المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (سنن النسائي) - [الحديث رقم: (1)]
(سنن النسائي) - [الحديث رقم: (1)]
 أَخْبَرَنَا  قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ  قَالَ حَدَّثَنَا  سُفْيَانُ  عَنْ  الزُّهْرِيِّ  عَنْ  أَبِي سَلَمَةَ  عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ النَّبِيَّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ  إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ 
 قَوْله ( وَإِذَا اِسْتَيْقَظَ أَحَدكُمْ مِنْ نَوْمه )  الظَّاهِر أَنَّ الْمَقْصُود إِذَا شَكَّ أَحَدكُمْ فِي يَدَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاء كَانَ لِأَجْلِ الِاسْتِيقَاظ مِنْ النَّوْم أَوْ لِأَمْرٍ آخَر إِلَّا أَنَّهُ فَرَضَ الْكَلَام فِي جُزْئِيّ وَاقِع بَيْنهمْ عَلَى كَثْرَة لِيَكُونَ بَيَان الْحُكْم فِيهِ بَيَانًا فِي الْكُلِّيّ بِدَلَالَةِ الْعَقْل فَفِيهِ إِحَالَة لِلْأَحْكَامِ إِلَى الِاسْتِنْبَاط وَنَوْطه بِالْعِلَلِ فَقَالُوا فِي بَيَان سَبَب الْحَدِيث أَنَّ أَهْل الْحِجَاز كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْحِجَارَةِ وَبِلَادهمْ حَارَّة فَإِذَا نَامَ أَحَدهمْ عَرِقَ فَلَا يَأْمَن حَالَة النَّوْم أَنْ تَطُوف يَده عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِع النَّجِس فَنَهَاهُمْ عَنْ إِدْخَال يَده فِي الْمَاء  ( فَلَا يَغْمِس )  بِالتَّخْفِيفِ مِنْ بَاب ضَرَبَ هُوَ الْمَشْهُور وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون بِالتَّشْدِيدِ مِنْ بَاب التَّفْعِيل أَيّ فَلَا يُدَخِّل  ( فِي وُضُوئِهِ )  بِفَتْحِ الْوَاو أَيْ الْمَاء الْمُعَدّ لِلْوُضُوءِ وَفِي رِوَايَة فِي الْإِنَاء أَيْ الظَّرْف الَّذِي فِيهِ الْمَاء أَوْ غَيْره مِنْ الْمَائِعَات قَالُوا هُوَ نَهْي أَدَب وَتَرْكه إِسَاءَة وَلَا يَفْسُد الْمَاء وَجَعَلَهُ أَحْمَد لِلتَّحْرِيمِ. و  قَوْله ( حَتَّى يَغْسِلهَا )  أَيْ نَدْبًا بِشَهَادَةِ التَّعْلِيل بِقَوْلِهِ  ( لِأَنَّ أَحَدكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَده )  لِأَنَّ غَايَته الشَّكّ فِي نَجَاسَة الْيَدَيْنِ وَالْوُجُوب لَا يَبْنِي عَلَى الشَّكّ وَعِنْد أَحْمَد وُجُوبًا وَلَا يَبْعُد مِنْ الشَّارِع الْإِيجَاب لِرَفْعِ الشَّكّ وَفِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى أَنَّ الْإِنْسَان يَنْبَغِي لَهُ الِاحْتِيَاط فِي مَاء الْوُضُوء وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَاء الْقَلِيل يَتَنَجَّس بِوُقُوعِ النَّجَاسَة وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّر أَحَد أَوْصَافه وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَكُون النَّهْي لِاحْتِمَالِ الْكَرَاهَة لَا لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَة وَيَجُوز أَنْ يُقَال الْوُضُوء بِمَا وَقَعَ فِيهِ النَّجَاسَة مَكْرُوه فَجَاءَ النَّهْي عِنْد الشَّكّ فِي النَّجَاسَة تَحَرُّزًا عَنْ الْوُقُوع فِي هَذِهِ الْكَرَاهَة عَلَى تَقْدِير النَّجَاسَة وَأَيْضًا يُمْكِن أَنْ يَكُون النَّهْي بِنَاء عَلَى اِحْتِمَال أَنْ يَتَغَيَّر الْمَاء بِمَا عَلَى الْيَد مِنْ النَّجَاسَة فَيَتَنَجَّس فَمِنْ أَيْنَ عُلِمَ أَنَّهُ يَتَنَجَّس الْمَاء بِوُقُوعِ النَّجَاسَة مُطْلَقًا وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم. وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا الْحَدِيث أَنَّ النَّجَاسَة الْغَيْر الْمَرْئِيَّة يُغْسَل مَحَلّهَا لِإِزَالَتِهَا ثَلَاث مَرَّات إِذْ مَا شُرِعَ ثَلَاث مَرَّات عِنْد تَوَهُّمهَا إِلَّا لِأَجْلِ إِزَالَتهَا فَعُلِمَ أَنَّ إِزَالَتهَا تَتَوَقَّف عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَكُون بِمَرَّةٍ وَاحِدَة إِذْ يَبْعُد أَنَّ إِزَالَتهَا عِنْد تَحَقُّقهَا بِمَرَّةٍ وَيُشْرَع عِنْد تَوَهُّمهَا ثَلَاث مَرَّات لِإِزَالَتِهَا وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم. 




 
  
  
  
 