المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (983)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (983)]
حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا
قَوْله : ( حَدَّثَنَا شِهَاب بْن عَبَّاد ) هُوَ الْعَبْدِيّ الْكُوفِيّ مِنْ شُيُوخ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم , وَلَهُمْ شَيْخ آخَر يُقَال لَهُ شِهَاب بْن عَبَّاد الْعَبْدِيّ لَكِنَّهُ بَصْرِيّ وَهُوَ أَقْدَم مِنْ الْكُوفِيّ يَكُون فِي طَبَقَة شُيُوخ شُيُوخه أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيّ وَحْده فِي "" الْأَدَب الْمُفْرَد "" وَإِبْرَاهِيم بْن حُمَيْدٍ شَيْخه هُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن الرُّؤَاسِيّ بِضَمِّ الرَّاء بَعْدهَا هَمْزَة خَفِيفَة , وَفِي طَبَقَته إِبْرَاهِيم بْن حُمَيْدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف الزُّهْرِيُّ وَلَمْ يُخَرِّجُوا لَهُ. وَإِسْمَاعِيل هُوَ اِبْن أَبِي خَالِد , وَقَيْس هُوَ اِبْن أَبِي حَازِم , وَهَذَا الْإِسْنَاد كُلّه كُوفِيُّونَ. قَوْله : ( آيَتَانِ ) أَيْ عَلَامَتَانِ ( مِنْ آيَات اللَّه ) أَيْ الدَّالَّة عَلَى وَحْدَانِيَّة اللَّه وَعَظِيم قُدْرَته أَوْ عَلَى تَخْوِيف الْعِبَاد مِنْ بَأْس اللَّه وَسَطَوْته , وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى ( وَمَا نُرْسِل بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) وَسَيَأْتِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" يُخَوِّف اللَّه بِهِمَا عِبَاده "" فِي بَاب مُفْرَد. قَوْله : ( فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا ) أَيْ الْآيَة , ولِلكُشْمِيهَنِيِّ "" رَأَيْتُمُوهُمَا "" بِالتَّثْنِيَةِ , وَكَذَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ وَالْمَعْنَى إِذَا رَأَيْتُمْ كُسُوف كُلّ مِنْهُمَا لِاسْتِحَالَةِ وُقُوع ذَلِكَ فِيهِمَا مَعًا فِي حَالَة وَاحِدَة عَادَة وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي الْقُدْرَة الْإِلَهِيَّة. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة فِي كُسُوف الْقَمَر , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ فِي بَاب مُفْرَد إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن الْمُنْذِر "" حَتَّى يَنْجَلِي كُسُوف أَيّهمَا اِنْكَسَفَ "" وَهُوَ أَصْرَح فِي الْمُرَاد , وَأَفَادَ أَبُو عَوَانَة أَنَّ فِي بَعْض الطُّرُق أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم , وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مُسْنَد الشَّافِعِيّ , وَهُوَ يُؤَيِّد مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ اِتِّحَاد الْقِصَّة. قَوْله : ( فَقُومُوا فَصَلُّوا ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَقْت لِصَلَاةِ الْكُسُوف مُعَيَّن , لِأَنَّ الصَّلَاة عُلِّقَتْ بِرُؤْيَتِهِ , وَهِيَ مُمْكِنَة فِي كُلّ وَقْت مِنْ النَّهَار , وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ , وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّة أَوْقَات الْكَرَاهَة وَهُوَ مَشْهُور مَذْهَب أَحْمَد , وَعَنْ الْمَالِكِيَّة وَقْتهَا مِنْ وَقْت حِلّ النَّافِلَة إِلَى الزَّوَال , وَفِي رِوَايَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر , وَرُجِّحَ الْأَوَّل بِأَنَّ الْمَقْصُود إِيقَاع هَذِهِ الْعِبَادَة قَبْل الِانْجِلَاء. وَقَدْ اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُقْضَى بَعْد الِانْجِلَاء , فَلَوْ اِنْحَصَرَتْ فِي وَقْت لَأَمْكَنَ الِانْجِلَاء قَبْله فَيَفُوت الْمَقْصُود , وَلَمْ أَقِف فِي شَيْء مِنْ الطُّرُق مَعَ كَثْرَتهَا عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّاهَا الْأَضْحَى لَكِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ اِتِّفَاقًا وَلَا يَدُلّ عَلَى مَنْع مَا عَدَاهُ وَاتَّفَقَتْ الطُّرُق عَلَى أَنَّهُ بَادَرَ إِلَيْهَا.