موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


بالنصوص من الآيات والأحاديث التي ثبتت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكنه لم يستطع أن يرفع إشكالية هذه النصوص عندما أجاب عليها بالفتاوي التي أدت إلى محنته كالفتوى الحموية التي ذكرناها أعلاه. والسبب في ذلك أنه تصدّى لمسائل فلسفية عويصة من غير أن يكون متحققاً بآراء الفلاسفة وعلماء الكلام.

ومن الغريب أن نجد أنّ مذهب ابن تيمية يلتقي في كثيرٍ من النقاط الأساسية مع رؤية ابن العربي نفسه! ولكن ابن العربي، كما رأينا، نثر عقيدته العميقة في كتبه الكثيرة وتحليلاته الطويلة حتى لا يطّلع عليها إلا من له القدرة على فهمها وأظهر فقط عقيدته العامة البسيطة كما فعل في بداية الفتوحات المكية. في حين أن ابن تيمية حاول شرح رؤيته من خلال رسائل قصيرة وبشكل مباشر ومن غير شروحات شافية ولا دلائل مقنعة ولم يراعِ كيفية تقبل الناس لها، مما أدى إلى انتقاده ومحاكمته.

تقارب مذهب ابن تيمية مع مذهب ابن العربي

إن ابن تيمية رحمه الله لم يدرس كتب الشيخ الأكبر، ولو درسها لكان بلا شكّ من المدافعين عنه بأشدّ مما هاجمه واتهمه، وذلك لأن حقيقة مذهب الشيخ الأكبر أقرب ما تكون إلى الأفكار التي تميّز بها ابن تيمية والتي أدّت إلى انتقاده من قبل الكثير من العلماء.

فواقع الأمر أنّ أغلب الفقهاء لم يستطيعوا الخوض كثيراً في الأمور الفكرية والعقائدية وآثروا العمل على أحكام العبادات والمعاملات ونجحوا في ذلك نجاحاً كبيراً يُحسب لهم، ولكنّهم لم يبذلوا الكثير في الجانب الفكري والفلسفي كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية وكذلك ابن العربي، كلٌّ على طريقته ومنهجه؛ فأما ابن العربي فقد سلك طريق الذوق والعلم الكشفي كما رأينا، في حين أن ابن تيمية قد اتّبع طريق العقل والمنطق، وهو طريق طويل وصعب لم يستطع شيخ الإسلام رحمه الله أن يصل فيه إلى غايته، فلم يستطع أن يوضّح آراءه للعلماء الذين كثيراً ما حاربوه لأنهم لم يفهموا أقواله وأفكاره كما حارب هو ابن العربي لنفس السبب.

وأوضح دليل على ما نقول هو نفي ابن تيمية للمجاز في القرآن الكريم،[1] الأمر الذي أدّى به للقول ببعض أقوال المجسمة والمشبّهة كما ذكرنا أعلاه. فأكثر الفقهاء يهربون من التفكير في بعض الآيات والأحاديث التي وصف الله تعالى بها نفسه أو وصفه الرسول صلّى الله عليه وسلّم بصفات البشر كاليد والاستواء والنزول والضحك والمشي والهرولة وغير ذلك، والذين يخوضون في تفسير هذه الآيات



[1] نص على ذلك في نصوص كثيرة منها قوله في كتاب الإيمان (طبعة المكتب الإسلامي-دمشق، الطبعة الثالثة، 1988، ص109) "وقولهم: اللفظ إن دل بلا قرينة فهو حقيقة، وإن لم يدل إلا معها فهو مجاز، فقد تبين بطلانه"، وتلميذ ابن تيمية وهو ابن القيم يعتبر المجاز في كتابه ( الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة طاغوتا فيقول: "فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز" (انظر في مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ابن قيم الجوزيه، اختصره محمد بن الموصلي، مكتبة الرياض الحديثة-الرياض، 1970، أول الجزء الثاني ص2).


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!