موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المحركات والمراوح الضخمة إلى ما هنالك، فالكلمة واحدة والحركة مختلفة، ولا يمكننا معرفة حقيقة الفعل إذا لم نعرف حقيقة الفاعل، وبما أننا لا نعرف كنه ذات الله سبحانه، فكيف نعرف كيفية استواءه.

ولكن لا بدّ أن نضيف أيضاً أن الإنسان عندما يدرج في طريق العلم تتفتّح له أبواب جديدة من الفهم يستطيع أن يدرك بها المزيد والمزيد من معاني الآيات القرآنية التي آمن بها ابتداءً وسلّم بمعانيها. والقرآن من جوامع الكلم، لأن آياته تحوي في كلماتها المحدودة عدداً كبيراً من المعاني التي لا تتكشّف إلا لمن كان له قلب يبصر به الحقائق أو لمن ألقى السمع، أي سلّم وأسلم، ثم آمن، حتى يفتح الله له بصيرته فيعبد الله كأنه يراه، وهي مرتبة الإحسان التي لا يكون بعدها نقصان. فالإيمان يزيد وينقص، لأنه إيمان بشيء غيبي، والإحسان يزيد ولا ينقص، لأنه عن بصيرة ومشاهدة لا يُتصوّر معها الكفر.

تكفير ابن تيمية لابن العربي

ولكن الواقع أن ابن تيمية كان من أكثر العلماء الذين استنكروا كلام ابن العربي، فوصفه بالكفر والضلال، من غير أية بيّنة، بل وحتى من غير أن يكلّف نفسه قراءة كتبه والبحث فيها، وذلك واضح وجليّ من خلال ما نسب إليه من الأقوال التي لم يقلها وأساء فهم أقواله بأقرب تأويل من غير بحث ولا تمحيص ولا تدقيق يوضح له معانيها التي لا تجانب الإسلام قيد أنملة، ثم إن ذلك انطلى على أتباعه المقلدين الواثقين بشيخهم واعتبروه من الحقائق المسلّمة. وساعد على هذا كلّه صعوبة فهم الشيخ الأكبر نظراً لعمق الموضوعات التي يتطرق إليها والتي يصعب استخراج مكنوناتها إلا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أما أولئك الذين يقفون عند حدود مفهوماتهم الضيّقة للكلام ثم يرفضون سماع الخصم ويحكمون عليه من أول وهلة وكأنهم يخافون أن يسحرهم بكلامه كما كان يرفض بعض العرب سماع القرآن فأولئك قد وضعوا لأنفسهم حدوداً ونصبوا حولهم قضباناً وسجنوا أنفسهم داخلها.

ولقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وغفر له بعض الموضوعات التي وصلته من غريب كلام ابن العربي فأنكرها وكتب حولها الكتب والفتاوى من غير أدنى بحث ولا استبيان، فمن هذه الموضوعات:

الولاية والنبوة

فمما استنكره شيخ الإسلام على الشيخ الأكبر قوله بأن مقام الولاية فوق مقام النبوة، وهذا كلام صحيح قال به الشيخ الأكبر ولكنه لا يعني أبدا أن عموم الأولياء أعلى مقاما من الأنبياء وذلك لأن كل نبيّ فهو وليّ بالضرورة فهو من كونه وليّ أعلى من كونه نبيّ ولكن الوليّ الذي ليس بنبيّ مقامه بلا شكّ أدنى من مقام النبيّ لأنه شاركه بمرتبة الولاية ولم يشاركه بمرتبة النبوّة. قال ابن تيميه:

ومنهم -أي الصوفية- من يدّعى أن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء من جهة العلم بالله،



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!