المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (113)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (113)]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ
قَوْله : ( حَدَّثَنِي اللَّيْث قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن ) أَيْ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْد الرَّحْمَن , وَفِي رِوَايَة غَيْر أَبِي ذَرّ حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن , وَاللَّيْث وَعَبْد الرَّحْمَن قَرِينَانِ. قَوْله : ( عَنْ سَالِم ) أَيْ : اِبْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر. قَوْله : ( أَبِي حَثْمَة ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْمُثَلَّثَة , وَاسْم أَبِي حَثْمَة عَبْد اللَّه بْن حُذَيْفَة الْعَدَوِيُّ , وَأَمَّا أَبُو بَكْر الرَّازِيّ فَتَابِعِيّ مَشْهُور لَمْ يُسَمَّ , وَقَدْ قِيلَ إِنَّ اِسْمه كُنْيَته. قَوْله : ( صَلَّى لَنَا ) أَيْ إِمَامًا , وَفِي رِوَايَة "" بِنَا "" بِمُوَحَّدَةٍ. قَوْله : ( الْعِشَاء ) أَيْ : صَلَاة الْعِشَاء. قَوْله : ( فِي آخِر حَيَاته ) جَاءَ مُقَيَّدًا فِي رِوَايَة جَابِر أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل مَوْته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهْرٍ. قَوْله : ( أَرَأَيْتَكُمْ ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة لِأَنَّهَا ضَمِير الْمُخَاطَب وَالْكَاف ضَمِير ثَانٍ لَا مَحَلّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَاب وَالْهَمْزَة الْأُولَى لِلِاسْتِفْهَامِ , وَالرُّؤْيَة بِمَعْنَى الْعِلْم أَوْ الْبَصَر , وَالْمَعْنَى أَعَلِمْتُمْ أَوْ أَبْصَرْتُمْ لَيْلَتكُمْ , وَهِيَ مَنْصُوبَة عَلَى الْمَفْعُولِيَّة , وَالْجَوَاب مَحْذُوف تَقْدِيره قَالُوا نَعَمْ , قَالَ فَاضْبُطُوهَا. وَتَرِد أَرَأَيْتَكُمْ لِلِاسْتِخْبَارِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : ( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَاب اللَّه ) الْآيَة , قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ : الْمَعْنَى أَخْبِرُونِي. وَمُتَعَلِّق الِاسْتِخْبَار مَحْذُوف تَقْدِيره مَنْ تَدْعُونَ. ثُمَّ بَكَّتَهُمْ فَقَالَ : ( أَغْيَر اللَّه تَدْعُونَ ). اِنْتَهَى. وَإِنَّمَا أَوْرَدْت هَذَا لِأَنَّ بَعْض النَّاس نَقَلَ كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْآيَة إِلَى هَذَا الْحَدِيث , وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّقْدِير أَخْبِرُونِي لَيْلَتكُمْ هَذِهِ فَاحْفَظُوهَا , وَلَيْسَ ذَلِكَ مُطَابِقًا لِسِيَاقِ الْآيَة. قَوْله : ( فَإِنَّ رَأْس ) وَلِلْأَصِيلِيِّ "" فَإِنَّ عَلَى رَأْس "" أَيْ عِنْد اِنْتِهَاء مِائةِ سَنَة. قَوْله : ( مِنْهَا ) فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ "" مِنْ "" تَكُون لِابْتِدَاءِ الْغَايَة فِي الزَّمَان كَقَوْلِ الْكُوفِيِّينَ , وَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ نُحَاة الْبَصْرَة , وَأَوَّلُوا مَا وَرَدَ مِنْ شَوَاهِده كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( مِنْ أَوَّل يَوْم أَحَقّ أَنْ تَقُوم فِيهِ ) وَقَوْل أَنَس مَا زِلْت أُحِبّ الدُّبَّاء مِنْ يَوْمئِذٍ , وَقَوْله : مُطِرْنَا مِنْ يَوْم الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة. قَوْله : ( لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْر الْأَرْض ) أَيْ الْآن مَوْجُودًا أَحَد إِذْ ذَاكَ , وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا التَّقْدِير عِنْد الْمُصَنِّف مِنْ رِوَايَة شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّلَاة مَعَ بَقِيَّة الْكَلَام عَلَيْهِ , قَالَ اِبْن بَطَّال : إِنَّمَا أَرَادَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّة تَخْتَرِم الْجِيل الَّذِي هُمْ فِيهِ , فَوَعَظَهُمْ بِقِصَرِ أَعْمَارهمْ , وَأَعْلَمهُمْ أَنَّ أَعْمَارهمْ لَيْسَتْ كَأَعْمَارِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأُمَم لِيَجْتَهِدُوا فِي الْعِبَادَة. وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْمُرَاد أَنَّ كُلّ مَنْ كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة عَلَى الْأَرْض لَا يَعِيش بَعْد هَذِهِ اللَّيْلَة أَكْثَر مِنْ مِائَة سَنَة سَوَاء قَلَّ عُمْره قَبْل ذَلِكَ أَمْ لَا , وَلَيْسَ فِيهِ نَفْي حَيَاة أَحَد يُولَد بَعْد تِلْكَ اللَّيْلَة مِائَة سَنَة. وَاَللَّه أَعْلَم.



