المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (177)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (177)]
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل ) هُوَ اِبْن أَبِي أُوَيْس. قَوْله : ( مَخْرَمَةَ ) بِفَتْحِ الْمِيم وَإِسْكَان الْمُعْجَمَة , وَالْإِسْنَاد كُلّه مَدَنِيُّونَ. قَوْله : ( فَاضْطَجَعْت ) قَائِل ذَلِكَ هُوَ اِبْن عَبَّاس , وَفِيهِ اِلْتِفَات لِأَنَّ أُسْلُوب الْكَلَام كَانَ يَقْتَضِي أَنْ يَقُول فَاضْطَجَعَ لِأَنَّهُ قَالَ قَبْل ذَلِكَ إِنَّهُ بَاتَ. قَوْله : ( فِي عَرْض ) بِفَتْحِ أَوَّله عَلَى الْمَشْهُور , وَبِالضَّمِّ أَيْضًا , وَأَنْكَرَهُ الْبَاجِيّ مِنْ جِهَة النَّقْل وَمِنْ جِهَة الْمَعْنَى قَالَ : لِأَنَّ الْعُرْض بِالضَّمِّ هُوَ الْجَانِب وَهُوَ لَفْظ مُشْتَرَك. قُلْت : لَكِنْ لَمَّا قَالَ "" فِي طُولهَا "" تَعَيَّنَ الْمُرَاد , وَقَدْ صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَة فَلَا وَجْه لِلْإِنْكَارِ. قَوْله : ( يَمْسَح النَّوْم ) أَيْ : يَمْسَح بِيَدِهِ عَيْنَيْهِ , مِنْ بَاب إِطْلَاق اِسْم الْحَالّ عَلَى الْمَحَلّ , أَوْ أَثَر النَّوْم مِنْ بَاب إِطْلَاق السَّبَب عَلَى الْمُسَبَّب. قَوْله ( ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْر الْآيَات أَوَّلهَا ) ( إِنَّ فِي خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض ) إِلَى آخِر السُّورَة. قَالَ اِبْن بَطَّال وَمَنْ تَبِعَهُ : فِيهِ دَلِيل عَلَى رَدّ مَنْ كَرِهَ قِرَاءَة الْقُرْآن عَلَى غَيْر طَهَارَة ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَات بَعْد قِيَامه مِنْ النَّوْم قَبْل أَنْ يَتَوَضَّأ. وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الْمُنِير وَغَيْره بِأَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّع عَلَى أَنَّ النَّوْم فِي حَقّه يَنْقُض , وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَالَ "" تَنَام عَيْنَايَ وَلَا يَنَام قَلْبِي "" وَأَمَّا كَوْنه تَوَضَّأَ عَقِب ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ جَدَّدَ الْوُضُوء أَوْ أَحْدَثَ بَعْد ذَلِكَ فَتَوَضَّأَ. قُلْت : وَهُوَ تَعْقِيب جَيِّد بِالنِّسْبَةِ إِلَى قَوْل اِبْن بَطَّال : بَعْد قِيَامه مِنْ النَّوْم ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّن كَوْنه أَحْدَثَ فِي النَّوْم , لَكِنْ لَمَّا عَقَّبَ ذَلِكَ بِالْوُضُوءِ كَانَ ظَاهِرًا فِي كَوْنه أَحْدَثَ , وَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْن نَوْمه لَا يَنْقُض وُضُوءَهُ أَنْ لَا يَقَع مِنْهُ حَدَث وَهُوَ نَائِم , نَعَمْ خُصُوصِيَّته أَنَّهُ إِنْ وَقَعَ شَعَرَ بِهِ بِخِلَافِ غَيْره. وَمَا اِدَّعَوْهُ مِنْ التَّجْدِيد وَغَيْره الْأَصْل عَدَمه. وَقَدْ سَبَقَ الْإِسْمَاعِيلِيّ إِلَى مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ اِبْن الْمُنِير , وَالْأَظْهَر أَنَّ مُنَاسَبَة الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَة أَنَّ مُضَاجَعَة الْأَهْل فِي الْفِرَاش لَا تَخْلُو مِنْ الْمُلَامَسَة. وَيُمْكِن أَنْ يُؤْخَذ ذَلِكَ مِنْ قَوْل اِبْن عَبَّاس "" فَصَنَعْت مِثْل مَا صَنَعَ "" وَلَمْ يُرِدْ الْمُصَنِّف أَنَّ مُجَرَّد نَوْمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُض لِأَنَّ فِي آخِر هَذَا الْحَدِيث عِنْده فِي بَاب التَّخْفِيف فِي الْوُضُوء "" ثُمَّ اِضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ صَلَّى "". ثُمَّ رَأَيْت فِي الْحَلَبِيَّات لِلسُّبْكِيِّ الْكَبِير بَعْد أَنْ ذَكَرَ اِعْتِرَاض الْإِسْمَاعِيلِيّ : لَعَلَّ الْبُخَارِيّ اِحْتَجَّ بِفِعْلِ اِبْن عَبَّاس بِحَضْرَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ اِعْتَبَرَ اِضْطِجَاع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْله وَاللَّمْس يَنْقُض الْوُضُوء. قُلْت : وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا الْحَدِيث تَوْجِيه مَا قَيَّدْت الْحَدِيث بِهِ فِي تَرْجَمَة الْبَاب , وَأَنَّ الْمُرَاد بِهِ الْأَصْغَر , إِذْ لَوْ كَانَ الْأَكْبَر لَمَا اِقْتَصَرَ عَلَى الْوُضُوء ثُمَّ صَلَّى بَلْ كَانَ يَغْتَسِل. قَوْله : ( إِلَى شَنّ مُعَلَّقَة ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الشَّنّ الْقِرْبَة الَّتِي تَبَدَّتْ لِلْبَلَاءِ , وَلِذَلِكَ قَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة "" مُعَلَّقَة "" فَأَنَّثَ لِإِرَادَةِ الْقِرْبَة. قَوْله : ( فَقُمْت فَصَنَعْت مِثْل مَا صَنَعَ ) تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَة فِي بَاب تَخْفِيف الْوُضُوء إِلَى هَذَا الْمَوْضِع فَلْيُرَاجَعْ مِنْ ثَمَّ , وَسَتَأْتِي بَقِيَّة مَبَاحِث هَذَا الْحَدِيث فِي كِتَاب الْوِتْر إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. ( تَنْبِيه ) : رَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر كَرَاهَة ذِكْر اللَّه بَعْد الْحَدِيث ; لَكِنَّهُ عَلَى غَيْر شَرْط الْمُصَنِّف.



