المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (140)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (140)]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ح و حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظِبْيَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهَذَا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنْ السِّلَاحِ قَالَ أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ قَالَ فَقَالَ سَعْدٌ وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } فَقَالَ سَعْدٌ قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونُ فِتْنَةٌ
وَفِيهِ أُسَامَة بْن زَيْد رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ( قَالَ بَعَثَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّة فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَة فَأَدْرَكْت رَجُلًا فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فَطَعَنْته فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْته لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقَالَ : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَقَتَلْته ؟ قَالَ قُلْت : يَا رَسُول اللَّه إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنْ السِّلَاح قَالَ : أَفَلَا شَقَقْت عَنْ قَلْبه حَتَّى تَعْلَم قَالَهَا أَمْ لَا ؟ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْت أَنِّي أَسْلَمْت يَوْمئِذٍ قَالَ : فَقَالَ سَعْدٌ : وَأَنَا وَاَللَّه لَا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلهُ ذُو الْبُطَيْن يَعْنِي أُسَامَة قَالَ : قَالَ رَجُل : أَلَمْ يَقُلْ اللَّه تَعَالَى : { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } قَالَ سَعْد : قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَا تَكُون فِتْنَة وَأَنْتَ وَأَصْحَابك تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُون فِتْنَة وَفِي الطَّرِيق الْآخَر ( فَطَعَنْته بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْته فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي : يَا أُسَامَة قَتَلْته بَعْدَمَا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ؟ قُلْت : يَا رَسُول اللَّه إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. فَقَالَ : أَقَتَلْته بَعْدَمَا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ؟ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْت أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت قَبْل ذَلِكَ الْيَوْم ) وَفِي الطَّرِيق الْأُخْرَى ( أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا أُسَامَة فَسَأَلَهُ : لِمَ قَتَلْته ؟ إِلَى أَنْ قَالَ فَكَيْف تَصْنَع بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِذَا جَاءَتْ يَوْم الْقِيَامَة ؟ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه اِسْتَغْفِرْ لِي قَالَ : فَكَيْف تَصْنَع بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِذَا جَاءَتْ يَوْم الْقِيَامَة ؟ فَجَعَلَ لَا يَزِيد عَلَى أَنْ يَقُول : فَكَيْف تَصْنَع بِلَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِذَا جَاءَتْ يَوْم الْقِيَامَة ) ؟. وَأَمَّا قَوْله ( عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ) فَهُوَ بِفَتْحِ الظَّاء الْمُعْجَمَة وَكَسْرهَا ; فَأَهْل اللُّغَة يَفْتَحُونَهَا وَيُلَحِّنُونَ مَنْ يَكْسِرهَا , وَأَهْل الْحَدِيث يَكْسِرُونَهَا. وَكَذَلِكَ قَيَّدَهُ اِبْن مَاكُولَا وَغَيْره. وَاسْم أَبِي ظَبْيَانَ حَصِين بْن جُنْدُب بْن عَمْرو كُوفِيٌّ تُوُفِّيَ سَنَة تِسْعِينَ. وَأَمَّا ( الْحُرَقَاتُ ) فَبِضَمِّ الْحَاء الْمُهْمَلَةِ وَفَتْح الرَّاء وَبِالْقَافِ. وَأَمَّا ( الدَّوْرَقِيّ ) فَتَقَدَّمَ مَرَّات. وَكَذَلِكَ ( أَحْمَد بْن خِرَاش ) بِكَسْرِ الْخَاء الْمُعْجَمَة. وَقَوْله : ( فَقَالَ سَعْد وَأَنَا وَاَللَّه لَا أَقْتُل مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلهُ ذُو الْبُطَيْن يَعْنِي أُسَامَة ) أَمَّا ( سَعْد ) فَهُوَ اِبْن أَبِي وَقَّاص رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. وَأَمَّا ( ذُو الْبُطَيْن ) فَهُوَ بِضَمِّ الْبَاء تَصْغِير بَطْن. قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : قِيلَ لِأُسَامَة ذُو الْبُطَيْن لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ بَطْن عَظِيم. وَقَوْله : ( أَفَلَا شَقَقْت عَنْ قَلْبه حَتَّى تَعْلَم أَقَالَهَا أَمْ لَا ؟ ) الْفَاعِل فِي قَوْله أَقَالَهَا هُوَ الْقَلْب , وَمَعْنَاهُ أَنَّك إِنَّمَا كُلِّفْت بِالْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ وَمَا يَنْطِق بِهِ اللِّسَان , وَأَمَّا الْقَلْب فَلَيْسَ لَك طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَة مَا فِيهِ , فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ اِمْتِنَاعه مِنْ الْعَمَل بِمَا ظَهَرَ بِاللِّسَانِ. وَقَالَ : أَفَلَا شَقَقْت عَنْ قَلْبه لِتَنْظُر هَلْ قَالَهَا الْقَلْب وَاعْتَقَدَهَا وَكَانَتْ فِيهِ أَمْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ بَلْ جَرَتْ عَلَى اللِّسَان فَحَسْب يَعْنِي وَأَنْتَ لَسْت بِقَادِرٍ عَلَى هَذَا فَاقْتَصِرْ عَلَى اللِّسَان فَحَسْب , يَعْنِي وَلَا تَطْلُب غَيْره. وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفَلَا شَقَقْت عَنْ قَلْبه ) فِيهِ دَلِيل لِلْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَة فِي الْفِقْه وَالْأُصُول أَنَّ الْأَحْكَام يُعْمَل فِيهَا بِالظَّوَاهِرِ , وَاَللَّه يَتَوَلَّى السَّرَائِر. وَقَوْله ( حَتَّى تَمَنَّيْت أَنِّي أَسْلَمْت يَوْمئِذٍ ) مَعْنَاهُ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ إِسْلَامِي بَلْ اِبْتَدَأْت الْآنَ الْإِسْلَام لِيَمْحُوَ عَنِّي مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ هَذَا الْكَلَام مِنْ عِظَمِ مَا وَقَعَ فِيهِ.



