المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الجاثية: [الآية 9]
سورة الجاثية | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)
[ الملأ الأعلى والملأ الأسفل : ]
اعلم أن العالم محصور في علو وسفل ، والعلو والسفل له أمر إضافي نسبي ، فالعالي منه يسمى سماء والأسفل منه يسمى أرضا ، ولا يكون له هاتان النسبتان إلا بأمر وسط يكون بينهما ، ويكون ذلك الأمر في نفسه ذا جهات ، فما أظلّه فهو سماء ، وما أقله فهو أرض له ، وإن شئت قلت في الملأ الأعلى والملأ الأسفل : إنه كل ما تكون من الطبيعة فهو الملأ الأسفل ، وكل ما تولد من النور فهو الملأ الأعلى ، وأكمل العالم من جمع بينهما ، وهو البرزخ الذي بجهاته ميزهما ، أو بجمعيته ميزهما بالعلو والسفل ، والحق تعالى بالنظر إلى نفسه لا يتصف بشيء مما يتصف به وجود العالم ، فإن اللّه لما نسب الكبرياء الذي له ما جعل محله إلا السماوات والأرض ، فقال : «وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» ما قال في نفسه ، فالمحل هو الموصوف بالكبرياء الذي للّه ، فالعالم إذا نظر إلى نفسه صغيرا ، ورأى موجده منزها عما يليق به ، سمى ربه كبيرا وذا كبرياء ، لما كبر عنده بما له فيه من التأثير والقهر ، فلو لم يكن العالم مؤثرا فيه للّه تعالى ما علم أنه صغير ، ولا أن ربه كبير ، وأمثال ذلك من الصفات ، لما رأى العبد أنه قامت به الحاجة والفقر إلى غيره ، احتاج أن يعتقد ويعلم أن الذي استند إليه في فقره له الغنى ، فهو الغني سبحانه في نفس عبده ، وهو بالنظر إلى ذاته معرى عن النظر إلى العالم لا يتصف بالغنى ، لأنه ما ثمّ عن من ، وكذلك إذا نظر العبد إلى ذله ، علم أنه لا يذل لنفسه ، وإنما يذل تحت سلطان غيره ، فسماه عزيزا ، لأنه عزّ الحق في نفس هذا العبد لذله ، فالعبد هو محل الكبرياء والغنى والعظمة والعزة التي للّه ، فوصف العبد ربه بما قام به ، فأوجب المعنى حكمه لغير من قام به ، فالحق منزه عن قيام الكبرياء به بحيث أن يكون محلا له ، بل الكبرياء محله الذي عينه الحق له ، وهو السماوات والأرض «وَهُوَ» أي هوية الحق «الْعَزِيزُ» أي المنيع لذاته أن تكون محلا لما هي السماوات والأرض له محل ، وليس إلا الكبرياء ، فما كبر إلا في نفس العالم ، وهو أجل من أن يقوم به أمر ليس هو ، بل هو الواحد من جميع الوجوه «الْحَكِيمُ» بما رتبه في الخلق ، ومن جملة ما رتبه بعلمه وحكمته أن جعل السماوات والأرض محلا لكبريائه ، فكأنه يقول : وله الكبرياء الذي خلقه في نفس السماوات والأرض ، حتى يكبروا إلههم به ، وكذلك وقع ،
فكبروه في نفوسهم ، فقالوا : إنه ذو الجلال ، أي صاحب الجلال الذي نجده في نفوسنا له ، والإكرام بنا .
(46) سورة الأحقاف مكيّة
------------
(37) الفتوحات ج 3 / 537 ، 538تفسير ابن كثير:
( وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا ) أي : إذا حفظ شيئا من القرآن كفر به واتخذه سخريا وهزوا ، ( أولئك لهم عذاب مهين ) أي : في مقابلة ما استهان بالقرآن واستهزأ به ; ولهذا روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
تفسير البغوي
( وإذا علم من آياتنا ) قال مقاتل : من القرآن ( شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ) وذكر بلفظ الجمع ردا إلى " كل " في قوله : " لكل أفاك أثيم " .
الإعراب:
(وَ) حرف استئناف (إِذا) ظرفية شرطية غير جازمة (عَلِمَ) ماض فاعله مستتر والجملة في محل جر بالإضافة (مِنْ آياتِنا) متعلقان بالفعل (شَيْئاً) مفعول به (اتَّخَذَها) ماض ومفعوله الأول والفاعل مستتر (هُزُواً) مفعوله الثاني والجملة جواب شرط غير جازم (أُولئِكَ) مبتدأ (لَهُمْ) جار ومجرور خبر مقدم (عَذابٌ) مبتدأ مؤخر (مُهِينٌ) صفة عذاب والجملة الاسمية خبر أولئك وجملة أولئك مستأنفة