«ولهديناهم صراطا مستقيما» قال بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم كيف نراك في الجنة وأنت في الدرجات العلى ونحن أسفل منك فنزل.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .
------------
(174) الفتوحات ج 4 /
352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 /
94 - ج 2 /
107
( ولهديناهم صراطا مستقيما ) أي في الدنيا والآخرة .
سبب نزولها ما روى أن ثابت بن قيس بن شماس تفاخر هو ويهودي؛ فقال اليهودي : والله لقد كتب علينا أن نقتل أنفسنا فقتلنا، وبلغت القتلى سبعين ألفا؛ فقال ثابت : والله لو كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم لفعلنا. وقال أبو إسحاق السبيعي : لما نزلت {ولو أنا كتبنا عليهم }الآية، قال رجل : لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (إن من أمتي رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي ). قال ابن وهب قال مالك : القائل ذلك هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ وهكذا ذكر مكي أنه أبو بكر. وذكر النقاش أنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وذكر عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : لو كتب علينا ذلك لبدأت بنفسي وأهل بيتي. وذكر أبو الليث السمرقندي : أن القائل منهم عمار بن ياسر وابن مسعود وثابت بن قيس، قالوا : لو أن الله أمرنا أن نقتل أنفسنا أو نخرج من ديارنا لفعلنا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (الإيمان أثبت في قلوب الرجال من الجبال الرواسي ). و{لو }حرف يدل على امتناع الشيء لامتناع غيره؛ فأخبر الله سبحانه أنه لم يكتب ذلك علينا رفقا بنا لئلا تظهر معصيتنا. فكم من أمر قصرنا عنه مع خفته فكيف بهذا الأمر مع ثقله ! لكن أما والله لقد ترك المهاجرون مساكنهم خاوية وخرجوا يطلبون بها عيشة راضية. {ما فعلوه} أي القتل والخروج {إلا قليل منهم} {قليل }بدل من الواو، والتقدير ما فعله أحد إلا قليل. وأهل الكوفة يقولون : هو على التكرير ما فعلوه ما فعله إلا قليل منهم. وقرأ عبدالله بن عامر وعيسى بن عمر {إلا قليلا }على الاستثناء. وكذلك هو في مصاحف أهل الشام. الباقون بالرفع، والرفع أجود عند جميع النحويين. وقيل : انتصب على إضمار فعل، تقديره إلا أن يكون قليلا منهم. وإنما صار الرفع أجود لأن اللفظ أولى من المعنى، وهو أيضا يشتمل على المعنى. وكان من القليل أبو بكر وعمر وثابت بن قيس كما ذكرنا. وزاد الحسن ومقاتل وعمار وابن مسعود وقد ذكرناهما. {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم } أي في الدنيا والآخرة. {وأشد تثبيتا} أي على الحق. {وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما} أي ثوابا في الآخرة. وقيل : اللام لام الجواب، و{إذا }دالة على الجزاء، والمعنى لو فعلوا ما يوعظون به لآتيناهم.
ولو أوجبنا على هؤلاء المنافقين المتحاكمين إلى الطاغوت أن يقتل بعضهم بعضًا، أو أن يخرجوا من ديارهم، ما استجاب لذلك إلا عدد قليل منهم، ولو أنهم استجابوا لما يُنصحون به لكان ذلك نافعًا لهم، وأقوى لإيمانهم، ولأعطيناهم من عندنا ثوابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة، ولأرشدناهم ووفقناهم إلى طريق الله القويم.
رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به، وهو أربعة أمور: ( الرابع ) الهداية إلى صراط مستقيم. وهذا عموم بعد خصوص، لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم، من كونها متضمنة للعلم بالحق، ومحبته وإيثاره والعمل به، وتوقف السعادة والفلاح على ذلك، فمن هُدِيَ إلى صراط مستقيم، فقد وُفِّقَ لكل خير واندفع عنه كل شر وضير.
( ولهديناهم صراطا مستقيما ) أي : إلى الصراط المستقيم .
(وَ لَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) مثل لآتيناهم أجرا عظيما والجملة معطوفة
Traslation and Transliteration:
Walahadaynahum siratan mustaqeeman
And should guide them unto a straight path.
Ve onları dosdoğru yola sevk ederdik.
et Nous les aurions guidé certes, vers un droit chemin.
ebenfalls hätten WIR sie gewiß zu einem geraden Weg rechtgeleitet.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النساء (An-Nisaa - The Women) |
ترتيبها |
4 |
عدد آياتها |
176 |
عدد كلماتها |
3712 |
عدد حروفها |
15937 |
معنى اسمها |
(النُّـِسْوَةُ) بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَ(النِّسَاءُ) وَ(النِّسْوَانُ) جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لفْظِهَا |
سبب تسميتها |
كَثْرَةُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ وَمَسَائِلِ الْأُسْرَّةِ وَالْمُجْتَمَعِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النِّسَاءِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِّسَاءِ الكُبْرَى) أَوْ (النِّسَاءِ الطُوْلَى) |
مقاصدها |
تَنْظِيمُ الشُّؤُونِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالعَلَاقَاتِ الْخَارِجِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النِّسَاءِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَحْكَامِ المَوَارِيثِ.
فقَالَ سُبْحَانَهُ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿يَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ ...١٧٥﴾... الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النِّسَاءِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (آلِ عِمرَانَ):
اختُتِمَتْ (آلُ عِمْرَانَ) بِالأَمْرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ٢٠٠﴾ ، وَافْتُتِحَتِ (النِّسَاءُ) بِالأَمرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ...١﴾. |