المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (215)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (215)]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ سَعْدٌ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا قَالَ فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مُسْلِمًا إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِمْ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ وَزَادَ فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ و حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ هَذَا فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ بَيْنَ عُنُقِي وَكَتِفِي ثُمَّ قَالَ أَقِتَالًا أَيْ سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ
وَقَوْله : ( أَعْطَى رَهْطًا ) أَيْ جَمَاعَة وَأَصْله الْجَمَاعَة دُون الْعَشَرَة. وَقَوْله : ( وَهُوَ أَعْجَبهُمْ إِلَيَّ ) أَيْ أَفْضَلهمْ وَأَصْلَحهمْ فِي اِعْتِقَادِي. وَقَوْله : ( إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَة مِنْ ( لَأَرَاهُ ) أَيْ لَأَعْلَمه وَلَا يَجُوز ضَمّهَا فَإِنَّهُ قَالَ : غَلَبَنِي مَا أَعْلَم مِنْهُ. وَلِأَنَّهُ رَاجَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاث مَرَّات وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَازِمًا بِاعْتِقَادِهِ لَمَا كَرَّرَ الْمُرَاجَعَة. وَقَوْله : ( عَنْ صَالِح عَنْ اِبْن شِهَاب قَالَ : حَدَّثَنِي عَامِر بْن سَعْد ) هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضهمْ عَنْ بَعْض وَهُوَ مِنْ رِوَايَة الْأَكَابِر عَنْ الْأَصَاغِر فَإِنَّ صَالِحًا أَكْبَر مِنْ الزُّهْرِيّ. وَأَمَّا فِقْهه وَمَعَانِيه فَفِيهِ الْفَرْق بَيْن الْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة خِلَاف وَكَلَام طَوِيل. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان هَذِهِ الْمَسْأَلَة وَإِيضَاح شَرْحهَا فِي أَوَّل كِتَاب الْإِيمَان. وَفِيهِ دَلَالَة لِمَذْهَبِ أَهْل الْحَقّ فِي قَوْلهمْ : إِنَّ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ لَا يَنْفَع إِلَّا إِذَا اِقْتَرَنَ بِهِ الِاعْتِقَاد بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِلْكَرَّامِيَّةِ وَغُلَاة الْمُرْجِئَة فِي قَوْلهمْ : يَكْفِي الْإِقْرَار. وَهَذَا خَطَأ ظَاهِر يَرُدّهُ إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ وَالنُّصُوص فِي إِكْفَار الْمُنَافِقِينَ , وَهَذِهِ صِفَتهمْ. وَفِيهِ الشَّفَاعَة إِلَى وُلَاة الْأُمُور فِيمَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ. وَفِيهِ مُرَاجَعَة الْمَسْئُول فِي الْأَمْر الْوَاحِد. وَفِيهِ تَنْبِيه الْمَفْضُول الْفَاضِل عَلَى مَا يَرَاهُ مَصْلَحَة. وَفِيهِ أَنَّ الْفَاضِل لَا يَقْبَل مَا يُشَار عَلَيْهِ بِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَتَأَمَّلهُ فَإِنْ لَمْ تَظْهَر مَصْلَحَته لَمْ يَعْمَل بِهِ. وَفِيهِ الْأَمْر بِالتَّثْبِيتِ وَتَرْك الْقَطْع بِمَا لَا يُعْلَم الْقَطْع فِيهِ. وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَام يَصْرِف الْمَال فِي مَصَالِح الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمّ فَالْأَهَمّ. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْطَع لِأَحَدٍ بِالْجَنَّةِ عَلَى التَّعْيِين إِلَّا مَنْ ثَبَتَ فِيهِ نَصّ كَالْعَشَرَةِ وَأَشْبَاههمْ وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ عِنْد أَهْل السُّنَّة. وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْ مُسْلِمًا ) فَلَيْسَ فِيهِ إِنْكَار كَوْنه مُؤْمِنًا بَلْ مَعْنَاهُ النَّهْي عَنْ الْقَطْع بِالْإِيمَانِ , وَأَنَّ لَفْظَة ( الْإِسْلَام ) أَوْلَى بِهِ , فَإِنَّ الْإِسْلَام مَعْلُوم بِحُكْمِ الظَّاهِر , وَأَمَّا الْإِيمَان فَبَاطِن لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه تَعَالَى. وَقَدْ زَعَمَ صَاحِب التَّحْرِير أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَنَّ الرَّجُل لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ , بَلْ فِيهِ إِشَارَة إِلَى إِيمَانه فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فِي جَوَاب سَعْد : "" إِنِّي لَأُعْطِيَ الرَّجُل وَغَيْره أَحَبّ إِلَيَّ مِنْهُ "" مَعْنَاهُ أُعْطِي مَنْ أَخَاف عَلَيْهِ لِضَعْفِ إِيمَانه أَنْ يَكْفُر , وَأَدَع غَيْره مِمَّنْ هُوَ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْهُ لِمَا أَعْلَمهُ مِنْ طُمَأْنِينَة قَلْبه وَصَلَابَة إِيمَانه.



