المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة البروج: [الآية 14]
سورة البروج | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
[ اللوح المحفوظ:]
من التبديل والتغيير ، فإما يدل على توحيد ، وإما صفة توحيد ، وإما صفة فعل ، وإمّا ما يعطي الاشتراك ، وإما تشبيه ، وإما حكم ، وإما قصص ، وإما موعظة بترغيب أو ترهيب ، أو دلالة على مدلول عليه ، فهو محصور بين محكم ومتشابه ، وسمى اللوح بالمحفوظ لما حفظ اللّه عليه ما كتب فيه ، فلم ينله محو بعد ذلك ولا تبديل ، فكل شيء فيه ، وهو أي اللوح المحفوظ المسمى في القرآن بكل شيء ، تسمية إلهية ، ومنه كتب اللّه كتبه وصحفه المنزلة على رسله وأنبيائه ،
مثل قوله تعالى (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أي من اللوح المحفوظ ، فهو موضع تنزيل الكتب ، وهو أول كتاب سطر فيه الكون ، أمر اللّه تعالى القلم أن يجري على هذا اللوح بما قدره وقضاه ، مما كان من إيجاده ، ما فوق اللوح إلى أول موجود ، وإيجاد الأرواح المهيمة في جلال اللّه تعالى وجماله ،
ومما يكون إلى أن يقال (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) ويذبح الموت ، ويقوم منادي الحق على قدم الصدق ،
فيقول [ يا أهل الجنة خلود فلا خروج من النعيم الدائم الجديد ، ويا أهل النار خلود فلا خروج من العذاب المقيم الجديد ] إلى هنا حد الرقم بما بينهما ، وما بعد هذا فله حكم آخر ،
فهذا اللوح محل الإلقاء العقلي ، هو للعقل بمنزلة حواء لآدم ، وليس فوق القلم موجود محدث يأخذ منه يعبر عنه بالدواة وهي النون ،
وإنما نونه التي هي الدواة عبارة عما يحمله في ذاته من العلوم بطريق الإجمال من غير تفصيل ، فلا يظهر لها تفصيل إلا في اللوح الذي هو اللوح المحفوظ ، فالقلم محل التجميل واللوح محل التفصيل ، وهذا الملك الكريم الذي هو اللوح المحفوظ هو أيضا قلم لما دونه ، وهكذا كل فاعل ومنفعل لوح وقلم ، وجعل اللّه أمر التركيب وعالم الأجسام والإنشاءات كلها بيد هذا الملك الكريم ، كما جعل القلم الأعلى واهب الأرواح فيها ، ويسمى اللوح المحفوظ النفس الناطقة الكلية الثابتة عند أهل الإشارات ، لأن النفس الناطقة وجدت من نفس الرحمن ، فنفّس اللّه بها عن العقل إذ جعلها محلا لقبول ما يلقي إليها ،
ولوحا لما يسطره فيها ، وهو محفوظ عن المحو والتبديل والتحريف ، لأن كتابته نقش فلا تقبل المحو ، ومما كتب فيه وأثبت علم التبديل ، أي علم ما يبدل ويحرّف في عالم التغيير والإحالة ، والذي كتبه القلم الأعلى لا يتبدل ،
فلا يمحى ما كتب في هذا اللوح ، فالقلم الأعلى يثبت في اللوح المحفوظ كل شيء يجري من أقلام المحو والإثبات ، ففي اللوح المحفوظ إثبات المحو في الألواح ، وإثبات الإثبات ، ومحو الإثبات عند وقوع الحكم وإنشاء أمر آخر ، فهو لوح
مقدس عن المحو ، فهو الذي يمده القلم الأعلى باختلاف الأمور ، وعواقبها مفصلة مسطرة بتقدير العزيز العليم .
(86) سورة الطارق مكيّة
[سورة الطارق (86) : الآيات 1 إلى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (1) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (4)
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (5)
المخاطب هنا هم البنون .
------------
(22) الفتوحات ج 3 / 526 ، 260 - كتاب عقلة المستوفز - الفتوحات ج 2 / 283 ، 422 - ج 3 / 61تفسير ابن كثير:
أي يغفر ذنب من تاب إليه وخضع لديه ولو كان الذنب من أي شيء كان والودود قال ابن عباس وغيره هو الحبيب.
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ وَهُوَ الْغَفُورُ } الذي يغفر الذنوب جميعها لمن تاب، ويعفو عن السيئات لمن استغفره وأناب.
{ الْوَدُودُ } الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال، والمعاني والأفعال، فمحبته في قلوب خواص خلقه، التابعة لذلك، لا يشبهها شيء من أنواع المحاب، ولهذا كانت محبته أصل العبودية، وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها، وإن لم يكن غيرها تبعًا لها، كانت عذابًا على أهلها، وهو تعالى الودود، الواد لأحبابه، كما قال تعالى: { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } والمودة هي المحبة الصافية، وفي هذا سر لطيف، حيث قرن { الودود } بالغفور، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم، فلا يقال: بل تغفر ذنوبهم، ولا يرجع إليهم الود، كما قاله بعض الغالطين.
بل الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب، من رجل له راحلة، عليها طعامه وشرابه وما يصلحه، فأضلها في أرض فلاة مهلكة، فأيس منها، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت، فبينما هو على تلك الحال، إذا راحلته على رأسه، فأخذ بخطامها، فالله أعظم فرحًا بتوبة العبد من هذا براحلته، وهذا أعظم فرح يقدر.
فلله الحمد والثناء، وصفو الوداد، ما أعظم بره، وأكثر خيره، وأغزر إحسانه، وأوسع امتنانه"
تفسير البغوي
"وهو الغفور"، لذنوب المؤمنين، "الودود"، المحب لهم، وقيل: معناه المودود، كالحلوب والركوب، بمعنى المحلوب والمركوب. وقيل: يغفر ويود أن يغفر، وقيل: المتودد إلى أوليائه بالمغفرة.
الإعراب:
(وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) مبتدأ وخبران والجملة حال.