المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (540)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (540)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ خُذْ مِنْ خَيْلِنَا وَرَقِيقِنَا صَدَقَةً فَأَبَى ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَبَى عُمَرُ ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضًا فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ إِنْ أَحَبُّوا فَخُذْهَا مِنْهُمْ وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ وَارْزُقْ رَقِيقَهُمْ قَالَ مَالِك مَعْنَى قَوْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ يَقُولُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ
( ش ) : قَوْلُهُ فَأَبَى عَلَيْهِمْ أَيْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُدَّةَ صُحْبَتِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لَمْ يَرَهُ أَخَذَ مِنْ الْخَيْلِ وَلَا مِنْ الرَّقِيقِ شَيْئًا ; وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ سَائِرِ الْمَوَاشِي وَلَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَأْخُذُ مِنْ الْخَيْلِ شَيْئًا لَمَا خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ , وَمِثْلُهُ مِمَّنْ كَانَ يُلَازِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كَمَا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَخْذُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَاشِيَةِ , ثُمَّ كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ هَذَا وَعُمَرُ مِمَّنْ كَانَ يُخْرِجُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَخَذَ مِنْ الْخَيْلِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ لَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِأَخْذِهِ كَمَا أَمَرَهُ بِالْأَخْذِ مِنْ سَائِرِ الْمَوَاشِي ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضًا يُرِيدُ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ أَلَحُّوا فِي ذَلِكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَكَلَّمُوهُ بَعْدَ أَنْ أَبَى عَلَيْهِمْ وَبَعْدَ أَنْ أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بِمُعَاوَدَتِهِمْ الْقَوْلَ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَيْهِ خُذْ مِنْهُمْ إِنْ أَحَبُّوا يُرِيدُ أَنَّ هَذَا تَطَوُّعٌ مِنْهُمْ وَمَنْ تَطَوَّعَ بِشَيْءٍ أُخِذَ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَارْدُدْهَا عَلَيْهِمْ يُرِيدُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ وَقَوْلُهُ : وَارْزُقْ رَقِيقَهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنْ يُجْرِيَ لِرَقِيقِهِمْ رِزْقًا لِكَوْنِهِمْ فِي ثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ يُسْتَعَانُ بِهِمْ فِي الْحَرْبِ وَلَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ فَيُرْتَفَقُونَ بِالرِّزْقِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا مُكَافَأَةً لَهُمْ عَلَى تَطَوُّعِهِمْ بِالصَّدَقَةِ مِنْ رَقِيقِهِمْ.