موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال

تأليف الشيخ الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ولهم ها هنا سؤالان:

 أحدهما قولهم: (( هذا وإن صح في المجتهدات فلا يصح في قواعد العقائد ، إذ المخطئ فيه غير معذور ، فكيف السبيل إليه؟ )) فأقول: (( قواعد العقائد يشتمل عليه الكتاب والسنة ؛ وما وراء ذلك من التفصيل ، والمتنازع فيه ، يعرف الحق فيه بالوزن بالقسطاس المستقيم. وهي الموازين التي ذكره الله ( تعالى ) في كتابه ، وهي خمسة ذكرتـها في كتاب (( القسطاس المستقيم )). فإن قال: (( خصومك يخالفونك في ذلك الميزان. )) فأقول: (( لا يتصور أن يفهم ذلك الميزان ثم يخالف فيه [ إذ لا يخالف فيه ] أهل التعليم ، لأني استخرجته من القرآن وتعلمته منه ، ولا يخالف فيه أهل المنطق ، لأنه موافق لما شرطوه في المنطق ، وغير مخالف له ؛ ولا يخالف فيه المتكلم لأنه موافق لم يذكره في أدلة النظريات ، وبه يعرف الحق في الكلاميات. )) فإن قال: (( فإن كان في يدك مثل هذا الميزان فلمَ لا ترفع الخلاف بين الخلق؟ )) فأقول: (( لو أصغوا إلي لرفعت الخلاف بينهم ؛ وذكرت طريق رفع الخلاف في كتاب (( القسطاس المستقيم )) ، فتأمله لتعلم أنه حق وأنه يرفع الخلاف قطعاً لو أصغوا ولا يصغون [ إليه ] بأجمعهم! بل قد أصغى إلي طائفة ، فرفعت الخلاف بينهم. وإمامك يريد رفع الخلاف بينهم مع عدم إصغائهم ، فلمَ لم يرفع إلى الآن؟ ولمَ لم يرفع علي رضي الله عنـه ، وهو رأس الأئمة؟ أو يدعي أنه يقدر على حمل كافتهم على الإصغاء قهراً ، فلمَ لم يحملهم إلى الآن؟ ولأي يوم أجله؟ وهل حصل بين الخلق بسبب دعوته إلا زيادة خلاف وزيادة مخالف؟ نعم! كان يخشى من الخلاف نوع الضرر لا ينتهي إلى سفك الدماء ، وتخريب البلاد وأيتام الأولاد ، وقطع الطرق ، والإغارة على الأموال. وقد حدث في العالم من بركات رفعكم الخلاف [ من الخلاف ] ما لم يكن بمثله عهد. )) فإن قال: (( ادعيت أنك ترفع الخلاف بين الخلق ولكن المتحير بين المذاهب المتعارضة ، والاختلافات المتقابلة ، لم يلزمه الإصغاء إليك دون خصمك ، وأكثر الخصوم يخالفونك ، ولا فرق بينك وبينهم. ))


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!