المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (631)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (631)]
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا يَحْيَى ) هُوَ اِبْن سَعِيد الْقَطَّان , وَقَدْ أَخْرَجَهُ السَّرَّاج مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن سَعِيد الْأُمَوِيّ عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة أَيْضًا لَكِنَّ لَفْظه "" إِذَا حَضَرَ "" وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الْأَطْعِمَة مِنْ طَرِيق سُفْيَان عَنْ هِشَام بِلَفْظِ "" إِذَا حَضَرَ "" وَقَالَ بَعْدَهُ "" قَالَ يَحْيَى بْن سَعِيد وَوُهَيْبٌ عَنْ هُشَيْمٍ إِذَا وَضَعَ "" اِنْتَهَى. وَرِوَايَة وُهَيْب وَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيّ , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ رِوَايَة اِبْن نُمَيْر وَحَفْص وَوَكِيع بِلَفْظِ "" إِذَا حَضَرَ "" وَوَافَقَ كُلًّا جَمَاعَةٌ مِنْ الرُّوَاة عَنْ هِشَام , لَكِنَّ الَّذِينَ رَوَوْهُ بِلَفْظِ "" إِذَا وَضَعَ "" كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ أَكْثَرُ , وَالْفَرْق بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ أَنَّ الْحُضُور أَعَمُّ مِنْ الْوَضْع , فَيُحْمَلُ قَوْله "" حَضَرَ "" أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ لِتَأْتَلِفَ الرِّوَايَات لِاتِّحَادِ الْمَخْرَج , وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَنَس الْآتِي بَعْدَهُ بِلَفْظِ "" إِذَا قُدِّمَ الْعَشَاء "" وَلِمُسْلِمٍ "" إِذَا قُرِّبَ الْعَشَاء "" وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنَاط الْحُكْم بِمَا إِذَا حَضَرَ الْعِشَاء لَكِنَّهُ لَمْ يُقَرَّبْ لِلْأَكْلِ كَمَا لَوْ لَمْ يُقَرَّبْ. قَوْله : ( وَأُقِيمَتْ الصَّلَاة ) قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : الْأَلِف وَاللَّام فِي "" الصَّلَاة "" لَا يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِغْرَاق وَلَا عَلَى تَعْرِيف الْمَاهِيَّة , بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الْمَغْرِب , لِقَوْلِهِ "" فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ "" وَيَتَرَجَّح حَمْلُهُ عَلَى الْمَغْرِب لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى "" فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا الْمَغْرِبَ "" وَالْحَدِيث يُفَسِّر بَعْضُهُ بَعْضًا , وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة "" إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأَحَدُكُمْ صَائِم "" اِنْتَهَى. وَسَنَذْكُرُ مَنْ أَخْرَجَ هَذِهِ الرِّوَايَة فِي الْكَلَام عَلَى الْحَدِيث الثَّانِي. وَقَالَ الْفَاكِهَانِيّ : يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُوم نَظَرًا إِلَى الْعِلَّة وَهِيَ التَّشْوِيش الْمُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْخُشُوع , وَذِكْرُ الْمَغْرِب لَا يَقْتَضِي حَصْرًا فِيهَا لِأَنَّ الْجَائِع غَيْرُ الصَّائِم قَدْ يَكُون أَشْوَقَ إِلَى الْأَكْل مِنْ الصَّائِم. اِنْتَهَى. وَحَمْلُهُ عَلَى الْعُمُوم إِنَّمَا هُوَ بِالنَّطْرِ إِلَى الْمَعْنَى إِلْحَاقًا لِلْجَائِعِ بِالصَّائِمِ وَلِلْغَدَاءِ بِالْعَشَاءِ لَا بِالنَّظَرِ إِلَى اللَّفْظ الْوَارِد. قَوْله : ( فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ ) حَمَلَ الْجُمْهُور هَذَا الْأَمْر عَلَى النَّدْب , ثُمَّ اِخْتَلَفُوا : فَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى الْأَكْل وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْدَ الشَّافِعِيَّة , وَزَادَ الْغَزَالِيّ مَا إِذَا خَشِيَ فَسَاد الْمَأْكُول , وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَيِّدهُ وَهُوَ قَوْل الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق , وَعَلَيْهِ يَدُلّ فِعْلُ اِبْن عُمَر الْآتِي , وَأَفْرَطَ اِبْن حَزْمٍ فَقَالَ : تَبْطُلُ الصَّلَاة. وَمِنْهُمْ مَنْ اِخْتَارَ الْبُدَاءَة بِالصَّلَاةِ إِلَّا إِنْ كَانَ الطَّعَام خَفِيفًا نَقَلَهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ مَالِك , وَعِنْدَ أَصْحَابه تَفْصِيل قَالُوا : يُبْدَأ بِالصَّلَاةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقَ النَّفْسِ بِالْأَكْلِ , أَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ لَكِنْ لَا يُعَجِّلُهُ عَنْ صَلَاته , فَإِنْ كَانَ يُعَجِّلهُ عَنْ صَلَاته بَدَأَ بِالطَّعَامِ وَاسْتُحِبَّتْ لَهُ الْإِعَادَةُ.