موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


التي اختصرناها اختصاراً شديداً هنا هي أن الخلق يتمّ بشكل متسلسل رغم أننا نراه أمامنا خلقاً جاهزاً ومستمرّا، بل هو في الحقيقة خلق جديد يتجدّد مع الآنات. فالله تعالى يخلق أجزاء العالم بشكل متسلسل ومستمرّ فهو في كلّ آن واحد من الزمن يخلق جزءً واحداً من العالم ونحن لا نشهد ذلك، بل لا نشهد سوى الخلق بعد أن يكتمل. فلو قدّرْنا أنّنا استطعنا أن نوقف الزمن فلن نرى من العالم سوى نقطة واحدة هي الصورة الجوهرية التي يخلقها الله تعالى في كلّ يوم (أي لحظة)، والعالم هو مجموع هذه الصور التي يخلقها الله تعالى ويعيد خلقها مع مرور الزمن. وهكذا نجد أن حقيقة العالم واحدة ومظهره متكثّر والرابط بين الوحدة والكثرة هو الزمن؛ وهذا هو معنى وحدة الوجود وحقيقتها باختصار شديد. ولقد عبّر الله تعالى عن ذلك أوضح تعبير في القرآن الكريم في سورة الرحمن حين قال عزّ وجلّ: ((كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [29])) فلو كان شؤونا لكان هناك تعدّد ولكنّه شأن واحد، لأن الله واحد، ولا يصدر عن الواحد إلا واحد، والكثرة المشهودة في الواقع ما هي إلا تكرار الظهور لهذا الجوهر الواحد الذي خلقه الله تعالى وهو في الحقيقة القلم وهو روح نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلّم الذي يكتب ما يريد الله تعالى أن يخلقه في العالم، ولذلك فإن العالَم هو في الحقيقة كتاب مسطور (سورة الطور آية 2)، حقيقة وليس مجازا.

وإذا صعب علينا فهم ذلك لنأخذ مثال شاشة التلفزيون أو الكومبيوتر، فنحن عندما نشاهد الصور المختلفة عليها نتخيّل أجساما وحركات، وما هي في الحقيقة سوى حزمة إلكترونية واحد ترسم نقطة واحدة في أسفل الشاشة ثم تنتقل فتمسح الشاشة وفي كلّ مكان تظهر بصور مختلفة ذات شدّة إضاءة ولون مختلف فكلّما انتهت من مسح الشاشة عادت وشكّلتها من جديد ولكن بصور مختلفة قليلا، وهكذا نتخيّل وجود الحركة، وكلّ ذلك يتمّ بواسطة شعاع إلكتروني واحد يقوم بمسح الشاشة يميناً وشمالاً وأعلى وأسفل حتى يتمّها ثم يعيد مسحها من جديد. فلو أننا كنّا مخلوقات على هذه الشاشة لقال لنا الخالق أنه يخلق عالمنا في أربعة أيّام ثم يستوي على العرش، ولكننّا كوننا الآن في عالم ثلاثي الأبعاد فيخلقه الله تعالى في ستّة أيّام ثم يستوي على العرش.

لقد اختصرنا هذا العرض المكثّف من كتب الشيخ محي الدين الكثيرة، ولذلك لم نضع هنا أي مرجع لأنّ هذه الآراء لا ترد أبداً في مكان واحد بل منثورة لأنها في الحقيقة هي من عقيدة الخواص كما ذكر الشيخ محي الدين أنّه نثر هذه العقيدة في كتبه حتى لا يساء فهمها. ولكن يريد المراجع والمزيد عن هذه التفاصيل التي ذكرناها فليراجع الأطروحة. وفي الحقيقة فقدّ كرّس الشيخ محي كتبه جميعها لذلك، وكذلك فإنّ حياته نفسها كانت انعكاسا لهذه الرؤية كما ذكرنا في المقدّمة. ومن أجل ذلك اخترنا عنوان شمس المغرب لهذا الكتاب وقسمناه إلى سبعة فصول، كما كان الخلق في سبعة أيام، كل واحد منها يرمز إلى مرحلة من اليوم والخلق.

الكعبة المشرّفة والحجر الأسود

ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى أمرَ نبيه إبراهيم ونبيه إسماعيل عليهما السلام فرفعا القواعد من البيت الحرام، الذي هو الكعبة المشرّفة، ولكن بعض الروايات تفيد أن أوّل من بناها على الحقيقة هم الملائكة ثم آدم عليه السلام ثم أعيد بناؤها بعد ذلك عدداً من المرّات، ولمّا بنتها قريش قبل بعثة النبي



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!