المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (142)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (142)]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ أَنَّ خَالِدًا الْأَثْبَجَ ابْنَ أَخِي صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ حَدَّثَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ بَعَثَ إِلَى عَسْعَسِ بْنِ سَلَامَةَ زَمَنَ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ اجْمَعْ لِي نَفَرًا مِنْ إِخْوَانِكَ حَتَّى أُحَدِّثَهُمْ فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَيْهِمْ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَ جُنْدَبٌ وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ أَصْفَرُ فَقَالَ تَحَدَّثُوا بِمَا كُنْتُمْ تَحَدَّثُونَ بِهِ حَتَّى دَارَ الْحَدِيثُ فَلَمَّا دَارَ الْحَدِيثُ إِلَيْهِ حَسَرَ الْبُرْنُسَ عَنْ رَأْسِهِ فَقَالَ إِنِّي أَتَيْتُكُمْ وَلَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَإِنَّهُمْ الْتَقَوْا فَكَانَ رَجُلٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِذَا شَاءَ أَنْ يَقْصِدَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَصَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ وَإِنَّ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَصَدَ غَفْلَتَهُ قَالَ وَكُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَلَمَّا رَفَعَ عَلَيْهِ السَّيْفَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَتَلَهُ فَجَاءَ الْبَشِيرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ كَيْفَ صَنَعَ فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لِمَ قَتَلْتَهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْجَعَ فِي الْمُسْلِمِينَ وَقَتَلَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَسَمَّى لَهُ نَفَرًا وَإِنِّي حَمَلْتُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى السَّيْفَ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَتَلْتَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي قَالَ وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ فَجَعَلَ لَا يَزِيدُهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَمَّا ( خَالِد الْأَثْبَج ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَبَعْدهَا ثَاء مُثَلَّثَة سَاكِنَةٌ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَة مَفْتُوحَة ثُمَّ جِيمٌ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَة الْأَثْبَج : هُوَ عَرِيض الثَّبَج بِفَتْحِ الثَّاء وَالْبَاء وَقِيلَ : نَاتِئ الثَّبَج. وَالثَّبَج مَا بَيْن الْكَاهِل وَالظَّهْر. وَأَمَّا ( صَفْوَان بْن مُحْرِز ) فَبِإِسْكَانِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَبِرَاءٍ ثُمَّ زَايٍ. وَأَمَّا ( جُنْدُب ) فَبِضَمِّ الدَّال. وَفَتْحهَا. وَأَمَّا ( عَسْعَسَ بْن سَلَامَة ) فَبِعَيْنَيْنِ وَسِينَيْنِ مُهْمَلَاتٍ وَالْعَيْنَانِ مَفْتُوحَتَانِ وَالسِّينُ بَيْنهمَا سَاكِنَة. قَالَ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ فِي ( الِاسْتِيعَاب ) : هُوَ بَصْرِيٌّ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ : إِنَّ حَدِيثه مُرْسَلٌ , وَإِنْ لَمْ يَسْمَع النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخه : حَدِيثه مُرْسَل. وَكَذَا ذَكَره اِبْن أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْره فِي التَّابِعِينَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْره. كُنْيَة ( عَسْعَسَ ) أَبُو صُفْرَة وَهُوَ تَمِيمِيٌّ بَصْرِيٌّ وَهُوَ مِنْ الْأَسْمَاء الْمُفْرَدَة لَا يُعْرَف لَهُ نَظِيرٌ. وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَوْله : ( حَسَرَ الْبُرْنُس عَنْ رَأْسِهِ فَقَالَ : إِنِّي أَتَيْتُكُمْ وَلَا