المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (236)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (236)]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لَأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ يَعْنِي ظِئْرَهُ فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ قَالَ أَنَسٌ وَقَدْ كُنْتُ أَرْئِي أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ نَحْوَ حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَقَدَّمَ فِيهِ شَيْئًا وَأَخَّرَ وَزَادَ وَنَقَصَ
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْت مِنْ ذَهَب بِمَاءِ زَمْزَم ثُمَّ لَأَمَهُ ) أَمَّا ( الطَّسْت ) فَبِفَتْحِ الطَّاء لُغَة وَإِسْكَان السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهِيَ إِنَاء مَعْرُوف وَهِيَ مُؤَنَّثَة قَالَ : وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض كَسْر الطَّاء لُغَة وَالْمَشْهُور الْفَتْح كَمَا ذَكَرْنَا وَيُقَال فِيهَا : ( طَسّ ) بِتَشْدِيدِ السِّين وَحَذْف التَّاء , وَ ( طَسَّة ) أَيْضًا وَجَمْعهَا طِسَاس وَطُسُوس وَطِسَّات. وَأَمَّا ( لَأَمَهُ ) فَبِفَتْحِ اللَّام وَبَعْدَهَا هَمْزَة عَلَى وَزْن ضَرَبَهُ وَفِيهِ لُغَة أُخْرَى ( لَاءَمَهُ ) بِالْمَدِّ عَلَى وَزْن ( آذَنَهُ ) وَمَعْنَاهُ جَمَعَهُ وَضَمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُوهِم جَوَاز اِسْتِعْمَال إِنَاء الذَّهَب لَنَا فَإِنَّ هَذَا فِعْل الْمَلَائِكَة وَاسْتِعْمَالهمْ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُون حُكْمهمْ حُكْمنَا , وَلِأَنَّهُ كَانَ أَوَّل الْأَمْر قَبْلَ تَحْرِيم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَانِي الذَّهَب وَالْفِضَّة. قَوْله : ( يَعْنِي ظِئْره ) هِيَ بِكَسْرِ الظَّاء الْمُعْجَمَة بَعْدهَا هَمْزَة سَاكِنَة وَهِيَ الْمُرْضِعَة وَيُقَال أَيْضًا لِزَوْجِ الْمُرْضِعَة ظِئْر. قَوْله : ( فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقَع اللَّوْن ) هُوَ بِالْقَافِ الْمَفْتُوحَة أَيْ مُتَغَيِّر اللَّوْن قَالَ أَهْل اللُّغَة : اِمْتَقَعَ لَوْنه فَهُوَ مُمْتَقِع وَانْتَقَعَ فَهُوَ مُنْتَقِع اِبْتَقَعَ بِالْبَاءِ فَهُوَ مُبْتَقِع فِيهِ ثَلَاث لُغَات وَالْقَاف مَفْتُوحَة فِيهِنَّ. قَالَ الْجَوْهَرِيّ وَغَيْره : وَالْمِيم أَفْصَحُهُنَّ. وَنَقَلَ الْجَوْهَرِيّ اللُّغَات الثَّلَاث عَنْ الْكِسَائِيّ قَالَ : وَمَعْنَاهُ تَغَيَّرَ مِنْ حُزْن أَوْ فَزَع. وَقَالَ الْمَازِنِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ فِي تَفْسِير هَذَا الْحَدِيث : يُقَال : اِنْتَقَعَ لَوْنه وابْتَقَع وَامْتَقَعَ وَاسْتَقَع وَالْتَمَى