المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (238)]
(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (238)]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَعَلَّهُ قَالَ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأُتِيتُ فَانْطُلِقَ بِي فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَشُرِحَ صَدْرِي إِلَى كَذَا وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ فَقُلْتُ لِلَّذِي مَعِي مَا يَعْنِي قَالَ إِلَى أَسْفَلِ بَطْنِهِ فَاسْتُخْرِجَ قَلْبِي فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ أُعِيدَ مَكَانَهُ ثُمَّ حُشِيَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ الْبُرَاقُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفَتَحَ لَنَا وَقَالَ مَرْحَبًا بِهِ وَلَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ قَالَ فَأَتَيْنَا عَلَى آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَقِيَ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ عِيسَى وَيَحْيَى عَلَيْهَا السَّلَام وَفِي الثَّالِثَةِ يُوسُفَ وَفِي الرَّابِعَةِ إِدْرِيسَ وَفِي الْخَامِسَةِ هَارُونَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ قَالَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ بَكَى فَنُودِيَ مَا يُبْكِيكَ قَالَ رَبِّ هَذَا غُلَامٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي قَالَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ وَحَدَّثَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ قَالَ أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَقُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا قَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا خَمْرٌ وَالْآخَرُ لَبَنٌ فَعُرِضَا عَلَيَّ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ فَقِيلَ أَصَبْتَ أَصَابَ اللَّهُ بِكَ أُمَّتُكَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسُونَ صَلَاةً ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّتَهَا إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَزَادَ فِيهِ فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَشُقَّ مِنْ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ الْبَطْنِ فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا
وَقَوْله : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ عَنْ سَعِيد عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَس بْن مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَعَلَّهُ قَالَ عَنْ مَالِك بْن صَعْصَعَة ) قَالَ أَبُو عَلِيّ الْغَسَّانِيّ هَكَذَا هُوَ هَذَا الْحَدِيث فِي رِوَايَة اِبْن مَاهَانَ وَأَبِي الْعَبَّاس الرَّازِيِّ عَنْ أَبِي أَحْمَد الْجُلُودِيّ وَعِنْد غَيْره عَنْ أَبِي أَحْمَد عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَس اِبْن مَالِك عَنْ مَالِك بْن صَعْصَعَة بِغَيْرِ شَكٍّ قَالَ أَبُو الْحَسَن الدَّارَقُطْنِيُّ : لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَنَس بْن مَالِك عَنْ مَالِك بْن صَعْصَعَة غَيْر قَتَادَةَ. وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام : ( فَلَمَّا جَاوَزْته بَكَى فَنُودِيَ مَا يُبْكِيك قَالَ رَبّ : هَذَا غُلَام بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُل مِنْ أُمَّته الْجَنَّة أَكْثَر مِمَّا يَدْخُل مِنْ أُمَّتِي ) مَعْنَى هَذَا وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَزِنَ عَلَى قَوْمه لِقِلَّةِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ مَعَ كَثْرَة عَدَدهمْ فَكَانَ بُكَاؤُهُ حُزْنًا عَلَيْهِمْ وَغِبْطَة لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَثْرَة أَتْبَاعه وَالْغِبْطَة فِي الْخَيْر مَحْبُوبَة. وَمَعْنَى الْغِبْطَة أَنَّهُ وَدَّ أَنْ يَكُون مِنْ أُمَّته الْمُؤْمِنِينَ مِثْل هَذِهِ الْأُمَّة لَا أَنَّهُ وَدَّ أَنْ يَكُونُوا أَتْبَاعًا لَهُ وَلَيْسَ لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلهمْ. وَالْمَقْصُود أَنَّهُ إِنَّمَا بَكَى حُزْنًا عَلَى قَوْمه وَعَلَى