أُرِيد أَنْ أُخْبِركُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا ). قَوْله : ( حَسَرَ ) أَيْ كَشَفَ , وَ ( الْبُرْنُس ) بِضَمِّ الْبَاء وَالنُّون قَالَ أَهْل اللُّغَة : هُوَ كُلّ ثَوْب رَأْسه مُلْتَصِق بِهِ , دُرَّاعَة كَانَتْ أَوَجُبَّة أَوْ غَيْرهمَا. وَأَمَّا قَوْله : ( أَتَيْتُكُمْ وَلَا أُرِيد أَنْ أُخْبِرَكُمْ ) فَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيع الْأُصُول وَفِيهِ إِشْكَال مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّل الْحَدِيث ( بَعَثَ إِلَى عَسْعَسَ فَقَالَ : اِجْمَعْ لِي نَفَرًا مِنْ إِخْوَانك حَتَّى أُحَدِّثهُمْ , ثُمَّ يَقُول بَعْده أَتَيْتُكُمْ وَلَا أُرِيد أَنْ أُخْبِرَكُمْ ) ; فَيَحْتَمِل هَذَا الْكَلَام وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا : أَنْ تَكُون ( لَا ) زَائِدَة كَمَا فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : { لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ } وَقَوْله تَعَالَى : { مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَسْجُدَ } وَالثَّانِي : أَنْ يَكُون عَلَى ظَاهِرِهِ أَتَيْتُكُمْ وَلَا أُرِيد أَنْ أُخْبِركُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بَلْ أَعِظكُمْ وَأُحَدِّثكُمْ بِكَلَامٍ مِنْ عِنْد نَفْسِي لَكِنِّي الْآن أَزِيدُكُمْ عَلَى مَا كُنْت نَوَيْته فَأُخْبِركُمْ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا , وَذَكَر الْحَدِيث. وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَوْله ( وَكُنَّا نُحَدَّث أَنَّهُ أُسَامَة ) هُوَ بِضَمِّ النُّون مِنْ نُحَدَّث وَفَتْح الدَّال. وَقَوْله ( فَلَمَّا رَجَعَ عَلَيْهِ السَّيْف ) كَذَا فِي بَعْض الْأُصُول الْمُعْتَمَدَة ( رَجَعَ ) بِالْجِيمِ وَفِي بَعْضهَا ( رَفَعَ ) بِالْفَاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالسَّيْف مَنْصُوب عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فَرَفَعَ لِتَعَدِّيهِ وَرَجَعَ بِمَعْنَاهُ فَإِنَّ رَجَعَ يُسْتَعْمَل لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا , وَالْمُرَاد هُنَا الْمُتَعَدِّي. وَمِنْهُ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ } وَقَوْله تَعَالَى : ( فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار ). وَاَللَّه أَعْلَم. وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ جُنْدُب بْن عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ جَمْع النَّفَر وَوَعْظهمْ فَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ وَالرَّجُل الْعَظِيمِ الْمُطَاعِ وَذِي الشُّهْرَةِ أَنْ يُسَكِّن النَّاسَ عِنْدَ الْفِتَنِ وَيَعِظَهُمْ وَيُوَضِّح لَهُمْ الدَّلَائِل. وَأَمَّا قَوْل أُسَامَة فِي الرِّوَايَة الْأُولَى : ( فَطَعَنْته فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ فَذَكَرْته لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) , وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي : يَا أُسَامَة أَقَتَلَتْهُ ؟ ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( فَجَاءَ الْبَشِير إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ خَبَر الرَّجُل , فَدَعَاهُ يَعْنِي أُسَامَة , فَسَأَلَهُ ) فَيُحْتَمَل أَنْ يُجْمَع بَيْنهَا بِأَنَّ أُسَامَة وَقَعَ فِي نَفْسه مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ بَعْد قَتْله , وَنَوَى أَنْ يَسْأَل عَنْهُ , فَجَاءَ الْبَشِير فَأَخْبَرَ بِهِ قَبْل مَقْدَم أُسَامَة , وَبَلَغَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا بَعْد قُدُومهمْ فَسَأَلَ أُسَامَة فَذَكَره وَلَيْسَ فِي قَوْله : ( فَذَكَرْته ) مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ اِبْتِدَاء قَبْل تَقَدُّم عِلْمِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ. وَاَللَّه أَعْلَم.



