المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الناس: [الآية 1]
سورة الناس | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
" الْجِنَّةِ " يعني بهاهنا الشياطين ، ولولا تنبيه الشارع على لمة الشيطان ووسوسته في صدور الناس ، ما علم غير أهل الكشف أن ثمّ شيطانا " وَالنَّاسِ " شياطين الإنس
قال تعالى (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ) فشرّك بينهما في الشيطنة ، فإن شياطين الإنس لهم سلطان على ظاهر الإنسان وباطنه ، وشياطين الجن هم نواب شياطين الإنس في بواطن الناس ، وشياطين الجن هم الذين يدخلون الآراء على شياطين الإنس ويدبرون دولتهم ، فيفصلون لهم ما يظهرون فيها من الأحكام :
إذا عذت بالرحمن في كل حالة *** تعوذ بما جاء في سورة الفلق
وفي سورة الناس التي جاء ذكرها *** إلى جنبها تتلى كما عاذ من سبق
وإن عذت عذ بالرب إن كنت مؤمن *** بما جاء في القرآن فانظر تعذ بحق
فما ذكر التعويذ إلا بربن *** فكن تابعا لا تتبع غير من صدق
------------
(6) الفتوحات ج 3 / 367 -ح 2 / 446 - إيجاز البيان آية 37 - الفتوحات ج 3 / 522 - ج 4 / 148تفسير ابن كثير:
هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل : الربوبية ، والملك ، والإلهية ؛ فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه ، فجميع الأشياء مخلوقة له ، مملوكة عبيد له ، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات ، من شر الوسواس الخناس ، وهو الشيطان الموكل بالإنسان ، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ، ولا يألوه جهدا في الخبال . والمعصوم من عصم الله ، وقد ثبت في الصحيح أنه : " ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينة " . قالوا : وأنت يا رسول الله ؟ قال : " نعم ، إلا أن الله أعانني عليه ، فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير " وثبت في الصحيح ، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف ، وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها ، فلقيه رجلان من الأنصار ، فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعا ، فقال رسول الله : " على رسلكما ، إنها صفية بنت حيي " . فقالا سبحان الله يا رسول الله . فقال : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا ، أو قال : شرا " .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن بحر ، حدثنا عدي بن أبي عمارة ، حدثنا زياد النميري ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإن ذكر خنس ، وإن نسي التقم قلبه ، فذلك الوسواس الخناس " غريب .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عاصم ، سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره ، فقلت : تعس الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقل : تعس الشيطان ; فإنك إذا قلت : تعس الشيطان ، تعاظم ، وقال : بقوتي صرعته ، وإذا قلت : بسم الله ، تصاغر حتى يصير مثل الذباب " .
تفرد به أحمد إسناده جيد قوي ، وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب ، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو بكر الحنفي ، حدثنا الضحاك بن عثمان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أحدكم إذا كان في المسجد ، جاءه الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته ، فإذا سكن له زنقه - أو : ألجمه " . قال أبو هريرة : وأنتم ترون ذلك ، أما المزنوق فتراه مائلا - كذا - لا يذكر الله ، وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل . تفرد به أحمد .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
تفسير البغوي
مدنية
( قل أعوذ برب الناس)
الإعراب:
(قُلْ) أمر فاعله مستتر والجملة ابتدائية لا محل لها (أَعُوذُ) مضارع فاعله مستتر (بِرَبِّ) متعلقان بالفعل (النَّاسِ) مضاف إليه والجملة مقول القول.