المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (164)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (164)]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا الزُّبَيْرِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُا إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِهِ قُرْحَةٌ فَلَمَّا آذَتْهُ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَكَأَهَا فَلَمْ يَرْقَأْ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ قَالَ رَبُّكُمْ قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ إِي وَاللَّهِ لَقَدْ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ جُنْدَبٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ حَدَّثَنَا جُنْدَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَمَا نَسِينَا وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدَبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِرَجُلٍ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خُرَاجٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَرَجَتْ بِرَجُلٍ قَرْحَة فَآذَتْهُ فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَته فَنَكَأَهَا , فَلَمْ يَرْقَأ الدَّم حَتَّى مَاتَ ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( خَرَجَ بِهِ خُرَّاج ) الْقَرْحَة بِفَتْحِ الْقَاف وَإِسْكَان الرَّاء وَهِيَ وَاحِدَة الْقُرُوح وَهِيَ حَبَّاتٌ تَخْرُجُ فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَالْكِنَانَةُ بِكَسْرِ الْكَاف وَهِيَ جَعْبَة النُّشَّاب مَفْتُوحَة الْجِيم سُمِّيَتْ كِنَانَة لِأَنَّهَا تَكِنُّ السِّهَام أَيْ تَسْتُرهَا. وَمَعْنَى ( نَكَأَهَا ) قَشَرَهَا وَخَرَقَهَا وَفَتَحَهَا وَهُوَ مَهْمُوز. وَمَعْنَى ( لَمْ يَرْقَأ الدَّم ) أَيْ لَمْ يَنْقَطِع وَهُوَ مَهْمُوز. يُقَال رَقَأَ الدَّم وَالدَّمْع يَرْقَأ رُقُوءًا مِثْل رَكَعَ يَرْكَع رُكُوعًا إِذَا سَكَنَ وَانْقَطَعَ. ( وَالْخُرَاج ) بِضَمِّ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَهُوَ الْقَرْحَة. قَوْله : ( فَمَا نَسِينَا وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُون كَذَبَ ) هُوَ نَوْع مِنْ تَأْكِيد الْكَلَام وَتَقْوِيَته فِي النَّفْس أَوْ الْإِعْلَام بِتَحْقِيقِهِ وَنَفْي تَطَرُّق الْخَلَل إِلَيْهِ. وَاَللَّه أَعْلَم. أَمَّا أَحْكَام : الْحَدِيث وَمَعَانِيهَا فَفِيهَا بَيَان غِلَظ تَحْرِيم قَتْل النَّفْس , وَالْيَمِين الْفَاجِرَة الَّتِي يَقْتَطِع بِهَا مَال غَيْره , وَالْحَلِف بِمِلَّةٍ غَيْر الْإِسْلَام كَقَوْلِهِ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ كَانَ كَذَا أَوْ وَاَللَّاتِي وَالْعُزَّى وَشِبْه ذَلِكَ. وَفِيهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا يَلْزَم بِهَذَا النَّذْر شَيْء. وَفِيهَا تَغْلِيظ تَحْرِيم لَعَنْ الْمُسْلِم وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ. قَالَ الْإِمَام أَبُو حَامِد الْغَزَالِيِّ وَغَيْره : لَا يَجُوز لَعْن أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا الدَّوَابِّ , وَلَا فَرْق بَيْن الْفَاسِق وَغَيْره , وَلَا يَجُوزُ لَعْن أَعْيَان الْكُفَّار حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا إِلَّا مَنْ عَلِمْنَا بِالنَّصِّ أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا كَأَبِي لَهَبٍ وَأَبِي جَهْل وَشِبْههمَا , وَيَجُوز لَعْن طَائِفَتِهِمْ كَقَوْلِك : لَعَنَ اللَّهُ الْكُفَّار , وَلَعَنَ اللَّه الْيَهُود وَالنَّصَارَى. وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلكُمْ خَرَجَتْ بِهِ قَرْحَة فَلَمَّا آذَتْهُ اِنْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَته فَنَكَأَهَا فَلَمْ يَرْقَأ الدَّم حَتَّى مَاتَ قَالَ رَبُّكُمْ قَدْ حَرَّمْت عَلَيْهِ الْجَنَّة ) فَقَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه فِيهِ : يُحْتَمَل أَنَّهُ كَانَ مُسْتَحِلًّا , أَوْ يُحْرَمهَا حِين يَدْخُلهَا السَّابِقُونَ وَالْأَبْرَار , أَوْ يُطِيل حِسَابه , أَوْ يُحْبَس فِي الْأَعْرَاف. هَذَا كَلَام الْقَاضِي قُلْت : وَيُحْتَمَل أَنَّ شَرْع أَهْل ذَلِكَ الْعَصْر تَكْفِير أَصْحَاب الْكَبَائِر ثُمَّ إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَكَأَهَا اِسْتِعْجَالًا لِلْمَوْتِ أَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى طَرِيق الْمُدَاوَاة الَّتِي يَغْلِب عَلَى الظَّنِّ نَفْعُهَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.



