المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (169)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (169)]
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ وَإِذَا أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ قُلْتُ أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ قَالَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ
قَوْله : ( اِبْن أَبِي السَّفَر ) تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَة أَنَّ اِسْمه عَبْد اللَّه , وَأَنَّ السَّفَر بِفَتْحِ الْفَاء , وَوَهَمَ مَنْ سَكَّنَهَا. قَوْله : ( عَدِيّ بْن حَاتِم ) أَيْ الطَّائِيّ. قَوْله : ( سَأَلْت ) أَيْ : عَنْ حُكْم صَيْد الْكِلَاب , وَحَذَفَ لَفْظ السُّؤَال اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْجَوَاب عَلَيْهِ , وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّف مِنْ طَرِيق أُخْرَى فِي الصَّيْد كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَإِنَّمَا سَاقَ الْمُصَنِّف هَذَا الْحَدِيث هُنَا لِيَسْتَدِلّ بِهِ لِمَذْهَبِهِ فِي طَهَارَة سُؤْر الْكَلْب , وَمُطَابَقَته لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْله فِيهَا "" وَسُؤْر الْكِلَاب "" , وَوَجْه الدَّلَالَة مِنْ الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَهُ فِي أَكْل مَا صَادَهُ الْكَلْب وَلَمْ يُقَيِّد ذَلِكَ بِغَسْلِ مَوْضِع فَمه , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ مَالِك : كَيْف يُؤْكَل صَيْده وَيَكُون لُعَابه نَجِسًا ؟ وَأَجَابَ الْإِسْمَاعِيلِيّ بِأَنَّ الْحَدِيث سِيقَ لِتَعْرِيفِ أَنَّ قَتْله ذَكَاته , وَلَيْسَ فِيهِ إِثْبَات نَجَاسَة وَلَا نَفْيهَا. وَيَدُلّ لِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ اِغْسِلْ الدَّم إِذَا خَرَجَ مِنْ جُرْح نَابِه ; لَكِنَّهُ وَكَلَهُ إِلَى مَا تَقَرَّرَ عِنْده مِنْ وُجُوب غَسْل الدَّم , فَلَعَلَّهُ وَكَلَهُ أَيْضًا إِلَى مَا تَقَرَّرَ عِنْده مِنْ غَسْل مَا يُمَاسّهُ فَمه. وَقَالَ اِبْن الْمُنِير : عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنَّ السِّكِّين إِذَا سُقِيَتْ بِمَاءٍ نَجِس وَذَبَحَ بِهَا نَجَّسَتْ الذَّبِيحَة , وَنَاب الْكَلْب عِنْدهمْ نَجِس الْعَيْن , وَقَدْ وَافَقُونَا عَلَى أَنَّ ذَكَاته شَرْعِيَّة لَا تُنَجِّس الْمُذَكَّى. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ الِاتِّفَاق عَلَى أَنَّ الذَّبِيحَة لَا تَصِير نَجِسَة بِعَضِّ الْكَلْب ثُبُوت الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِير مُتَنَجِّسَة , فَمَا أَلْزَمَهُمْ بِهِ مِنْ التَّنَاقُض لَيْسَ بِلَازِمٍ , عَلَى أَنَّ فِي الْمَسْأَلَة عِنْدهمْ خِلَافًا , وَالْمَشْهُور وُجُوب غَسْل الْمَعَضّ , وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِع بَسْط هَذِهِ الْمَسْأَلَة.



