل أبيح له النساء من بعد ؟

قالت عائشة : ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحل له النساء سواهن .

وقال أنس : مات على التحريم .

وقال عكرمة ، والضحاك : معنى الآية لا يحل لك النساء إلا اللاتي أحللنا لك وهو قوله : " إنا أحللنا لك أزواجك " الآية ، ثم قال : " لا يحل لك النساء من بعد " ، إلا التي أحللنا لك بالصفة التي تقدم ذكرها .

وقيل لأبي بن كعب : لو مات نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - أكان يحل له أن يتزوج ؟ قال : وما يمنعه من ذلك ؟ قيل : قوله - عز وجل - : " لا يحل لك النساء من بعد " ، قال : إنما أحل الله له ضربا من النساء ، فقال : " يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك " ، ثم قال : " لا يحل لك النساء من بعد " .

قال أبو صالح : أمر أن لا يتزوج أعرابية ولا عربية ، ويتزوج من نساء قومه من بنات العم والعمة والخالة إن شاء ثلاثمائة : وقال مجاهد : معناه لا يحل لك اليهوديات ولا النصرانيات بعد المسلمات ولا أن تبدل بهن ، يقول : ولا أن تبدل بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى ، يقول لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية ، إلا ما ملكت يمينك ، أحل له ما ملكت يمينه من الكتابيات أن يتسرى بهن .

وروي عن الضحاك : يعني ولا أن تبدل بهن ولا أن تبدل بأزواجك اللاتي هن في حيالك أزواجا غيرهن بأن تطلقهن فتنكح غيرهن ، فحرم عليه طلاق النساء اللواتي كن عنده إذ جعلهن أمهات المؤمنين ، وحرمهن على غيره حين اخترنه ، فأما نكاح غيرهن فلم يمنع عنه .

وقال ابن زيد في قوله : ) ( ولا أن تبدل بهن من أزواج ) كانت العرب في الجاهلية يتبادلون بأزواجهم ، يقول الرجل للرجل : بادلني بامرأتك ، وأبادلك بامرأتي ، تنزل لي عن امرأتك ، وأنزل لك عن امرأتي ، فأنزل الله : ( ولا أن تبدل بهن من أزواج ) يعني لا تبادل بأزواجك غيرك بأن تعطيه زوجك وتأخذ زوجته ، إلا ما ملكت يمينك لا بأس أن تبدل بجاريتك ما شئت ، فأما الحرائر فلا .

وروي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : دخل عيينة بن حصن على النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير إذن ، وعنده عائشة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا عيينة فأين الاستئذان " ؟ قال : يا رسول الله ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت ، ثم قال : من هذه الحميراء إلى جنبك ؟ فقال : هذه عائشة أم المؤمنين ، فقال عيينة : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله قد حرم ذلك " ، فلما خرج قالت عائشة : من هذا يا رسول الله ؟ فقال : " هذا أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه " . قوله - عز وجل - : ( ولو أعجبك حسنهن ) يعني : ليس لك أن تطلق أحدا من نسائك وتنكح بدلها أخرى ولو أعجبك جمالها .

قال ابن عباس : يعني أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب ، فلما استشهد جعفر أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخطبها فنهي عن ذلك .

( إلا ما ملكت يمينك ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : ملك بعد هؤلاء مارية .

( وكان الله على كل شيء رقيبا ) حافظا .

وفي الآية دليل على جواز النظر إلى من يريد نكاحها من النساء . روي عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " .

أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أخبرنا محمد بن محمد بن علي بن شريك الشافعي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم ، أخبرنا أبو بكر الجوربذي قال : أخبرنا أحمد بن حرب ، أخبرنا أبو معاوية ، عن عاصم هو ابن سليمان ، عن بكر بن عبد الله ، عن المغيرة بن شعبة قال : خطبت امرأة ، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " هل نظرت إليها ؟ " قلت : لا قال : " فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا حامد بن محمد ، أخبرنا بشر بن موسى ، أخبرنا الحميدي ، أخبرنا يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " انظر إليها فإن في أعين نساء الأنصار شيئا " قال الحميدي : يعني الصغر .


الإعراب:

(لا) نافية (يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) مضارع والنساء فاعله والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبله (مِنْ بَعْدُ) متعلقان بحال محذوفة والجملة استئنافية (وَلا) الواو عاطفة ولا نافية (أَنْ) ناصبة (تَبَدَّلَ) مضارع منصوب وفاعله مستتر والجملة معطوفة وأصلها تتبدل حذفت تاؤها للتخفيف (بِهِنَّ) متعلقان بتبدل (مِنْ) حرف جر زائد (أَزْواجٍ) اسم مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به لتبدل، وقد حرم الإسلام زواج البدل وهو أن يقول الزوج لآخر خذ زوجتي وأعطني زوجتك (وَلَوْ) الواو واو الحال ولو شرطية غير جازمة (أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) ماض والكاف مفعوله المقدم وحسنهن فاعله المؤخر والجملة في محل نصب على الحال (إِلَّا) أداة استثناء (ما) موصولية في محل نصب على الاستثناء (مَلَكَتْ يَمِينُكَ) ماض وفاعله والكاف مضاف إليه والجملة صلة (وَكانَ اللَّهُ) كان ولفظ الجلالة اسمها والجملة معطوفة (عَلى كُلِّ) متعلقان بالخبر (شَيْءٍ) مضاف إليه (رَقِيباً) خبر كان المنصوب.

---

Traslation and Transliteration:

La yahillu laka alnnisao min baAAdu wala an tabaddala bihinna min azwajin walaw aAAjabaka husnuhunna illa ma malakat yameenuka wakana Allahu AAala kulli shayin raqeeban

بيانات السورة

اسم السورة سورة الأحزاب (Al-Ahzab - The Combined Forces)
ترتيبها 33
عدد آياتها 73
عدد كلماتها 1303
عدد حروفها 5618
معنى اسمها الأَحْزَابُ: جَمْعُ حِزْبِ، وَهُمُ: الطَوائِفُ مِنَ النَّاسِ، وَالمُرَادُ (بِالأَحْزَابِ): غَزْوَةُ الأَحْزَابِ عَامَ (4هـ)
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ أَحْدَاثِ غَزْوَةِ (الْأَحْزَابِ)، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الْأَحْزَابِ)
مقاصدها بَيَانُ فَضْلِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَكَشْـفُ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ فِي أَذِيَّتِهِ ﷺ وأَذِيَّةِ المُؤْمِنِينَ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها لَم يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْأَحْزَابِ) بِآخِرِهَا: التَّحْذِيرُ مِنْ طَاعَةِ الكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَبَيَانُ عَاقِبَتِهِم، فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ ...١﴾. وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ...٧٣﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْأَحْزَاب) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (السَّجْدَةِ): خُتِمَتِ (السَّجْدةُ) بِتَوجِيهِ النَّبِيِّ ﷺ بِالإِعْرَاضِ عَنْ الكَافِرِينَ؛ فَقَالَ: ﴿فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَٱنتَظِرۡ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ ٣٠﴾، وَافْتُتِحَتِ (الأَحْزَابُ) بِالمَوضُوعِ نَفْسِهِ؛ فَقَالَ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ ...١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Veuillez noter que certains contenus sont traduits de manière semi-automatique !