موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (156)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (156)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدَانُ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنَا ‏ ‏يُونُسُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏الزُّهْرِيِّ ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنِي ‏ ‏أَبُو إِدْرِيسَ ‏ ‏أَنَّهُ سَمِعَ ‏ ‏أَبَا هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏مَنْ تَوَضَّأَ ‏ ‏فَلْيَسْتَنْثِرْ ‏ ‏وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ ‏


‏ ‏قَوْله : ( أَبُو إِدْرِيس ) ‏ ‏هُوَ الْخَوْلَانِيّ. ‏ ‏قَوْله : ( أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة ) ‏ ‏زَادَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق اِبْن الْمُبَارَك وَغَيْره عَنْ يُونُس أَبَا سَعِيد مَعَ أَبِي هُرَيْرَة. ‏ ‏قَوْله : ( فَلْيَسْتَنْثِرْ ) ‏ ‏ظَاهِر الْأَمْر أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ , فَيَلْزَم مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْشَاق لِوُرُودِ الْأَمْر بِهِ كَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبِي عُبَيْد وَأَبِي ثَوْر وَابْن الْمُنْذِر أَنْ يَقُول بِهِ فِي الِاسْتِنْثَار , وَظَاهِر كَلَام صَاحِب الْمُغْنِي يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِذَلِكَ , وَأَنَّ مَشْرُوعِيَّة الِاسْتِنْشَاق لَا تَحْصُل إِلَّا بِالِاسْتِنْثَارِ , وَصَرَّحَ اِبْن بَطَّال بِأَنَّ بَعْض الْعُلَمَاء قَالَ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْثَار , وَفِيهِ تَعَقُّب عَلَى مَنْ نَقَلَ الْإِجْمَاع عَلَى عَدَم وُجُوبه. وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الْأَمْر فِيهِ لِلنَّدْبِ بِمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم مِنْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ "" تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّه "" فَأَحَالَهُ عَلَى الْآيَة وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْر الِاسْتِنْشَاق. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِالْأَمْرِ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ آيَة الْوُضُوء , فَقَدْ أَمَرَ اللَّه سُبْحَانه بِاتِّبَاعِ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمُبَيِّن عَنْ اللَّه أَمْرَهُ , وَلَمْ يَحْكِ أَحَد مِمَّنْ وَصَفَ وُضُوءَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى الِاسْتِقْصَاء أَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِنْشَاق بَلْ وَلَا الْمَضْمَضَة , وَهُوَ يَرُدّ عَلَى مَنْ لَمْ يُوجِب الْمَضْمَضَة أَيْضًا , وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْر بِهَا أَيْضًا فِي سُنَن أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيح , وَذَكَرَ اِبْن الْمُنْذِر أَنَّ الشَّافِعِيّ لَمْ يَحْتَجّ عَلَى عَدَم وُجُوب الِاسْتِنْشَاق مَعَ صِحَّة الْأَمْر بِهِ إِلَّا لِكَوْنِهِ لَا يَعْلَم خِلَافًا فِي أَنَّ تَارِكه لَا يُعِيد , وَهَذَا دَلِيل قَوِيّ , فَإِنَّهُ لَا يُحْفَظ ذَلِكَ عَنْ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة وَلَا التَّابِعِينَ إِلَّا عَنْ عَطَاء , وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إِيجَاب الْإِعَادَة , ذَكَرَهُ كُلّه اِبْن الْمُنْذِر , وَلَمْ يَذْكُر فِي هَذِهِ الرِّوَايَة عَدَدًا. وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَة سُفْيَان عَنْ أَبِي الزِّنَاد وَلَفْظه "" وَإِذَا اِسْتَنْثَرَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وِتْرًا "" أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيّ فِي مُسْنَده عَنْهُ , وَأَصْله لِمُسْلِمٍ. وَفِي رِوَايَة عِيسَى بْن طَلْحَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد الْمُصَنِّف فِي بَدْء الْخَلْق "" إِذَا اِسْتَيْقَظَ أَحَدكُمْ مِنْ مَنَامه فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا , فَإِنَّ الشَّيْطَان يَبِيت عَلَى خَيْشُومه "" , وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَاد بِالِاسْتِنْثَارِ فِي الْوُضُوء التَّنْظِيف لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعُونَة عَلَى الْقِرَاءَة ; لِأَنَّ بِتَنْقِيَةِ مَجْرَى النَّفَس تَصِحّ مَخَارِج الْحُرُوف , وَيُزَاد لِلْمُسْتَيْقِظِ بِأَنَّ ذَلِكَ لِطَرْدِ الشَّيْطَان. وَسَنَذْكُرُ بَاقِي مَبَاحِثه فِي مَكَانه إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. ‏ ‏قَوْله : ( وَمَنْ اِسْتَجْمَرَ ) ‏ ‏أَيْ : اِسْتَعْمَلَ الْجِمَار - وَهِيَ الْحِجَارَة الصِّغَار - فِي الِاسْتِنْجَاء. وَحَمَلَهُ بَعْضهمْ عَلَى اِسْتِعْمَال الْبَخُور فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ : تَجَمَّرَ وَاسْتَجْمَرَ , حَكَاهُ اِبْن حَبِيب عَنْ اِبْن عُمَر وَلَا يَصِحّ عَنْهُ , وَابْن عَبْد الْبَرّ عَنْ مَالِك , وَرَوَى اِبْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه عَنْهُ خِلَافه , وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر أَيْضًا بِمُوَافَقَةِ الْجُمْهُور , وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل عَلَى مَعْنَى قَوْله "" فَلْيُوتِرْ "" فِي الْكَلَام عَلَى حَدِيث اِبْن مَسْعُود. وَاسْتَدَلَّ بَعْض مَنْ نَفَى وُجُوب الِاسْتِنْجَاء بِهَذَا الْحَدِيث لِلْإِتْيَانِ فِيهِ بِحَرْفِ الشَّرْط , وَلَا دَلَالَة فِيهِ , وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ التَّخْيِير بَيْن الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ أَوْ بِالْأَحْجَارِ , وَاَللَّه أَعْلَم. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!