المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (176)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (176)]
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَأَنَّهُ ذَهَبَ لِحَاجَةٍ لَهُ وَأَنَّ مُغِيرَةَ جَعَلَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ ) هُوَ الْفَلَّاس أَحَد الْحُفَّاظ الْبَصْرِيِّينَ , وَعَبْد الْوَهَّاب هُوَ اِبْن عَبْد الْمَجِيد الثَّقَفِيّ , وَيَحْيَى بْن سَعِيد هُوَ الْأَنْصَارِيّ , وَسَعْد بْن إِبْرَاهِيم أَيْ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف. وَفِي الْإِسْنَاد رِوَايَة الْأَقْرَان فِي مَوْضِعَيْنِ ; لِأَنَّ يَحْيَى وَسَعْدًا تَابِعِيَّانِ صَغِيرَانِ , وَنَافِع بْن جُبَيْر وَعُرْوَة بْن الْمُغِيرَة تَابِعِيَّانِ وَسَطَانِ , فَفِيهِ أَرْبَعَة مِنْ التَّابِعِينَ فِي نَسَق وَهُوَ مِنْ النَّوَادِر. قَوْله : ( أَنَّهُ كَانَ ) أَدَّى عُرْوَة مَعْنَى كَلَام أَبِيهِ بِعِبَارَةِ نَفْسه , وَإِلَّا فَكَانَ السِّيَاق يَقْتَضِي أَنْ يَقُول : قَالَ إِنِّي كُنْت , وَكَذَا قَوْله "" وَأَنَّ الْمُغِيرَة جَعَلَ "" وَيَحْتَمِل أَنْ يُقَال هُوَ اِلْتِفَات عَلَى رَأْي فَيَكُون عُرْوَة أَدَّى لَفْظ أَبِيهِ , وَالضَّمِير فِي قَوْله "" وَأَنَّهُ ذَهَبَ "" وَفِي قَوْله "" لَهُ "" لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمَبَاحِث هَذَا الْحَدِيث تَأْتِي فِي الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَالْمُرَاد مِنْهُ هُنَا الِاسْتِدْلَال عَلَى الِاسْتِعَانَة. وَقَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا مِنْ الْقُرُبَات الَّتِي يَجُوز لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْمَلهَا عَنْ غَيْره بِخِلَافِ الصَّلَاة , قَالَ : وَاسْتَدَلَّ الْبُخَارِيّ مِنْ صَبّ الْمَاء عَلَيْهِ عِنْد الْوُضُوء أَنَّهُ يَجُوز لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَضِّئهُ غَيْره ; لِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَ الْمُتَوَضِّئ الِاغْتِرَاف مِنْ الْمَاء لِأَعْضَائِهِ وَجَازَ لَهُ أَنْ يَكْفِيَهُ ذَلِكَ غَيْرُهُ بِالصَّبِّ - وَالِاغْتِرَافُ بَعْضُ عَمَل الْوُضُوء - كَذَلِكَ يَجُوز فِي بَقِيَّة أَعْمَاله. وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الْمُنِير بِأَنَّ الِاغْتِرَاف مِنْ الْوَسَائِل لَا مِنْ الْمَقَاصِد ; لِأَنَّهُ لَوْ اِغْتَرَفَ ثُمَّ نَوَى أَنْ يَتَوَضَّأ جَازَ , وَلَوْ كَانَ الِاغْتِرَاف عَمَلًا مُسْتَقِلًّا لَكَانَ قَدْ قَدَّمَ النِّيَّة عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوز. وَحَاصِله التَّفْرِقَة بَيْن الْإِعَانَة بِالصَّبِّ وَبَيْن الْإِعَانَة بِمُبَاشَرَةِ الْغَيْر لِغَسْلِ الْأَعْضَاء , وَهَذَا هُوَ الْفَرْق الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ قَبْلُ. وَالْحَدِيثَانِ دَالَّانِ عَلَى عَدَم كَرَاهَة الِاسْتِعَانَة بِالصَّبِّ , وَكَذَا إِحْضَار الْمَاء مِنْ بَاب الْأَوْلَى. وَأَمَّا الْمُبَاشَرَة فَلَا دَلَالَة فِيهِمَا عَلَيْهَا , نَعَمْ يُسْتَحَبّ أَنْ لَا يَسْتَعِين أَصْلًا. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيُّ عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يَقُول : مَا أُبَالِي مَنْ أَعَانَنِي عَلَى طُهُورِي أَوْ عَلَى رُكُوعِي وَسُجُودِي , فَمَحْمُول عَلَى الْإِعَانَة بِالْمُبَاشَرَةِ لِلصَّبِّ , بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا وَغَيْره عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ كَانَ يَسْكُب عَلَى اِبْن عُمَر وَهُوَ يَغْسِل رِجْلَيْهِ. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ حَدِيث الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذ أَنَّهَا قَالَتْ : أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَقَالَ : اُسْكُبِي , فَسَكَبْت عَلَيْهِ. وَهَذَا أَصْرَح فِي عَدَم الْكَرَاهَة مِنْ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ; لِكَوْنِهِ فِي الْحَضَر ; وَلِكَوْنِهِ بِصِيغَةِ الطَّلَب ; لَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْط الْمُصَنِّف. وَاَللَّه أَعْلَم.



