المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (213)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (213)]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الْإِسْلَامَ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّ مِائَةٍ إِلَى السَّبْعِ مِائَةٍ قَالَ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلَوْا قَالَ فَابْتُلِيَنَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا
قَالَ مُسْلِم رَحِمَهُ اللَّه : ( حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة وَمُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر وَأَبُو كُرَيْبٍ وَاللَّفْظ لِأَبِي كُرَيْبٍ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ شَقِيق عَنْ حُذَيْفَة قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظ الْإِسْلَام فَقُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه أَتَخَافُ عَلَيْنَا نَحْنُ مَا بَيْن السِّتِّمِائَةِ إِلَى السَّبْعِمِائَةِ ؟ قَالَ : إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تَبْتَلُوا قَالَ : فَابْتُلِينَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُل مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا ) هَذَا الْإِسْنَاد كُلّه كُوفِيُّونَ. وَأَمَّا مَتْنه فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحْصُوا ) مَعْنَاهُ عُدُّوا. وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ ( اُكْتُبُوا ). وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَمْ يَلْفِظ الْإِسْلَام ) هُوَ بِفَتْحِ الْيَاء الْمُثَنَّاة مِنْ تَحْت وَالْإِسْلَام مَنْصُوب مَفْعُول يَلْفِظ بِإِسْقَاطِ حَرْف الْجَرّ أَيْ يَلْفِظ بِالْإِسْلَامِ وَمَعْنَاهُ كَمْ عَدَد مَنْ يَتَلَفَّظ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَام ؟ وَ ( كَمْ ) هُنَا اِسْتِفْهَامِيَّة وَمُفَسِّرهَا مَحْذُوف وَتَقْدِيره كَمْ شَخْصًا يَلْفِظ بِالْإِسْلَامِ ؟ وَفِي بَعْض الْأُصُول ( تَلَفَّظَ ) بِتَاءِ مُثَنَّاة مِنْ فَوْق وَفَتْح اللَّام وَالْفَاء الْمُشَدَّدَة. وَفِي بَعْض الرِّوَايَات لِلْبُخَارِيِّ وَغَيْره ( اُكْتُبُوا مَنْ يَلْفِظ بِالْإِسْلَامِ فَكَتَبْنَا ). وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ وَغَيْره ( أَحْصُوا لِي مَنْ كَانَ يَلْفِظ بِالْإِسْلَامِ ). وَفِي رِوَايَة أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ ( أَحْصُوا كُلّ مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ ). وَأَمَّا قَوْله ( وَنَحْنُ مَا بَيْن السِّتّمِائَةِ إِلَى السَّبْعمِائَةِ ) فَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِم وَهُوَ مُشْكِل مِنْ جِهَة الْعَرَبِيَّة وَلَهُ وَجْه وَهُوَ أَنْ يَكُون ( مِائَة ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَنْصُوبًا عَلَى التَّمْيِيز عَلَى قَوْل بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة , وَقِيلَ : إِنَّ ( مِائَة ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَجْرُورَة عَلَى أَنْ تَكُون الْأَلِف وَاللَّام زَائِدَتَيْنِ , فَلَا اِعْتِدَاد بِدُخُولِهِمَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَة غَيْر مُسْلِم ( سِتّمِائَةِ إِلَى سَبْعمِائَةِ ) وَهَذَا ظَاهِر لَا إِشْكَال فِيهِ مِنْ جِهَة الْعَرَبِيَّة , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ ( فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسمِائَةِ فَقُلْنَا تَخَاف وَنَحْنُ أَلْف وَخَمْسمِائَةِ ). وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ أَيْضًا ( فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسمِائَةِ ). وَقَدْ يُقَال : وَجْه الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْأَلْفَاظ أَنْ يَكُون قَوْلهمْ أَلْف وَخَمْسمِائَةِ الْمُرَاد بِهِ النِّسَاء وَالصِّبْيَان وَالرِّجَال , وَيَكُون قَوْلهمْ : سِتّمِائَةِ إِلَى سَبْعمِائَةِ الرِّجَال خَاصَّة , وَيَكُون خَمْسمِائَةِ الْمُرَاد بِهِ الْمُقَاتِلُونَ وَلَكِنَّ هَذَا الْجَوَاب بَاطِل بِرِوَايَةِ الْبُخَارِيّ فِي أَوَاخِر كِتَاب السِّيَر فِي بَاب كِتَابَة الْإِمَام النَّاس قَالَ فِيهَا : ( فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسمِائَةِ رَجُل ) وَالْجَوَاب الصَّحِيح إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى أَنْ يُقَال لَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ مَا بَيْن السِّتّمِائَةِ إِلَى السَّبْعمِائَةِ رِجَال الْمَدِينَة خَاصَّة , وَبِقَوْلِهِمْ فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسمِائَةِ هُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ حَوْلهمْ. وَأَمَّا قَوْله : ( اُبْتُلِينَا فَجَعَلَ الرَّجُل لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا ) فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي بَعْض الْفِتَن الَّتِي جَرَتْ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ بَعْضهمْ يُخْفِي نَفْسه وَيُصَلِّي سِرًّا مَخَافَة مِنْ الظُّهُور وَالْمُشَارَكَة فِي الدُّخُول فِي الْفِتْنَة وَالْحُرُوب. وَاَللَّه أَعْلَم.



