موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (7)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (7)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ‏ ‏قَالَ أَخْبَرَنَا ‏ ‏حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏ ‏قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا ‏ ‏رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ‏


‏ ‏قَوْله : ( حَنْظَلَة بْن أَبِي سُفْيَان ) ‏ ‏هُوَ قُرَشِيّ مَكِّيّ مِنْ ذُرِّيَّة صَفْوَان بْن أُمَيَّة الْجُمَحِيّ , وَعِكْرِمَة بْن خَالِد هُوَ اِبْن سَعِيد بْن الْعَاصِ بْن هِشَام بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ , وَهُوَ ثِقَة مُتَّفَق عَلَيْهِ , وَفِي طَبَقَته عِكْرِمَة بْن خَالِد بْن سَلَمَة بْن هِشَام بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيّ , وَهُوَ ضَعِيف , وَلَمْ يُخَرِّج لَهُ الْبُخَارِيّ , نَبَّهْت عَلَيْهِ لِشِدَّةِ اِلْتِبَاسه , وَيَفْتَرِقَانِ بِشُيُوخِهِمَا , وَلَمْ يُرْوَ الضَّعِيف عَنْ اِبْن عُمَر. زَادَ مُسْلِم فِي رِوَايَته عَنْ حَنْظَلَة قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة بْن خَالِد يُحَدِّث طَاوُسًا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِ اللَّه بْن عُمَر : أَلَا تَغْزُو ؟ فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْت... فَذَكَرَ الْحَدِيث. ‏ ‏( فَائِدَة ) : ‏ ‏اِسْم الرَّجُل السَّائِل حَكِيم , ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيّ. ‏ ‏قَوْله : ( عَلَى خَمْس ) ‏ ‏أَيْ : دَعَائِم. وَصَرَّحَ بِهِ عَبْد الرَّزَّاق فِي رِوَايَته. وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ عَلَى خَمْسَة أَيْ : أَرْكَان. فَإِنْ قِيلَ الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة مَبْنِيَّة عَلَى الشَّهَادَة إِذْ لَا يَصِحّ شَيْء مِنْهَا إِلَّا بَعْد وُجُودهَا فَكَيْفَ يُضَمّ مَبْنِيّ إِلَى مَبْنِيّ عَلَيْهِ فِي مُسَمًّى وَاحِد ؟ أُجِيبَ بِجَوَازِ اِبْتِنَاء أَمْر عَلَى أَمْر يَنْبَنِي عَلَى الْأَمْرَيْنِ أَمْر آخَر. فَإِنْ قِيلَ : الْمَبْنِيّ لَا بُدّ أَنْ يَكُون غَيْر الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ , أُجِيبَ : بِأَنَّ الْمَجْمُوع غَيْر مِنْ حَيْثُ الِانْفِرَاد , عَيْن مِنْ حَيْثُ الْجَمْع. وَمِثَاله الْبَيْت مِنْ الشِّعْر يُجْعَل عَلَى خَمْسَة أَعْمِدَة أَحَدهَا أَوْسَط وَالْبَقِيَّة أَرْكَان , فَمَا دَامَ الْأَوْسَط قَائِمًا فَمُسَمَّى الْبَيْت مَوْجُود وَلَوْ سَقَطَ مَهْمَا سَقَطَ مِنْ الْأَرْكَان , فَإِذَا سَقَطَ الْأَوْسَط سَقَطَ مُسَمَّى الْبَيْت , فَالْبَيْت بِالنَّظَرِ إِلَى مَجْمُوعه شَيْء وَاحِد , وَبِالنَّظَرِ إِلَى أَفْرَاده أَشْيَاء. وَأَيْضًا فَبِالنَّظَرِ إِلَى أُسِّهِ وَأَرْكَانه , الْأُسّ أَصْل , وَالْأَرْكَان تَبَع وَتَكْمِلَة. ‏ ‏( تَنْبِيهَات ) : ‏ ‏أَحَدهَا : لَمْ يُذْكَر الْجِهَاد ; لِأَنَّهُ فَرْض كِفَايَة وَلَا يَتَعَيَّن إِلَّا فِي بَعْض الْأَحْوَال , وَلِهَذَا جَعَلَهُ اِبْن عُمَر جَوَاب السَّائِل , وَزَادَ فِي رِوَايَة عَبْد الرَّزَّاق فِي آخِره : وَإِنَّ الْجِهَاد مِنْ الْعَمَل الْحَسَن. وَأَغْرَبَ اِبْن بَطَّال فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث كَانَ أَوَّل الْإِسْلَام قَبْل فَرْض الْجِهَاد , وَفِيهِ نَظَر , بَلْ هُوَ خَطَأ ; لِأَنَّ فَرْض الْجِهَاد كَانَ قَبْل وَقْعَة بَدْر , وَبَدْر كَانَتْ فِي رَمَضَان فِي السَّنَة الثَّانِيَة , وَفِيهَا فُرِضَ الصِّيَام وَالزَّكَاة بَعْد ذَلِكَ وَالْحَجّ بَعْد ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيح. ‏ ‏ثَانِيهَا : قَوْله "" شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه "" وَمَا بَعْدهَا مَخْفُوض عَلَى الْبَدَل مِنْ خَمْس , وَيَجُوز الرَّفْع عَلَى حَذْف الْخَبَر , وَالتَّقْدِير مِنْهَا شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه. أَوْ عَلَى حَذْف الْمُبْتَدَأ , وَالتَّقْدِير أَحَدهَا شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه. فَإِنْ قِيلَ : لَمْ يَذْكُر الْإِيمَان بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَة وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا تَضَمَّنَهُ سُؤَال جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَاد بِالشَّهَادَةِ تَصْدِيق الرَّسُول فِيمَا جَاءَ بِهِ , فَيَسْتَلْزِم جَمِيع مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُعْتَقَدَات. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مَا مُحَصَّله : هُوَ مِنْ بَاب تَسْمِيَة الشَّيْء بِبَعْضِهِ كَمَا تَقُول : قَرَأْت الْحَمْد وَتُرِيد جَمِيع الْفَاتِحَة , وَكَذَا تَقُول مَثَلًا : شَهِدْت بِرِسَالَةِ مُحَمَّد وَتُرِيد جَمِيع مَا ذُكِرَ. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏ ‏ثَالِثهَا : الْمُرَاد بِإِقَامِ الصَّلَاة الْمُدَاوَمَة عَلَيْهَا أَوْ مُطْلَق الْإِتْيَان بِهَا , وَالْمُرَاد بِإِيتَاءِ الزَّكَاة إِخْرَاج جُزْء مِنْ الْمَال عَلَى وَجْه مَخْصُوص. ‏ ‏رَابِعهَا : اِشْتَرَطَ الْبَاقِلَّانِيّ فِي صِحَّة الْإِسْلَام تَقَدُّم الْإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ عَلَى الرِّسَالَة , وَلَمْ يُتَابَع , مَعَ أَنَّهُ إِذَا دُقِّقَ فِيهِ بَانَ وَجْهه , وَيَزْدَاد اِتِّجَاهًا إِذَا فَرَّقَهُمَا , فَلْيُتَأَمَّلْ. ‏ ‏خَامِسهَا : يُسْتَفَاد مِنْهُ تَخْصِيص عُمُوم مَفْهُوم السُّنَّة بِخُصُوصِ مَنْطُوق الْقُرْآن ; لِأَنَّ عُمُوم الْحَدِيث يَقْتَضِي صِحَّة إِسْلَام مَنْ بَاشَرَ مَا ذُكِرَ , وَمَفْهُومه أَنَّ مَنْ لَمْ يُبَاشِرهُ لَا يَصِحّ مِنْهُ , وَهَذَا الْعُمُوم مَخْصُوص بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتهمْ ) عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعه. ‏ ‏سَادِسهَا : وَقَعَ هُنَا تَقْدِيم الْحَجّ عَلَى الصَّوْم , وَعَلَيْهِ بَنَى الْبُخَارِيّ تَرْتِيبه , لَكِنْ وَقَعَ فِي مُسْلِم مِنْ رِوَايَة سَعْد بْن عُبَيْدَة عَنْ اِبْن عُمَر بِتَقْدِيمِ الصَّوْم عَلَى الْحَجّ , قَالَ , فَقَالَ رَجُل : وَالْحَجّ وَصِيَام رَمَضَان , فَقَالَ اِبْن عُمَر : لَا , صِيَام رَمَضَان وَالْحَجّ , هَكَذَا سَمِعْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اِنْتَهَى. فَفِي هَذَا إِشْعَار بِأَنَّ رِوَايَة حَنْظَلَة الَّتِي فِي الْبُخَارِيّ مَرْوِيَّة بِالْمَعْنَى , إِمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَع رَدّ اِبْن عُمَر عَلَى الرَّجُل لِتَعَدُّدِ الْمَجْلِس , أَوْ حَضَرَ ذَلِكَ ثُمَّ نَسِيَهُ. وَيَبْعُد مَا جَوَّزَهُ بَعْضهمْ أَنْ يَكُون اِبْن عُمَر سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَنَسِيَ أَحَدهمَا عِنْد رَدّه عَلَى الرَّجُل , وَوَجْه بُعْده أَنَّ تَطَرُّق النِّسْيَان إِلَى الرَّاوِي عَنْ الصَّحَابِيّ أَوْلَى مِنْ تَطَرُّقه إِلَى الصَّحَابِيّ , كَيْف وَفِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق حَنْظَلَة بِتَقْدِيمِ الصَّوْم عَلَى الْحَجّ , وَلِأَبِي عَوَانَة - مِنْ وَجْه آخَر عَنْ حَنْظَلَة - أَنَّهُ جَعَلَ صَوْم رَمَضَان قَبْل , فَتَنْوِيعه دَالّ عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ بِالْمَعْنَى. وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقَعَ عِنْد الْبُخَارِيّ فِي التَّفْسِير بِتَقْدِيمِ الصِّيَام عَلَى الزَّكَاة , أَفَيُقَال إِنَّ الصَّحَابِيّ سَمِعَهُ عَلَى ثَلَاثَة أَوْجُه ؟ هَذَا مُسْتَبْعَد. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏ ‏( فَائِدَة ) ‏ ‏اِسْم الرَّجُل الْمَذْكُور يَزِيد بْن بِشْر السَّكْسَكِيّ , ذَكَرَهُ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!