المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (154)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (154)]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالُوا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا قَالَ أَبُو ذَرٍّ خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ
فِيهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثَة لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّه يَوْمَ الْقِيَامَة , وَلَا يَنْظُر إِلَيْهِمْ , وَلَا يُزَكِّيهِمْ , وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم. قَالَ : فَقَرَأَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاث مَرَّات : الْمُسْبِل وَالْمَنَّان وَالْمُنْفِق سِلْعَته بِالْحَلِفِ الْكَاذِب ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( الْمَنَّان الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ , وَالْمُسْبِل إِزَاره ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّاب , وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ مِنْ اِبْن السَّبِيل , وَرَجُل بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْد الْعَصْر فَحَلَفَ لَهُ بِاَللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْر ذَلِكَ , وَرَجُل بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ ). أَمَّا أَلْفَاظ أَسْمَاء الْبَاب فَفِيهِ ( عَلِيّ بْن مُدْرِك ) بِضَمِّ الْمِيم وَإِسْكَان الدَّال الْمُهْمَلَة وَكَسْر الرَّاءِ. وَفِيهِ ( خَرَشَة ) بِخَاءِ مُعْجَمَة ثُمَّ رَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ. وَفِيهِ ( أَبُو زُرْعَة ) وَهُوَ اِبْن عَمْرو بْن جَرِير , وَتَقَدَّمَ مَرَّات الْخِلَاف فِي اِسْمه , وَأَنَّ الْأَشْهَر فِيهِ هَرَم. وَأَمَّا أَلْفَاظ اللُّغَة وَنَحْوهَا فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّه وَلَا يَنْظُر إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ ) هُوَ عَلَى لَفْظِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. قِيلَ : مَعْنَى ( لَا يُكَلِّمهُمْ ) أَيْ لَا يُكَلِّمهُمْ تَكْلِيم أَهْل الْخَيْرَاتِ بِإِظْهَارِ الرِّضَا , بَلْ بِكَلَامِ أَهْل السُّخْط وَالْغَضَب , وَقِيلَ : الْمُرَاد الْإِعْرَاض عَنْهُمْ. وَقَالَ جُمْهُور الْمُفَسِّرِينَ : لَا يُكَلِّمهُمْ كَلَامًا يَنْفَعهُمْ وَيَسُرّهُمْ , وَقِيلَ : لَا يُرْسِل إِلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة بِالتَّحِيَّةِ. وَمَعْنَى ( لَا يَنْظُر إِلَيْهِمْ ) أَيْ : يُعْرِض عَنْهُمْ. وَنَظَرُهُ - سُبْحَانه وَتَعَالَى - لِعِبَادِهِ - رَحْمَته وَلُطْفه بِهِمْ. وَمَعْنَى ( لَا يُزَكِّيهِمْ ) لَا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَس ذُنُوبِهِمْ. وَقَالَ الزَّجَّاج وَغَيْره : مَعْنَاهُ لَا يُثْنِي عَلَيْهِمْ. وَمَعْنَى ( عَذَابٌ أَلِيمٌ ) مُؤْلِم. قَالَ الْوَاحِدِيُّ : هُوَ الْعَذَاب الَّذِي يَخْلُص إِلَى قُلُوبهمْ وَجَعُهُ. قَالَ : وَالْعَذَاب كُلُّ مَا يُعْيِي الْإِنْسَانَ وَيَشُقّ عَلَيْهِ. قَالَ وَأَصْل الْعَذَاب فِي كَلَام الْعَرَبِ مِنْ الْعَذْب وَهُوَ الْمَنْع. يُقَال : عَذَبْته عَذْبًا إِذَا مَنَعْته , وَعَذُبَ عُذُوبًا أَيْ اِمْتَنَعَ , وَسُمِّيَ الْمَاء عَذْبًا لِأَنَّهُ يَمْنَع الْعَطَش , فَسُمِّيَ الْعَذَاب عَذَابًا لِأَنَّهُ يَمْنَع الْمُعَاقَب مِنْ مُعَاوَدَة مِثْل جُرْمه , وَيَمْنَع غَيْره مِنْ مِثْل فِعْله. وَاَللَّه أَعْلَم.



