المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (175)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (175)]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَفَاضَ مِنْ عَرَفةَ عَدَلَ إِلَى الشِّعْبِ فَقَضَى حَاجَتَهُ قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي فَقَالَ الْمُصَلَّى أَمَامَكَ
قَوْله : ( اِبْن سَلَام ) هُوَ مُحَمَّد كَمَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة , وَيَحْيَى هُوَ اِبْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ. وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد رِوَايَة الْأَقْرَان لِأَنَّ يَحْيَى وَمُوسَى بْن عُقْبَة تَابِعِيَّانِ صَغِيرَانِ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة , وَكُرَيْب مَوْلَى اِبْن عَبَّاس مِنْ أَوَاسِط التَّابِعِينَ فَفِيهِ ثَلَاثَة مِنْ التَّابِعِينَ فِي نَسَق , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة إِلَى شَيْء مِنْ مَبَاحِث هَذَا الْحَدِيث فِي "" بَاب إِسْبَاغ الْوُضُوء "" وَيَأْتِي بَاقِيهَا فِي كِتَاب الْحَجّ. وَوَقَعَ فِي تَرَاجِم الْبُخَارِيّ لِابْنِ الْمُنِير فِي هَذَا الْمَوْضِع وَهْم , فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ اِبْن عَبَّاس عَنْ أُسَامَة , وَلَيْسَ هُوَ مِنْ رِوَايَة اِبْن عَبَّاس وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ رِوَايَة كُرَيْب مَوْلَى اِبْن عَبَّاس. قَوْله : ( أَصُبّ ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَة وَمَفْعُوله مَحْذُوف أَيْ : الْمَاء. وَقَوْله "" وَيَتَوَضَّأ "" أَيْ : وَهُوَ يَتَوَضَّأ. وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّف عَلَى الِاسْتِعَانَة فِي الْوُضُوء , لَكِنْ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الْكَرَاهِيَة مُخْتَصَّة بِغَيْرِ الْمَشَقَّة أَوْ الِاحْتِيَاج فِي الْجُمْلَة لَا يَسْتَدِلّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أُسَامَة لِأَنَّهُ كَانَ فِي السَّفَر. وَكَذَا حَدِيث الْمُغِيرَة الْمَذْكُور , قَالَ اِبْن الْمُنِير : قَاسَ الْبُخَارِيّ تَوْضِئَة الرَّجُل غَيْره عَلَى صَبّه عَلَيْهِ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي مَعْنَى الْإِعَانَة. قُلْت : وَالْفَرْق بَيْنهمَا ظَاهِر , وَلَمْ يُفْصِح الْبُخَارِيّ فِي الْمَسْأَلَة بِجَوَازٍ وَلَا غَيْره , وَهَذِهِ عَادَته فِي الْأُمُور الْمُحْتَمَلَة. قَالَ النَّوَوِيّ : الِاسْتِعَانَة ثَلَاثَة أَقْسَام : إِحْضَار الْمَاء , وَلَا كَرَاهَة فِيهِ أَصْلًا. قُلْت : لَكِنْ الْأَفْضَل خِلَافه. قَالَ : الثَّانِي مُبَاشَرَة الْأَجْنَبِيّ الْغُسْل , وَهَذَا مَكْرُوه إِلَّا لِحَاجَةٍ. الثَّالِث : الصَّبّ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدهمَا يُكْرَه , وَالثَّانِي خِلَاف الْأَوْلَى. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لَا يَكُون خِلَاف الْأَوْلَى. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَفْعَلهُ لِبَيَانِ الْجَوَاز فَلَا يَكُون فِي حَقّه خِلَاف الْأَوْلَى بِخِلَافِ غَيْره. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : إِذَا كَانَ الْأَوْلَى تَرْكه كَيْف يُنَازَع فِي كَرَاهَته ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كُلّ مَكْرُوه فِعْله خِلَاف الْأَوْلَى مِنْ غَيْر عَكْس , إِذْ الْمَكْرُوه يُطْلَق عَلَى الْحَرَام بِخِلَافِ الْآخَر.



