المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الشرح: [الآية 5]
سورة الشرح | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)
فإنه من قنع بالجهل وأساء الأدب ، فلا يزهد في الطلب ، ومن هنا أمره الحق أمرا حتما ، أن يقول : رب زدني علما ، فإن اللّه ما أراد منك في هذا الأمر إلا دوام الافتقار ، ووجود الاضطرار ، فلا تقطع المعاملة ، وعليك باستعمال المراسلة في طلب المواصلة ، مواصلة لا أمد لانقضائها ولا راد لقضائه
[ إشارة : «فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ» : ]
-إشارة -كان شيخنا أبو مدين رحمه اللّه يقول في هذه الآية «فَإِذا فَرَغْتَ» من الأكوان «فَانْصَبْ» قلبك لمشاهدة الرحمن «وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ» في الدوام فإذا دخلت في عبادة فلا تحدث نفسك بالخروج منها ، وقل يا ليتها كانت القاضية
- إشارة -إذا أردت أيها المصلي أن يقبل كلامك
، ويتلقى بالترحيب سلامك ، فلا تدخل مصلاك ، حتى تعرف من تولاك ، وتتفرغ عن أهلك ودكانك ، وعمادك وسلطانك ، فإذا فرغت من الأكوان ، فانصب ذاتك لمشاهدة الرحمن ، وإلى ربك فارغب في الدوام ، إن أردت أن تفوز بلذة السلام .
(95) سورة التّين مكيّة
------------
(8) الفتوحات ج 4 / 350 - ج 1 / 629 - كتاب التنزلات الموصليةتفسير ابن كثير:
وقوله : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر ، ثم أكد هذا الخبر .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا حميد بن حماد بن خوار أبو الجهم ، حدثنا عائذ بن شريح قال : سمعت أنس بن مالك يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا وحياله جحر ، فقال : " لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه " ، فأنزل الله عز وجل : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) .
ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن محمد بن معمر ، عن حميد بن حماد به ، ولفظه : " لو جاء العسر حتى يدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يخرجه " ثم قال : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) ثم قال البزار : لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح .
قلت : وقد قال فيه أبو حاتم الرازي : في حديثه ضعف ، ولكن رواه شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن رجل ، عن عبد الله بن مسعود موقوفا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا أبو قطن ، حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال : كانوا يقولون : لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فرحا وهو يضحك ، وهو يقول : " لن يغلب عسر يسرين ، لن يغلب عسر يسرين ، فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا " .
وكذا رواه من حديث عوف الأعرابي ويونس بن عبيد ، عن الحسن مرسلا .
وقال سعيد ، عن قتادة : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه بهذه الآية فقال : " لن يغلب عسر يسرين " .
ومعنى هذا : أن العسر معرف في الحالين ، فهو مفرد ، واليسر منكر فتعدد ; ولهذا قال : " لن يغلب عسر يسرين " ، يعني قوله : ( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) فالعسر الأول عين الثاني واليسر تعدد .
وقال الحسن بن سفيان : حدثنا يزيد بن صالح ، حدثنا خارجة ، عن عباد بن كثير ، عن أبي الزناد ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نزل المعونة من السماء على قدر المؤونة ، ونزل الصبر على قدر المصيبة " .
ومما يروى عن الشافعي رضي الله عنه ، أنه قال :
صبرا جميلا ما أقرب الفرجا من راقب الله في الأمور نجا
من صدق الله لم ينله أذى ومن رجاه يكون حيث رجا
وقال ابن دريد : أنشدني أبو حاتم السجستاني :
إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيب
وأوطأت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجها ولا أغنى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج القريب
وقال آخر :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج
كملت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى: { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا " .
وتعريف " العسر " في الآيتين، يدل على أنه واحد، وتنكير " اليسر " يدل على تكراره، فلن يغلب عسر يسرين.
وفي تعريفه بالألف واللام، الدالة على الاستغراق والعموم يدل على أن كل عسر -وإن بلغ من الصعوبة ما بلغ- فإنه في آخره التيسير ملازم له.
تفسير البغوي
فقال الله عز وجل: "فإن مع العسر يسراً".
الإعراب:
(فَإِنَّ) الفاء حرف استئناف و(إن) حرف مشبه بالفعل (مَعَ) ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر إن المقدم (الْعُسْرِ) مضاف إليه (يُسْراً) اسم إن المؤخر والجملة مستأنفة لا محل لها.