موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (93)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (93)]

‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبِي ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ بُرَيْدَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏أَبَا الْأَسْوَدِ ‏ ‏حَدَّثَهُ عَنْ ‏ ‏أَبِي ذَرٍّ ‏ ‏أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَقُولُ ‏ ‏لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ وَمَنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ ‏


وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فِيمَنْ اِدَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ غَيْر أَبِيهِ , كَفَرَ ) , فَقِيلَ : فِيهِ تَأْوِيلَانِ : ‏ ‏أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فِي حَقّ الْمُسْتَحِلِّ. وَالثَّانِي : أَنَّهُ كُفْر النِّعْمَة وَالْإِحْسَان وَحَقّ اللَّه تَعَالَى , وَحَقّ أَبِيهِ , وَلَيْسَ الْمُرَاد الْكُفْر الَّذِي يُخْرِجهُ مِنْ مِلَّة الْإِسْلَام. وَهَذَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَكْفُرْنَ ) , ثُمَّ فَسَّرَهُ بِكُفْرَانِهِنَّ الْإِحْسَان وَكُفْرَانِ الْعَشِير. وَمَعْنَى اِدَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ أَيْ اِنْتَسَبَ إِلَيْهِ , وَاِتَّخَذَهُ أَبًا. ‏ ‏وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَهُوَ يَعْلَم ) ‏ ‏تَقْيِيد لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ الْإِثْم إِنَّمَا يَكُون فِي حَقّ الْعَالِم بِالشَّيْءِ. ‏ ‏وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ اِدَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ) ‏ ‏فَقَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى هَدْيِنَا وَجَمِيلِ طَرِيقَتِنَا ; كَمَا يَقُول الرَّجُل لِابْنِهِ لَسْت مِنِّي ‏ ‏وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار ) ‏ ‏قَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّل الْمُقَدِّمَة بَيَانه وَأَنَّ مَعْنَاهُ فَلْيَنْزِلْ مَنْزِلَهُ مِنْهَا , أَوْ فَلْيَتَّخِذْ مَنْزِلًا بِهَا , وَأَنَّهُ دُعَاء أَوْ خَبَرٌ بِلَفْظِ الْأَمْر , وَهُوَ أَظْهَر الْقَوْلَيْنِ وَمَعْنَاهُ : هَذَا جَزَاؤُهُ فَقَدْ يُجَازَى , وَقَدْ يُعْفَى عَنْهُ , وَقَدْ يُوَفَّق لِلتَّوْبَةِ فَيَسْقُط عَنْهُ ذَلِكَ. وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَحْرِيم دَعْوَى مَا لَيْسَ لَهُ فِي كُلّ شَيْء سَوَاء تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا. وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا حَكَمَ لَهُ بِهِ الْحَاكِم إِذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ. وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم. ‏ ‏وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ , أَوْ قَالَ : عَدُوّ اللَّه , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ ) ‏ ‏فَهَذَا الِاسْتِثْنَاء قِيلَ إِنَّهُ وَاقِع عَلَى الْمَعْنَى. وَتَقْرِيرُهُ مَا يَدْعُوهُ أَحَد إِلَّا حَارَ عَلَيْهِ , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون مَعْطُوفًا عَلَى الْأَوَّل وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ مِنْ رَجُل ) فَيَكُون الِاسْتِثْنَاء جَارِيًا عَلَى اللَّفْظ. وَضَبَطْنَا ( عَدُوّ اللَّه ) عَلَى وَجْهَيْنِ : الرَّفْع وَالنَّصْب. وَالنَّصْب أَرْجَحُ عَلَى النِّدَاء أَيْ يَا عَدُوّ اللَّه وَالرَّفْع عَلَى أَنَّهُ خَبَر مُبْتَدَأ أَيْ هُوَ عَدُوّ اللَّه كَمَا تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى قَالَ لِأَخِيهِ : ( كَافِر ) فَإِنَّا ضَبَطْنَاهُ ( كَافِرٌ ) بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِين عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوف. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏ ‏وَأَمَّا أَسَانِيد الْبَاب فَفِيهِ : ( اِبْن بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر عَنْ أَبِي الْأَسْوَد عَنْ أَبِي ذَرّ ). ‏ ‏فَأَمَّا ( اِبْن بُرَيْدَةَ ) ‏ ‏فَهُوَ عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ بْن الْحَصِيبِ الْأَسْلَمِيّ وَلَيْسَ هُوَ سُلَيْمَان بْن بُرَيْدَةَ أَخَاهُ. وَهُوَ وَأَخُوهُ سُلَيْمَان ثِقَتَانِ سَيِّدَانِ تَابِعِيَّانِ جَلِيلَانِ وُلِدَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فِي عَهْد عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. ‏ ‏وَأَمَّا ( يَعْمُر ) ‏ ‏فَبِفَتْحِ الْيَاء وَفَتْح الْمِيم وَضَمِّهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بُرَيْدَةَ وَيَحْيَى بْن يَعْمُر فِي أَوَّل إِسْنَادٍ فِي كِتَاب الْإِيمَان. ‏ ‏وَأَمَّا ( أَبُو الْأَسْوَد ) ‏ ‏فَهُوَ الدُّؤَلِيُّ وَاسْمه ظَالِم بْن عَمْرو , وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور , وَقِيلَ : اِسْمه عَمْرو بْن ظَالِم , وَقِيلَ : عُثْمَان بْن عَمْرو , وَقِيلَ : عَمْرو بْن سُفْيَان , وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ : اِسْمه عُوَيْمِرُ بْن ظُوَيْلِمٍ , وَهُوَ بَصْرِيٌّ قَاضِيهَا , وَكَانَ مِنْ عُقَلَاء الرِّجَال , وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ النَّحْو , تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ. ‏ ‏وَقَدْ اِجْتَمَعَ فِي هَذَا الْإِسْنَاد ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ جِلَّةٌ بَعْضهمْ عَنْ بَعْض : اِبْن بُرَيْدَةَ وَيَحْيَى , وَأَبُو الْأَسْوَد. ‏ ‏وَأَمَّا أَبُو ذَرّ ‏ ‏رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَالْمَشْهُور فِي اِسْمه جُنْدُب بْن جُنَادَةَ , وَقِيلَ : اِسْمه بُرَيْرٌ بِضَمِّ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَبِالرَّاءِ الْمُكَرَّرَة , وَاسْم أُمِّهِ رَمْلَة بِنْتُ الْوَقِيعَة كَانَ رَابِع أَرْبَعَةٍ فِي الْإِسْلَام , وَقِيلَ خَامِس خَمْسَة , مَنَاقِبُهُ مَشْهُورَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!