موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال

تأليف الشيخ الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


على أني أقول:

(( وإن لم تجربه ، فيقضي عقلك بوجوب التصديق والإتباع قطعاً. فإنا لو فرضنا رجلاً بلغ وعقل ولم يجرب ( المرض ) ، فمرض ، وله والد مشفق حاذق بالطب ، يسمع دعواه في معرفة الطب منذ عقل ، فعجن له والده دواء ، فقال: (( هذا يصلح لمرضك ويشفيك من سقمك. )) فماذ يقتضيه عقله ، إن كان الدواء مراً كريه المذاق ، أن يتناول؟ أوَ يَكذب ويقول: (( أنا [ لا ] أعقل مناسبة هذا الدواء لتحصيل الشفاء ، ولم أجربه! )) فلا شك أنك تستحمقه إن فعل ذلك! وكذلك يستحمقك أهل البصائر في توقفك! فإن قلت: (( فبَم أعرف شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بـهذا الطب؟ )) فأقول: (( وبم عرفت [ شفقة أبيك ] وليس ذلك أمراً محسوساً؟ بل عرفتها بقرائن أحواله وشواهد أعماله في مصادره وموارده علماً ضرورياً لا تتمارى فيه. ))

ومن نظر في أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما ورد من الأخبار في اهتمامه بإرشاد الخلق ، وتلطفه في جرّ الناس بأنواع الرفق واللطف ، إلى تحسين الأخلاق وإصلاح ذات البين ، وبالجملة إلى ما يصلح به دينهم ودنياهم ، حصل له علم ضروري ، بأن شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته أعظم من شفقة الوالد على ولده.

وإذا نظر إلى عجائب ما ظهر عليه من الأفعال ، وإلى عجائب الغيب الذي أخبر عنه القرآن على لسأنه وفي الأخبار ، وإلى ما ذكره في آخر الزمان ، فظهر ذلك كما ذكره ، علم علماً ضرورياً أنه بلغ الطور الذي وراء العقل ، وانفتحت له العين التي ينكشف منها الغيب الذي لا يدركه إلا الخواص ، والأمور التي لا يدركها العقل.

فهذا هو منهاج تحصيل العلم الضروري بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم . فجرب وتأمل القرآن وطالع الأخبار ، تعرف ذلك بالعيان.

 وهذا القدر يكفي في تنبيه المتفلسفة ، ذكرناه لشدة الحاجة إليه في هذ الزمان.

وأما السبب الرابع - وهو ضعف الإيمان بسبب سيرة العلماء- فيداوي هذا المرض بثلاثة أمور:


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!