وَانْتَسَفَ وَانْتَشَفَ بِالسِّينِ وَالشِّين وَالْتَمَعَ وَالْتَمَغَ بِالْعَيْنِ وَالْغَيْن وَابْتَسَرَ وَالْتَهَمَ. قَوْله : ( كُنْت أَرَى أَثَر الْمِخْيَط فِي صَدْره ) هُوَ بِكَسْرِ الْمِيم وَإِسْكَان الْخَاء وَفَتْح الْيَاء وَهِيَ الْإِبْرَة وَفِي هَذَا دَلِيل عَلَى جَوَاز نَظَر الرَّجُل إِلَى صَدْر الرَّجُل وَلَا خِلَاف فِي جَوَازه وَكَذَا يَجُوز أَنْ يَنْظُر إِلَى مَا فَوْقَ سُرَّته وَتَحْت رُكْبَته إِلَّا أَنْ يَنْظُر بِشَهْوَةٍ فَإِنَّهُ يَحْرُم النَّظَر بِشَهْوَةٍ إِلَى كُلّ آدَمِيّ إِلَّا الزَّوْج لِزَوْجَتِهِ وَمَمْلُوكَته وَكَذَا هُمَا إِلَيْهِ , وَإِلَّا أَنْ يَكُون الْمَنْظُور إِلَيْهِ أَمْرَد حَسَن الصُّورَة فَإِنَّهُ يَحْرُم النَّظَر إِلَيْهِ إِلَى وَجْهه وَسَائِر بَدَنه سَوَاء كَانَ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا إِلَّا أَنْ يَكُون لِحَاجَةِ الْبَيْع وَالشِّرَاء وَالتَّطَبُّب وَالتَّعْلِيم وَنَحْوهَا. وَاَللَّه أَعْلَم. وَأَمَّا قَوْله فِي رِوَايَة شَرِيك : ( وَهُوَ نَائِم ) , وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( بَيْنَا أَنَا عِنْد الْبَيْت بَيْن النَّائِم وَالْيَقْظَان ) , فَقَدْ يَحْتَجّ بِهِ مَنْ يَجْعَلهَا رُؤْيَا نَوْم وَلَا حُجَّة فِيهِ إِذْ قَدْ يَكُون ذَلِكَ حَالَة أَوَّل وُصُول الْمَلَك إِلَيْهِ , وَلَيْسَ فِي الْحَدِيث مَا يَدُلّ عَلَى كَوْنه نَائِمًا فِي الْقِصَّة كُلّهَا. هَذَا كَلَام الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي رِوَايَة شَرِيك. وَأَنَّ أَهْل الْعِلْم أَنْكَرُوهَا قَدْ قَالَهُ غَيْره. وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه رِوَايَة شَرِيك هَذِهِ عَنْ أَنَس فِي كِتَاب التَّوْحِيد مِنْ صَحِيحه , وَأَتَى بِالْحَدِيثِ مُطَوَّلًا. قَالَ الْحَافِظ عَبْد الْحَقّ رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَابه الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ بَعْد ذِكْر هَذِهِ الرِّوَايَة : هَذَا الْحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ مِنْ رِوَايَة شَرِيك بْن أَبِي نَمِر عَنْ أَنَس , وَقَدْ زَادَ فِيهِ زِيَادَة مَجْهُولَة وَأَتَى فِيهِ بِأَلْفَاظٍ غَيْر مَعْرُوفَة. وَقَدْ رَوَى حَدِيث الْإِسْرَاء جَمَاعَة مِنْ الْحُفَّاظ الْمُتْقِنِينَ وَالْأَئِمَّة الْمَشْهُورِينَ كَابْنِ شِهَاب وَثَابِت الْبُنَانِيّ وَقَتَادَةَ يَعْنِي عَنْ أَنَس فَلَمْ يَأْتِ أَحَد مِنْهُمْ بِمَا أَتَى بِهِ شَرِيك. وَشَرِيك لَيْسَ بِالْحَافِظِ عِنْد أَهْل الْحَدِيث. قَالَ : وَالْأَحَادِيث الَّتِي تَقَدَّمَتْ قَبْل هَذَا هِيَ الْمُعَوَّل عَلَيْهَا. هَذَا كَلَام الْحَافِظ عَبْد الْحَقّ رَحِمَهُ اللَّه.