فَوَات الْفَضْل الْعَظِيم وَالثَّوَاب الْجَزِيل بِتَخَلُّفِهِمْ عَنْ الطَّاعَة فَإِنَّ مَنْ دَعَا إِلَى خَيْر وَعَمِلَ النَّاس بِهِ كَانَ لَهُ مِثْل أُجُورهمْ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة , وَمِثْل هَذَا يُبْكَى عَلَيْهِ , وَيُحْزَن عَلَى فَوَاته. وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله ( وَحَدَّثَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَة أَنْهَار يَخْرُج مِنْ أَصْلهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ وَنَهْرَان بَاطِنَانِ فَقُلْت يَا جِبْرِيل مَا هَذِهِ الْأَنْهَار ؟ قَالَ : أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّة وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيل وَالْفُرَات ) هَكَذَا هُوَ فِي أُصُول صَحِيح مُسْلِم يَخْرُج مِنْ أَصْلهَا وَالْمُرَاد مِنْ أَصْل سِدْرَة الْمُنْتَهَى كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ وَغَيْره قَالَ مُقَاتِل : الْبَاطِنَانِ هُمَا السَّلْسَبِيل وَالْكَوْثَر. قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : هَذَا الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى أَنَّ أَصْل سِدْرَة الْمُنْتَهَى فِي الْأَرْض لِخُرُوجِ النِّيل وَالْفُرَات مِنْ أَصْلهَا. قُلْت : هَذَا الَّذِي قَالَهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَنْهَار تَخْرُج مِنْ أَصْلهَا ثُمَّ تَسِير حَيْثُ أَرَادَ اللَّه تَعَالَى حَتَّى تَخْرُج مِنْ الْأَرْض وَتَسِير فِيهَا وَهَذَا لَا يَمْنَعهُ عَقْل وَلَا شَرْع وَهُوَ ظَاهِر الْحَدِيث فَوَجَبَ الْمَصِير إِلَيْهِ. وَاَللَّه أَعْلَم. وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُرَات بِالتَّاءِ الْمَمْدُودَة فِي الْخَطّ فِي حَالَتِي الْوَصْل وَالْوَقْف وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مَشْهُورًا فَنَبَّهْت عَلَيْهِ لِكَوْنِ كَثِير مِنْ النَّاس يَقُولُونَهُ بِالْهَاءِ وَهُوَ خَطَأ. وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله : ( هَذَا الْبَيْت الْمَعْمُور يَدْخُلهُ كُلّ يَوْم سَبْعُونَ أَلْف مَلَك إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِر مَا عَلَيْهِمْ ) قَالَ صَاحِب ( مَطَالِع الْأَنْوَار ) رَوَيْنَاهُ ( آخِر مَا عَلَيْهِمْ ) بِرَفْعِ الرَّاء وَنَصْبهَا فَالنَّصْب عَلَى الظَّرْف وَالرَّفْع عَلَى تَقْدِير ذَلِكَ آخِر مَا عَلَيْهِمْ مِنْ دُخُوله. قَالَ : وَالرَّفْع أَوْجَه وَفِي هَذَا أَعْظَم دَلِيل عَلَى كَثْرَة الْمَلَائِكَة صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ. وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُتِيت بِإِنَاءَيْنِ أَحَدهمَا خَمْر وَالْآخَر لَبَن فَعُرِضَا عَلَيَّ فَاخْتَرْت اللَّبَن فَقِيلَ : أَصَبْت أَصَابَ اللَّه بِك أُمَّتك عَلَى الْفِطْرَة ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّل الْبَاب الْكَلَام فِي هَذَا الْفَصْل وَاَلَّذِي يُزَاد هُنَا مَعْنَى أَصَبْت أَيْ أَصَبْت الْفِطْرَة كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدِّمَة وَتَقَدَّمَ بَيَان الْفِطْرَة وَمَعْنَى ( أَصَابَ اللَّه بِك ) أَيْ أَرَادَ بِك الْفِطْرَة وَالْخَيْر وَالْفَضْل وَقَدْ جَاءَ ( أَصَابَ ) بِمَعْنَى أَرَادَ قَالَ اللَّه تَعَالَى : { فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيح تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ } أَيْ حَيْثُ أَرَادَ اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْل اللُّغَة كَذَا نَقَل الْوَاحِدِيّ اِتِّفَاق أَهْل اللُّغَة عَلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْله ( أُمَّتك عَلَى الْفِطْرَة ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أَتْبَاع لَك وَقَدْ أَصَبْت الْفِطْرَة فَهُمْ يَكُونُونَ عَلَيْهَا وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَشُقَّ مِنْ النَّحْر إِلَى مَرَاقّ الْبَطْن ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيم وَتَشْدِيد الْقَاف وَهُوَ مَا سَفَلَ مِنْ الْبَطْن وَرَقَّ مِنْ جِلْده قَالَ الْجَوْهَرِيّ : لَا وَاحِد لَهَا. قَالَ صَاحِب الْمَطَالِع : وَاحِدهَا مَرَق.



